الخطاب ٧٠

تبرعم شَجَرَة التِّين

" ٢٥ «وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ ٢٦وَﭐلنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. ٢٧وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. ٢٨وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هَذِهِ تَكُونُ فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ». ٢٩وَقَالَ لَهُمْ مَثَلاً: «اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ. ٣٠مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. ٣١هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ. ٣٢اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. ٣٣اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. ٣٤فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ فَيُصَادِفَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً. ٣٥لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. ٣٦اِسْهَرُوا إِذاً وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ». ٣٧وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ. ٣٨وَكَانَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ " (لوقا ٢١: ٢٥- ٣٨).

هذا هو الجزء الثاني من خطبة ربنا النبوية العظيمة التي ألقاها إلى تلاميذه خلال أسبوعه الأخير معهم قبل صلبه. الجزء الأول من هذه النبوءة حملنا إلى دمار أورشليم. كان الرب قد أخبر تلاميذه، بينما كانوا يبدون إعجابهم بالهيكل المذهل والأبنية الأخرى في أورشليم، "هَذِهِ الَّتِي تَرَوْنَهَا سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ". لقد تصوّر الأحوال التي ستؤدي إلى هذا، وختم حديثه بالقول: "مَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا". كل شيء حتى هذه اللحظة تحقق حرفياً، ودُمرت أورشليم عام ٧٠ م.، كما تنبأ يسوع. ولكنه وضع حداً تكون فيها مداسة خلالها. فقال: "تَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ (وليس إلى الأبد؛ وليس حتى نهاية العالم)". لقد رأينا أن عبارة "أزمنة الأمم" تشير إلى كل الفترة التي يخضع فيها اليهود لسيطرة الأمم. وحتى منذ أيام نبوخذنصر كانت هذه حالهم. وإذاً "أزمنة الأمم" استمرت على مدى أكثر من ألفي سنة. لا نستطيع أن نحدد متى ستأتي إلى نهايتها. حاول البعض وضع طريقة حسابية زمنية ما، ولكن أخفقت كل هذه المحاولات حتى الآن. إلا أنه يمكننا أن نكون على يقين بأننا نقترب سريعاً من نهاية أزمنة الأمم.

سيطرأ حادث مجيد من أجلنا قبل أن تأتي النهاية، وهذا الحادث لم يتكلم عنه يسوع في خطبته النبوية العظيمة هذه، ولكنه ذكره فيما بعد لتلاميذه عندما اجتمعوا معاً في ذلك المساء في العلية. قال: " أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ". في رسائل بولس نجد تفاصيل معلنة تتعلق بذلك الحدث. قبل أن تأتي أزمنة الأمم إلى نهايتها سيأتي يسوع في الهواء ليأخذ شعبه السماوي من هذا العالم. "الأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" (١ تس ٤: ١٦، ١٧). لا يذكر ربنا هذا الأمر هنا. لم يأتِ أوان إعلانه بعد. ولكنه يمضي فيشرح ما سيحدث عندما ستُكمل أزمنة الأمم. فتحدث أولاً عن علامات فلكية، "تَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ". هذه العلامات على حسب علمنا لم تبدأ بعد؛ ولكننا على يقين من ذلك، أن الناس الذين سيكونون على قيد الحياة في فترة بدء هذه الأمور سيرون هذه العلامات العظيمة المتعلقة بالأجرام السماوية. ثم تحدث يسوع بعد ذلك عن الأحوال التي ستسود على الأرض، "وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ". بمعنى محدود يمكننا القول أن هذه الأحوال تتبدى الآن: "كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ". وغالباً ما يُقال أن "الحَيْرَة" تعني حرفياً أنه "ما من منفذ": "كَرْبُ أُمَمٍ وما من منفذ". هذا أمر في غاية الأهمية. في هذا الوقت يحاول ساستنا وحكامنا في مختلف البلدان أن يشكلوا حلفاً ليحققوا عالماً بلا حروب ويضمنوا ازدهاراً مستمراً. ولكن من الواضح أنهم ورغم ذكائهم الشديد يواجهون صعوبات لا تُذّلل في الظاهر. ولكننا على يقين من هذا: الأحوال سوف لن تتحسن، والحروب ستستمر إلى أن يأتي الرب يسوع المسيح بالمجد.

يذكر يسوع أيضاً اضطرابات واختلاجات طبيعية عظيمة ستحدث. في مكان آخر نقرأ أنه ليس الأرض فقط ستهتز بل السماء أيضاً، "لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ" (عب ١٢: ٢٧). وهكذا يمكننا أن نكون متأكدين، على ضوء الكلمة النبوية، أن هذا العالم البائس سيكون مصيره مشؤوماً إذا ما نظرنا إلى قدرة الإنسان على تقديم المساعدة. وعندما تكون الأمور على أسوأ حال سيتدخل الله. "وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ". سوف يتسلم مقاليد الحكم ويؤسس ملكوت الله على أنقاض السلطات الأرضية المتبجحة المتفاخرة جميعها. يقول: "مَتَى ابْتَدَأَتْ هَذِهِ تَكُونُ فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ".

