الخطاب ٦٦

استقبال الملك

"٢٨وَلَمَّا قَالَ هَذَا تَقَدَّمَ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٢٩وَإِذْ قَرُبَ مِنْ بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا عِنْدَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ ٣٠قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ. ٣١وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَحُلاَّنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هَكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». ٣٢فَمَضَى الْمُرْسَلاَنِ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. ٣٣وَفِيمَا هُمَا يَحُلاَّنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: «لِمَاذَا تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟» ٣٤فَقَالاَ: «ﭐلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». ٣٥وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ وَأَرْكَبَا يَسُوعَ. ٣٦وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. ٣٧وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا ٣٨قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!». ٣٩وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ». ٤٠فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!». ٤١وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا ٤٢قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً حَتَّى فِي يَوْمِكِ هَذَا مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. ٤٣فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ٤٤وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ». ٤٥وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ ٤٦قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ أَنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ». ٤٧وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ ٤٨وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقاً بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ" (لوقا ١٩: ٢٨- ٤٨).

نأتي الآن إلى الأيام الأخيرة للرب على الأرض. لاحظوا في الجزء الأول من هذا المقطع كيف كان الرب حريصاً على تحقيق كل ما كُتِبَ عنه في الأنبياء. في سفر زكريا (٩: ٩)، كُتِبَ قبل حوالي خمسمئة سنة أن الملك سيأتي راكباً على حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ، "اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ".

مقترباً من أورشليم، مرّ يسوع على بيت عنيا الواقعة على منحدر جبل الزيتون. قال لتلاميذه: "اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ". لقد كان الكلي العلم، وكان يعرف تماماً أين سيجد التلاميذ الحمار. قال لهم: "وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَحُلاَّنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هَكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ". هذا المهر كان مجرد بهيمة أبكم مغفل، ولكنه عرف صاحبه. نقرأ في أشعياء ١: ٣: "اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ". المخلوقات الأدنى تسلك في خضوع لإرادة الرب. وحده الإنسان من بين مخلوقات الله- الإنسان، الذي خُلق أدنى قليلاً من الملائكة، مع قدراته اللافتة، وملكته الفكرية الرائعة- يضع نفسه في معارضة لمشيئة الله. أرسل يسوع تلاميذه إلى هناك ليأتوا بهذا المهر، ونقرأ أنه "لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَد". لقد كان مهراً غير مطوع. كما تعلمون، في العادة، يتطلب الأمر من الفارس بعض البراعة ليطوع مهراً، ولكن هنا نجد هذا المهر غير المطوع في حالة خضوع تام لإرادة خالقه. ذاك الذي كان سيمتطي المهر كان الخالق الذي بقدرته أتى المهر إلى الوجود. "فمَضَى الْمُرْسَلاَنِ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. وَفِيمَا هُمَا يَحُلاَّنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: لِمَاذَا تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟" فأجابا كما أمرهما الرب، فوافق أصحاب الجحش على أن يأخذاه ويستخدماه كما رغب يسوع. "وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ وَأَرْكَبَا يَسُوعَ". وهكذا بدأ ما يسمى "دخوله الظافر"، ورحب به الناس كملك عليهم وهم يرافقونه إلى داخل المدينة. "وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا قَائِلِينَ: مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!" وهكذا يتحقق نص كتابي آخر بينما يصنع الناس كل هذا. فقبل سنين طويلة مضت، في المزمور ١١٨ (الآية ٢٦)، كُتب أن الشعب سيحيّون ملكهم صارخين وقائلين: "مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ". وهكذا هتف تلاميذه والأطفال الصغار الذين سمعوا بالملك الموعود، بفرح وهو يدخل إلى مدينتهم، لأنهم ظنوا أنه سيؤسس ملكوته في الحال. كان عليهم أن يتعلموا أنه ما كان ليمكن أن يكون له ملكوت قبل الصليب؛ أن عليه أن يموت عن خطايانا قبل أن يستطيع تأسيس عرشه بقوة ومجد. ولذلك ففي الآية التالية من المزمور ١١٨ (الآية ٢٧) نقرأ: "أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إِلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ". وكان عليه أن يقدّم نفسَه ذبيحة عنا قبل أن يستطيع أن "يأخذ قوته العظيمة ويحكم".

