الخطاب ٦٨

يسوع يفنّد مستجوبيه

" ٢١ فَسَأَلُوهُ قَائِلِين: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ. ٢٢أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» ٢٣فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ ٢٤أَرُونِي دِينَاراً. لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا وَقَالُوا: «لِقَيْصَرَ». ٢٥فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ». ٢٦فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ الشَّعْبِ وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا. ٢٧وَحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ الَّذِينَ يُقَاوِمُونَ أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَسَأَلُوهُ قَائِلِين: ٢٨«يَا مُعَلِّمُ كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ يَأْخُذُ أَخُوهُ الْمَرْأَةَ وَيُقِيمُ نَسْلاً لأَخِيهِ. ٢٩فَكَانَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. وَأَخَذَ الأَوَّلُ امْرَأَةً وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ ٣٠فَأَخَذَ الثَّانِي الْمَرْأَةَ وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ ٣١ثُمَّ أَخَذَهَا الثَّالِثُ وَهَكَذَا السَّبْعَةُ. وَلَمْ يَتْرُكُوا وَلَداً وَمَاتُوا. ٣٢وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضاً. ٣٣فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ!» ٣٤فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هَذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ ٣٥وَلَكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذَلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ ٣٦إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضاً لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ. ٣٧وَأَمَّا أَنَّ الْمَوْتَى يَقُومُونَ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضاً فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. ٣٨وَلَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ». ٣٩فَأَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَقَالُوا: «يَا مُعَلِّمُ حَسَناً قُلْتَ!». ٤٠وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا أَيْضاً أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ. ٤١وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ ٤٢وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْمَزَامِيرِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي ٤٣حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. ٤٤فَإِذاً دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً. فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟” ٤٥وَفِيمَا كَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ يَسْمَعُونَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: ٤٦«ﭐحْذَرُوا مِنَ الْكَتَبَةِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ وَيُحِبُّونَ التَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. ٤٧اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هَؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!» " (لوقا ٢٠: ٢١- ٤٧).

في هذا الجزء نجد ربنا يسوع المسيح في جدل مع خصومه. طرح رؤساء اليهود سؤالين؛ ثم سؤال من الرب نفسه، وبعدها يأتي تحذير جليل للغاية.

السؤال الأول يتعلق بمال الجزية. نعلم من الآية ١٩، "طَلَبَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ أَنْ يُلْقُوا الأَيَادِيَ عَلَيْهِ". إذاً كانوا يراقبونه. وأرسلوا جواسيس عليه، وكانوا يريدون أن يجدوا عليه خطيئة ما يستطيعون بها أن يقبضوا عليه. كان هذا هو السبب وراء أسئلتهم، التي وضعها له أناس كانوا يرغبون في أن يوقعوه في الشرك. في الحادثة الأولى حاولوا أن يجعلوه يقول شيئاً يجعله في موقع معارضة للحكم الروماني. لقد كانوا هم أنفسهم يكرهون تلك الحكومة، وكانوا ليسرون إذا ما قُلبت وتحرر اليهود كشعب. ولكنهم استغلوا هذه الفرصة ليحاولوا أن يظهروا الرب يسوع معارضاً للمثلي تلك الحكومة: "فَسَأَلُوهُ قَائِلِين: يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ". لقد كان هذا مجرد إطراء. لو أنهم كانوا يؤمنون بما يقولون لكانوا قد انتبهوا إلى كلماته. لقد خاطبوه بهذه الطريقة لكي يجعلوه يدين نفسه، "نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ". ثم طرحوا السؤال: "أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟" بكلمات أخرى، لكأنهم كانوا يقولون: "هذه أرض بني إسرائيل. نعلم أن الله كان قد أعطى هذه الأرض إلى إبراهيم، أبينا، وإلينا، نحن ذريته. هل للرومان الحق بأن يتسلطوا علينا وأن يجمعوا الجزية منا؟ هل من الحق أن نلبّي مطالبهم وندفع الضرائب، ونقدم الجزية إلى قيصر؟" "فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ أَرُونِي دِينَاراً. لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا وَقَالُوا: «لِقَيْصَرَ»". الكلمة المترجمة "ديناراً" هنا أكثر قيمة بكثير من السنت أو البنس. وكان الدينار عملة معدنية أصغر حجماً من قطعة الـ ٢٥ سنتاً التي لدينا ولكن كانت له قيمة شرائية أكبر بكثير في تلك الأيام. قال لهم يسوع: "أَرُونِي دِينَاراً" فناوله أحدهم واحداً. ألم يكن مع يسوع دينار؟ على الأرجح لا. لقد تنازل ليصير من أفقر الفقراء لكي يجعلنا أغنياء. تذكرون في مناسبة أخرى كانت هناك حاجة إلى دينار لدفع ضريبة الهيكل؛ ولذلك فقد أرسل الرب بطرس لينزل إلى الشاطئ وأمره أن يلقي خيط صنارته ويصطاد سمكة. وأخبره أنه عندما سيلتقط السمكة ويفتح فمها سيجد فيه ديناراً. عندما أطاع بطرس، وألقى الصنارة أمسك سمكة ووجد فيها الدينار. من الواضح أن أحدهم أضاع تلك العملة النقدية على ظهر قارب، وأن هذه السمكة، إذ رأته يغوص في الماء، اندفعت نحوه وابتلعته، واستقر في حلق السمكة؛ وبقي هناك في انتظار دفع ضريبة الرب عندما جاء الوقت المناسب. يبدو أن الرب لم يكن معه أي دينار هذه المرة، فقال: "أَرُونِي دِينَاراً"، فأعطوه واحداً. فنظر إليه وسألهم: "لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟” الكثير من هذه الدنانير التي تحمل صورة الأباطرة نجدها اليوم في مجموعات مختلفة في مختلف متاحفنا العظيمة. لقد "أَجَابُوا وَقَالُوا: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ»". لم يكن لديهم مانع من استخدام مال قيصر؛ كانوا على استعداد لأن يربحوا به. ثم عليهم أن يدفعوا هكذا ضرائب إلى قيصر كما كان يطلب. كان عليهم أن يعترفوا أن "السَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ".

