الخطاب ٤١
إساءة فهم يسوع
"١٤وَكَانَ يُخْرِجُ شَيْطَاناً وَكَانَ ذَلِكَ أَخْرَسَ. فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ. ١٥وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». ١٦وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. ١٧فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. ١٨فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضاً يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. ١٩فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ. ٢٠وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. ٢١حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحاً تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. ٢٢وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. ٢٣مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. ٢٤مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ ٢٥فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوساً مُزَيَّناً. ٢٦ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!» ٢٧وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضَعْتَهُمَا». ٢٨أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»" (لوقا ١١: ١٤- ٢٨).
هناك خمس أقسام في هذا الجزء من الكتاب المقدس. الأول، في الآيات ١٤- ١٦، لدينا الرب يخرج شياطين، وعجب الناس والأفكار الشريرة التي دارت في رؤوس أعدائه- وبالتأكيد الفريسيين الذين كانوا يراقبون. ثانياً، في الآيات ١٧- ٢٠، يتكلم ربنا مع الفريسيين. ثالثاً، في الآيات ٢١- ٢٣، لدينا مثل الإنسان الأقوى الذي ينزع سلاح القوي. في الآيات ٢٤- ٢٦، لدينا مثل الروح النجسة التي تُلقى خارجاً، والبيت الفارغ. ثم في الآيات ٢٧ و٢٨ لدينا كلمات ربنا إلى المرأة التي أعطت كرامة ومجداً لأم يسوع. لقد رفض أي شيء من هذا القبيل، لأن إرادة الله تفرض علينا ألا نضع الأم مكان ابن الله.
في الجزء الأول إذاً، لدين الرب يسوع، كالمعتاد يخدم بالرحمة والنعمة لتلك النفوس المحتاجة، ومن بين الآخرين، كان أحد فيه شيطان. كان الشيطان له سيطرة على ذلك الإنسان حتى أنه كان عاجزاً عن الكلام. ولكن عندما أخرج الرب الروح الشريرة من الإنسان تكلم بحرية وبارتياح، وتعجب الناس مما حدث. ولكن بينما كانوا منذهلين لرؤية ما حدث، لم يدركوا حقيقة أن نبياً عظيماً قد أقام وسطهم، ولم ينتبهوا إلى ذاك الذي وقف في وسطهم ليُظهر لهم الطريق إلى الله. ولذلك فقد كانوا يحاولون أن يجدوا خطأً في كل ما يفعل. لقد كانوا يسيئون فهمه وبشكل متواصل، وخاصة لأنهم لم يرغبوا بأن يعرفوا الحقيقة. كم من أناس هناك في يومنا هذا يحاولون أن يجدوا أخطاء في الكتاب المقدس، وفي المسيحية، وفي الرب يسوع المسيح، ولكن بدون أن يحاولوا أن يبدوا أي مجهود ليكتشفوا الحق. إنهم نادراً ما ينظرون إلى صفحات الكتاب المقدس؛ ولا يبدو أنهم يريدون أن يكتشفوا ما يريد الله أن يقوله. إنهم ليحضرون الاجتماعات حيث تُسمع كلمة الله ويُكرَز بها، أو ويلاحظوا ما يجرب؛ ومع ذلك فإنهم يصرون على أن يجدوا أخطاء في تعاليم الكتاب المقدس الذي لم يفتحه أبداً على الإطلاق. أعتقد أن أحد أفضل الطرق لإسكات الناس كهؤلاء هو بأن نتحداهم لأن يبحثوا في الكتاب المقدس بأنفسهم وان يجدوا الحقيقة. غالباً ما نسمع مثل هذا القول: "أسمع واعظاً يعلّم كذا وكذا"، أو "يعلّم الكتاب المقدس كذا وكذا". علينا أن نسألهم: "هل قرأتم الكتاب المقدس؟" سوف تجدون أنهم لا يعرفون الكتب المقدسة التي يجدون فيها