بالتأكيد لا يمكن أن تشير كلماته إلا إلى المجيء الثاني المنظور للرب يسوع المسيح. في سفر الرؤيا (١: ٧) نقرأ: "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ". هناك أناسٌ يعترفون بقبولهم للكتاب المقدس ومع ذلك فإنهم يخبروننا بأنهم لا يؤمنون بالمجيء الثاني حرفياً للمسيح. فهم يصرّون أن كل هذا سيكون له تحقيق روحي. ولكني أذكركم من جديد أن كل نبوءة لها علاقة بالمجيء الأول لربنا قد تحققت حرفياً، ولذلك فإن لنا كل الثقة بأن نعتقد أن كل النبوءات المتعلقة بمجيئه الثاني ستتحقق حرفياً أيضاً. سوف يرجع شخصياً إلى هذه الأرض، والعالم الذي كان قد رفضه سينحني أمامه، معترفاً بسلطته المطلقة. يخبرهم يسوع بشكل محدد جداً عن الوقت التي ستجري فيه هذه الأمور: ذلك سيحصل في نهاية أزمنة الأمم. يجب على المؤمنين بالرب يسوع ألا يكونوا منزعجين بسبب أحوال العالم الحالية. إننا نعلم أن الله يسيّر كل شيء بحسب مشورة إرادته الخاصة، ويمكننا أن نتكّل عليه ولا نخاف. عندما تبدأ هذه الآيات بالحدوث فإنها ستخبرنا أن مجيء الملك يقترب، وهكذا تتشجع قلوبنا ونحن نتطلع وننتظر عودة ربنا المبارك.

"وَقَالَ لَهُمْ مَثَلاً: اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ". شجرة التين كما تُستخدم في الكتب المقدسة ترمز إلى شعب إسرائيل. في سفر القضاة (في مثل يوثام)، هناك أربعة أشجار يتم ذكرها. وهذه هي شجرة الزيتون، وشجرة التين، والكرمة، والعلّيق. هذه الأشجار المختلفة جميعها هي في الواقع رموز لإسرائيل. شجرة الزيتون ترمز إلى إسرائيل في علاقة عهدها مع الله: إبراهيم هو الجذر، والأغصان تمثل أولئك الذين هم ذريته بحسب الجسد وبحسب الروح. في الدهر الحالي اقتُطعت الأغصان من شجرة الزيتون بسبب عدم إيمانهم، وأغصان الأمم البرية طُعّمت إليها. قبل بضعة سنوات سمعت باعتراض على هذا المثل التوضيحي. أستاذ رائد في اللاهوت كان يصر على أن بولس كان يجهل المبادئ الأولى للبستنة، وإلا لما تكلم عن تطعيم أغصان البرية إلى شجرة زيتون صالحة. أوضح أن العكس هو ما يجري. ولذلك فمن الحمق أن نفكر أن هذه قد كُتبت بوحي. الله لا يمكن أن يستخدم صورة سخيفة منافية للعقد كهذه ليعلّمنا حقائق روحية أو حقائق تدبيرية. ولكن لو كان ذلك الرجل الصالح قد قرأ كتابه المقدس بعناية أكثر لوجد أن بولس تكلم عن هذه الصور التوضيحية عن التطعيم في الأمم الذي كان "خلاف الطبيعة". لقد كان الرسول بولس يعلم أنه يستخدم مثلاً طبيعياً يتناقض مع الطبيعة، ويخبرنا بذلك. ولكن تلك هي الطريقة التي تعمل فيه النعمة. النعمة تخالف الطبيعة دائماً وأبداً. عندما تأتي نهاية هذا الدهر فإن الأغصان الطبيعية سيُطعم بها من جديد، وسيدخل إسرائيل إلى بركة العهد الجديد.

ولذلك فإن شجرة الزيتون تدل على شعب عهد الله. وترمز شجرة التين إلى شعب إسرائيل وقد أقامه الله في فلسطين لتمجيده. الكرمة ترمز روحياً إلى إسرائيل. أخرج الله كرمة من مصر وغرسها في كرم، شهود الرب في الأرض، و"انْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَباً فَصَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً" (أش ٥: ٢). بسبب ذلك، تمت تنحية إسرائيل لفترة من الزمن. قال يسوع: "أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ" (يو ١٥: ١). يتكلم عن أولئك الذين يعترفون بالإيمان به على أنهم أغصان الكرمة، الذين يجب عليهم أن يأتوا بثمار لله. ولكن سيأتي يوم، كما رأينا، عندما ستُختطف كنيسة الله، وبقية من إسرائيل سيبقون في العالم ليشهدوا لله. الرمز الآخر هو العلّيقة. هذه ترمز إلى إسرائيل بعيداً عن الله، كلعنة بدلاً من بركة للعالم. لقد كان قصد الرب أن يكون إسرائيل بركة لكل الأمم، ولكن لأنهم ابتعدوا الله فقد صاروا لعنة بدلاً من بركة بين الأمم. يوماً ما سيتغير هذا، وسيصبح إسرائيل وسيلة بركة لكل العالم.