رؤساء الدين في ذلك الشعب الذين اعترفوا بأنهم كانوا ينتظرون المسيا كانوا خارج هذا التناغم. لقد نظروا بسخط إلى ما يجري، والتفتوا إلى الرب نفسه وقالوا: "يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ". كانوا يريدون منه أن يرفض وينكر الادعاءات المفرطة، على حسب اعتقادهم، التي كان التلاميذ يقولون بها عن المسيح. ولكن يسوع، وبدلاً من أن يوبخ تلاميذه، وبّخ المنتقدين وقال: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!". أولئك الذين رحّبوا به بصرخات فرح تصرفوا كما تنبأت الكتب المقدسة. لقد تم التنبؤ من قِبل الله بأنهم سيستقبلونه على ذلك النحو. ولو لم يفعلوا ذلك لكانت الحجارة ستصرخ مرحّبة بالملك المجيد. وهكذا دخل المدينة، ولكنه لم يجد العامة على استعداد لاستقباله. "إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ". "خاصته" مُحَيَّرة ليست بالمُذكَّر ولا بالمؤنَّث. الأولى هنا تشير إلى "ما يخصه من أشياء". والثانية شخصية وتشير إلى "أناسه الخاصين به". والمعنى "جَاءَ إِلَى ما يخصّه، وَأناسه الخاصين به لَمْ يقْبَلوه". ها إننا نراه هنا آتياً إلى مدينته، وإلى هيكله بالذات، وإلى شعبه الخاص- الشعب الذي كان ما برح ينتظره طويلاً جداً- ولكن لم يستقبله. إذ كان يعرف تماماً ما سيكون عليه موقفهم، انفطر فؤاده وهو ينظر إلى تلك المدينة ويدرك ما سيعانيه إسرائيل بالتأكيد في القرون الآتية كما في المستقبل القريب. فبكى على المدينة. لقد رأى، كما لم يستطع أحد آخر أن يفعل، كل الخطيئة والإثم الذي كان يمارسه أهل أورشليم. هذه هي أحد المرات الثلاث التي يُقال أنه بكى فيها. يا له من منظر محزن تتبدى عليه أي من مدننا العظيمة الحالية في عيون ربنا التي ترى كل شيء إذ ينظر إليها اليوم! فتحت كل تلك الفخامة الظاهرة في البناء المعماري، والمنتزهات الجميلة، والمدارس، والأماكن التجارية العظيمة، ترى عيناه القدوستين كل الخطيئة المخفية، والأنانية، والشهوات المطلقة العنان، والرذيلة والفساد، والنفاق وقسوة الوجدان التي تصرخ بصوت عالٍ مطالبة بالدينونة الآن كما الشرور التي تم التساهل معها في أورشليم استصرخت الله لأجل الدمار قبل زمن طويل. كانت أورشليم هي المدينة التي اختارها الرب ليضع اسمه هناك؛ والتي رُفض فيها. لقد فضّل رجالها ونساؤها أن يستمروا في طرقهم الفاجرة الخاصة. وإذ بكى على المدينة قال: "إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً حَتَّى فِي يَوْمِكِ هَذَا مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ". "لَوْ عَلِمْتِ"! ولكنهم لم يعلموا. تلك كانت المشكلة مع الشعب آنذاك، وتلك هي المشكلة مع الشعب الآن: إنهم لا يعلمون. هناك رثاء مهيب في تفجع الرب هذا. لربما عرفوا، ولكن لم تكن لديهم رغبة بأن يفهموا، وهكذا توجب أن يتألموا لأجل جهلهم المتعمد. نقرأ أن بطرس قال للناس فيما يتعلق بصليب ربنا: "بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ". لم يفهموا هم ورؤساء هذا العالم. "لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ". في يوم الدينونة سوف لن نستطيع أن نقول: "لم أعرف من كان يسوع". لدينا الكلمة؛ سمعناها مراراً وتكراراً. شعب إسرائيل لم يعرف، ولأنهم لم يعرفوا، فقد حققوا ما جاء في كتبهم المقدسة برفضهم المسيا الآتي إليهم. "لَوْ عَلِمْتِ". كان الآوان قد فات! كانوا قد قسّوا قلوبهم ضده؛ لقد رفضوا نعمته مزدرين بها. والآن دينونتهم هي على الطريق. لقد قال: "سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ". لقد تنبأ بأن الجيوش الرومانية تحت حكم تيطس ستحيط بالمدينة وتقطع كل موارد المؤونة عن أهلها المحاصرين. لقد رسم يسوع تصويرياً ما صار فعلياً في التاريخ بعد أربعين سنة. لقد تحقق كل ذلك حرفياً عندما حاصر الجنود الرومان المدينة ودخلوا إليها أخيراً ودمروا أبنيتها العظيمة كما كان يسوع قد تنبأ. "يَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ". فكروا في هكذا قول! بينما كان التلاميذ ينظرون إلى تلك المدينة الضخمة بأبنيتها الفخمة والرائعة، والرب يسوع جرأ على القول أنه ما من حجر سيبقى على آخر! لا بد أن الأمر بدا، حتى بالنسبة إلى تلاميذه، وكان كلماته لن تتحقق حرفياً أبداً، ومع ذلك ففي الوقت المعين، نُفذت حرفياً فيما يتعلق بأورشليم التي صارت مجرد كومة من الركام. قبل زمن طويل كان الله قد أعلن أن "لِذَلِكَ بِسَبَبِكُمْ تُفْلَحُ صِهْيَوْنُ كَحَقْلٍ وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَباً وَجَبَلُ الْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ" (ميخا ٣: ١٢). كلمة الله لا تخفق أبداً. كل ما أعلنه يجب أن يحصل بالتأكيد.