أخطاء. وهكذا كان الحال عندما كان ربنا هنا. لم تكن لديهم رغبة بأن يفهموه؛ لم تكن لديهم أية فكرة بأن يأخذوا رسائله جدياً. لقد صمموا في أذهانهم وقرروا أنه لا يمكن أن يكون المسيا، ولذلك فكل ما فعله وقاله أساؤوا تفسيره. وحتى عندما أظهر قوته القديرة بطرد الأرواح الشريرة، قال البعض: "بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ". لقد كان الأمر كأنهم يقولون أن تلك الأرواح الشريرة خاضعة إلى قائد، وهذا أمر حقيقي تماماً وكانوا ينادون ذلك القائد "بَعْلَزَبُولَ"، والذي هو اسم آخر لإبليس. كان أحد أسماء الآلهة الفينيقية هو بعلزبول، والذي يعني "سيد الذباب". هكذا شعوب وثنية كانت لديه آلهة لكل شيء. هؤلاء اليهود كانوا يقولون حقاً أن الرب يسوع كان قادراً على أن يطرد الأرواح الشريرة لأنه كان متحالفاً مع رئيس الشياطين، وأن رئيس الشياطين أعطاه سلطة، وأن الشياطين كانت تطيعه. ليس من دليل على ذلك. هم لم يتقصّوا أبداً. لم يكلّفوا أنفسهم عناء التكلم معه بخصوص ذلك. لم يتمحّصوا في المسألة، بل قفزوا إلى الاستنتاجات مباشرة. وهكذا الناس عادة يقفزون إلى الاستنتاجات. لقد أُسِيءَ فهم يسوع دائماً. هؤلاء الناس كانوا مرائين. كانوا يحاولون أن يغطوا خطاياهم بعباءة من البر المزعوم، وعندما كشف يسوع رياءهم أبغضوه لأجل ذلك.
تذكرون قصةَ شيخةِ القبيلة الأفريقية في أيام روبرت موفات. كتب في مدوناته أنه في أحد الأيام كانت ستزوره هذه الشيخة، ولذلك فقد ارتدى ثيابه ورتب هندامه على أكمل وجه لكي يلتقي بها وجاءت مرتدية ثيابها في أبهة همجية. وإذ راحت تتكلم معه صدف أن رأت مرآة معلّقة على شجرة خارج باب كوخه. لم تكن قد رأت شيئاً مثل هذا من قبل. فخرجت لتتفحصها، وما رأته أجفلها. لقد أبصرتْ أبشعَ وجه رأته على الإطلاق. نظرت إلى الجانب الآخر من المرآة فلم ترَ شيئاً. ثم سألتْه أن يفسر لها الأمر. وجه من كان ذلك الوجه الفظيع البشع في المرآة؟ أوضح لها أن ذلك الوجه كان وجهها. وعندما اقتنعت أخيراً أن كلامه صحيح، طلبت منه المرآة. لم يكن يريد أن يعطيها إياهاً؛ لقد كان بحاجة إليها لكي يحلق، ويشذّب ويسرّح شعره. ولكنها كانت مصرة وعرضت عليه أن تشتريها منه مقابل أنياب فيل أو أي شيء ذي قيمة. ففكر أنه من الأفضل له أن يكون على علاقة طيبة معها ولذلك فقد باعها إياها. وعندما أخذتها ألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة وحطمت المرآة إلى ذرّات على الأرض، معلنة أنها سوف لن تفضح قبحها من جديد. هذا يوحي بما كان هؤلاء المراؤون يحاولون دائماً أن يفعلوه في إيجاد خطأ ما مع ربنا. نقرأ في إنجيل يوحنا أن النور الحقيقي يعطي النور لكل إنسان، أو، حرفياً، يلقي الضوءَ على كل إنسان يأتي إلى العالم. كان شرهم يظهر على ضوء نقائه وقداسته، ولذلك اتهموه بأنه على تحالف مع رئيس الشياطين. لقد حاولوا أن يجرّبوه بأن طلبوا منه آية من السماء: "إن كنتَ فعلاً ما تدعي، فافعل كما فعل إيليا- مُرْ بأن تنزل نارٌ من السماء". ولكن ربنا لم يصنع أي معجزة لكي يُشبعَ فضولَ أحد، بل فقط ليسد حاجات الفقراء والتعساء والمتألمين من البشر. لذلك أخبرهم أن: "كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟" إن كان ما يؤكدون عليه صحيحاً، يكون إبليس عندها يحاول أن يدمّر مملكته ذاته. قال الرب يسوع: "إنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ ها هنا بطرس ويعقوب ويوحنا وبقية الرسل، الذين يستطيعون هم أيضاً طرد الشياطين. تقولون أني أُخرج الأرواح الشريرة بقوة الشيطان، إذاً فأنتم تقولون ذلك على أولادكم أنفسهم أيضاً".
"حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا،تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ". من السهل أن نرى من هو الرجل القوي، إبليس نفسه، الذي أبقى على البشرية في حالة عبودية لقرون، نعم، لآلاف من السنين؛ ولكن عندما جاء يسوع إلى العالم قيّد الرجل القوي. عندما جاء إبليس يجرب يسوع في البرية قابلة الرب في كل مرة بنص من الكتاب المقدس. لقد حطم قوة إبليس في حياة الناس الذين كانوا عبيده التعساء البؤساء. والآن جاء دورنا لنقف في صف يسوع ضد إبليس. "مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ". أنتم تعرفون ما صنعه يسوع لكم: لقد حرركم من قوة الخطيئة. انتم تعرفون أنه كسر أغلال العادات التي كانت تقيدكم؛ ولكن هل تسلّمون حياتكم له كلياً؟ هل اتخذتم مكانتكم بالنسبة إلى يسوع، معترفين به أمام العالم ليس فقط مخلّصاً لكم بل أيضاً ربا؟
ثم يأتي مثل الروح النجس ليظهر خطر الاعتراف بالولاء خارجياً ظاهرياً ليسوع، وبينما لا يكون هناك شيء من هذا في القلب. "مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!" يشبه يسوع جسد وروح الإنسان ببيت سكنت فيه روح الشر. بعد أن طُرد الروح النجس من البيت، صار البيت فارغاً، لأن روح قدس الله لا يأتي إلى الإنسان الذي لم يقبل المسيح. ويصور يسوع الشيطان خارجاً إلى البرية يسعى وراء مسكن، متجولاً عبر الأماكن النائية المعزولة ليجد مسكناً ولكن لا يجد. في النهاية يقول: "أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ". عندما يعود يجد البيت مكنوساً ومزيناً. ليس من أحد يسكن فيه. ربما ليس هناك عادات شريرة في ذلك البيت أو في حياة أولئك السكان، ولكن المسيح لم يجد مسكناً له؛ ولذلك فإن الروح الشرير يقول: "سوف آخذ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ، ولسوف ندْخُل وَنسْكُنُ هُنَاكَ". وهكذا الحالة النهائية لذلك الإنسان تصبح أسوأ من الأول بكثير. كان هذا تطبيقاً خاصاً على بني إسرائيل. روح نجاسة العبادة الوثنية أُخرجت من إسرائيل، بنتيجة السبي البابلي. أرسلهم الله إلى بابل ليشفيهم من الوثنية. أخفقوا في كل شيء، ومع ذلك لم يعودوا إلى العبادة الوثنية. ومنذ ذلك الحين وعبر العصور، حافظ إسرائيل على اعترافه، "الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ". كان البيت فارغاً، مكنوساً ومزيناً عندما أرسل الله ابنه المبارك ليجلب الخلاص لجميع من يؤمنون به. لم يقبلوا به، ولذلك فإن تمرد بني إسرائيل بقي على نفس الحالة الفارغة منذ ذلك الحين. وسيأتي يوم عندما ستعود الروح الشريرة للوثنية إلى ذلك الشعب، مع سبعة أرواح أخرى أشر من الأولى. في الضيقة العظيمة سيُسلّم إسرائيل إلى فساد أسوأ مما عرفوه قبلاً، عندما يقبلون ضد المسيح بدلاً من مسيح الله. يا له من أمر خطير عندما تحرر البيت من العادات الشريرة ولم يُسلّم أمره للمسيح! ما لم يأتِ إلى البيت ويتملك عليه فإن التحرر من بعض العادات الشريرة لا يكفي. نقول: "الطبيعة تمقت الفراغ"، وهذا صحيح في العالم الروحي أيضاً.
"وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ:«طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا هُوَ فَقَالَ:«بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»". لكأن المرأة كانت تقول: "مباركة هي أمّك". وأما هو فقال على الفور: "بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ". وكان هناك عبر العصور ميل لوضع الأم في مكانة المخلّص، وأن ويجعلوا مريم الوسيطة، معطين إياها المكانة التي تخص المسيح وحده. "يُوجَدُ .... وَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ". إن الرب لا يمكن أبداً أن يجعلنا للحظة نعبد أمه، مع أنها مباركة؛ ولكنه يعلن بركة خاصة على أولئك الذين يكرمون ويطيعون كلمة الله. ألا فلنأخذ رسائله إلى القلب ونسلك في خضوع للكتابات المقدسة، غير مستبدلين إرادته المعلنة بتقاليد بشرية.