الرمز الذي يشير إليه يسوع هنا هو شجرة التين. لقرون ظل بنو إسرائيل متفرقين ولم يكونوا شعباً واحداً. في نهاية الدهر ستبدأ شجرة التين بأن تزهر من جديد. سوف يُستعاد إسرائيل إلى العلاقة مع الله. سيكون هناك إسرائيل جديد، شعب متجدد، سيقود كل الأمم في تكرس للرب يسوع المسيح. شجرة التين تبدأ بالتبرعم. يوم الانعتاق قريب. "مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ". لكأنه يقول: "انظروا إسرائيل، وانظروا الحركات وسط الشعوب الأخرى". "كُلِّ الأَشْجَارِ"، تشير بلا شكّ، إلى الأمم في الرؤيا النبوية. إذ نرى هذه الأحوال تتطور ونلاحظ ما يجري بين الأمم، نستطيع أن نرى التحالفات الكبيرة التي سيكون لها دورها في الصراع الأخير قبل عودة الرب يسوع المسيح. سيستعيد إسرائيل مكانته عند الله. وها إن كثيرين منهم يرجعون إلى الرب. نهاية هذا الدهر قريبة. نهاية أزمنة الأمم ستأتي قريباً جداً. أحد الأدلة على ذلك هو تحرك وجدان اليهود وإحساسهم بأن الفضل في دخول الأمم إلى العلاقة مع الله هو بفضل تعاليم يسوع المسيح الناصري، الذي كان أحد أعظم الرابيين لديهم. إنهم يعترفون بأن آباءهم لم يفهموه وارتكبوا خطأ فظيعاً في رفضهم له ولكن المحزن هو أنهم يفكرون به فقط كمعلّم عظيم وليس كإله متجسد. ومع ذلك فإن أعين كثيرين تنفتح إلى المسيح، المسيا الموعود به، ابن الله؛ وجرت محاورات أكثر تحديداً ووضوحاً في الربع الأخير من القرن الماضي من سابقاتها. "هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ". ذاك الملكوت كان يشق طريقه إلى قلوب الناس منذ أن صعد ربنا إلى السماء ونزل الروح القدس إلى الأرض. وسرعان ما سيُعتلن هذا الملكوت بشكل صريح واضح.

"اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ". كان هناك جدال كثير حول معنى هذه الكلمات بالضبط. في تقديري، يقول الرب ببساطة أن ذلك الجيل في أيامه سوف لن يندثر إلى أن تكون كل هذه الأشياء قد تحققت. الله سيحفظ ذلك الجيل في العالم، رغم الأمر المحزن بأن الغالبية ستبقى في حالة عدم إيمان إلى أن تبدأ هذه الأمور بالحدوث.

"فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ فَيُصَادِفَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً". إذ يحذر الرب تلاميذه فإن علينا أن ننتبه إلى هذه الكلمات في قلوبنا، وإن كنا ننتظر مجيء ربنا يسوع المسيح ليجمعنا بنفسه. علينا أن ننتبه لئلا نصبح منشغلين بأمور هذا العالم، بأن نهتم بكسب الرزق وإحراز تقدم في العالم، بحيث نخفق في وضع المسيح أولاً في حياتنا وأن نحيا يوماً فيوماً مثل أولئك الذين ينتظرون رجوعه. "اِسْهَرُوا إِذاً وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ". هذه الكلمات لها تطبيق معين على أولئك الذين سيكونون على قيد الحياة في الأرض في أيام الضيقة العظيمة. مجيء ابن الإنسان هو الذروة، وهو متمايز دوماً عن مجيء الرب ليلاقي قديسيه في الهواء.

يُختتم الأصحاح بإخبارنا أن يسوع خلال الأسبوع الأخير من وجوده هنا على الأرض، "كَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ". لا نعلم إن كنا هذا يشير إلى بيت عنيا الواقعة على المنحدر الشرقي من جبل الزيتون، أم أنه يعني أنه كان يبيت في العراء؛ مهما يكن من أمر، لقد كان يترك المدينة وديانتها حيث كان منبوذاً في أورشليم، ولكن كان يأتي في الصباح الباكر إلى الهيكل حيث كان كثيرون يجيئون إليه ليسمعوه.