لاحظوا سبب كل هذا: "لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ". الله نفسه جاء إليهم بشخص ابنه، ولكنهم لم يدركوا ذلك. أخي غير المخلّص، هذا هو الوقت الذي يزورك فيه الله، فإن ترفضه، ستقف يوماً ما أمامه في الدينونة، لأنك لم تعرف يوم افتقادك.

"وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ أَنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ»". في ذلك الهيكل كان كل شيء يشير إليه. لقد كان يسلك كابن في بيته الخاص (عب ٣: ٦) في طرده لأولئك الذين حوّلوا إلى تجارة ذلك البيت الذي كان مخصصاً للصلاة لكل الأمم. كان من المفترض تأمين وسائل الراحة للزوار الآتين من الأراضي البعيدة بواسطة الصرّافين وبائعي الحمام وغيرهم، في باحات الهيكل، ولكن بسبب الاشتهاء جعلوا من هذه الأشياء تجارة لهم وهكذا أهانوا الله.

من ذلك الوقت راح يعلّم الناس في ذلك الهيكل إلى أن جاء الوقت الذي حان فيه أن يقدم على الصليب. لكن الرؤساء راحوا يسعون لإهلاكه؛ ولم يعرفوا ما يفعلون، لأن الشعب كان مهتماً لسماعه ومنجذباً له. وبالتأكيد فإن كثيرين من الذين سمعوا كلماته وسط الجموع قد جاؤوا إلى الإيمان به في نهاية الأمر، ولعله من المؤكد أن عدداً منهم كانوا بين الجمع الكبير في يوم الخمسين عندما قبله كثيرون كمخلّص واعترفوا به رباً لهم.