المبدأ الذي وضعه الرب ينطبق علينا اليوم. نحن المسيحيون نعرف أن الله هو من يقيم حاكماً ويقيل آخر؛ هو الذي يسمح بوجود أي نوع من الحكم. ولذلك فإننا ندفع الضرائب كما يطلبها حكام الأرض التي نعيش فيها. علينا أيضاً أن نتذكر أننا مواطنون سماويون، أننا نخص الله في السماء. علينا أن نعطي قيصر الأشياء التي تخص قيصر، وأن نقدم لله الأمور التي تخصه. لقد كان يسوع يعرف جيداً أن هؤلاء الكتبة كانوا يحاولون أن يوقعوه في شرك يدين به نفسه فيتهمونه، ولكن كلماته أسكتتهم. "لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ الشَّعْبِ وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا".

إذ أُسكتوا وأُفحموا حول هذه النقطة أتوا إليها بعدها بسؤال عقائدي: "حَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ الَّذِينَ يُقَاوِمُونَ أَمْرَ الْقِيَامَةِ". في ذلك الوقت كانت هناك عدة طوائف يهودية مختلفة؛ تُذكر اثنتان منها بشكل محدد في الكتابات المقدسة، الفريسيون والصدوقيون. كان الفريسيون هم الفريق الأكثر تشدداً في إسرائيل. لم يكن الصدوقيون يؤمنون بالملائكة أو الأرواح، بل بقيامة الجسد. أما الفريسيون فكانوا يعترفون بكل هذه الأشياء. ولذلك فقد كان هناك صراع دائم بينهما بسبب اختلاف مواقفهم العقائدية. لقد كان هناك جماعة من الصدوقيين هم الذين طرحوا على الرب هذا السؤال الذي اعتقدوا أنه مربك محير جداً. "يَا مُعَلِّمُ كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ يَأْخُذُ أَخُوهُ الْمَرْأَةَ وَيُقِيمُ نَسْلاً لأَخِيهِ". لقد كان ذلك بحسب ناموس موسى. إن كان إسرائيلي قد تزوج ومات ولم يترك أولاداً ليرثوا ممتلكاته، فقد كان لأخيه الحق، إذا أراد ذلك، أن يأخذ مسؤولية الزواج من الأرملة. وإذا نتج عن هذا الزواج أولاد، فإن الولد الأول سيرث ممتلكات الزوج المتوفي وكأن الولد كان ابنه. افترض الصدوقيون حالة تزوج فيها سبعة إخوة الواحد تلوَ الآخر من امرأة واحدة وماتوا جميعاً بدون أولاد. على الأرجح أن القصة كلها كانت ملفقة بغاية أن يقدروا إظهار عبثية القيامة بالجسد، على حسب ظنهم. ولذلك طرحوا هذا السؤال، "فِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ!". لم يرتبك الرب يسوع؛ لم ينزعج من السؤال. التفت إليهم وقال: إنكم "تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ" (مت ٢٢: ٢٩). كم من مرة نضل لأننا لا نعرف الكتاب المقدس ونتجاهل قوة الله! لو كنا نعرف كتابنا المقدس بشكل أفضل لقلت الأسئلة التي نطرحها. ولو أدركنا قوة الله بشكل أكثر تحديداً لما كنا مشوشين كما نحن في أغلب الأحيان. لم يعرف الصدوقيون الكتب، ولم يدركوا قدرة الله الكلية. أضاف يسوع قائلاً: "أَبْنَاءُ هَذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ وَلَكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذَلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضاً لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ". عندما صار ربنا إنساناً جُعل "أدنى قليلاً من الملائكة". الإنسان في النظام الحالي هو أنى من الملائكة الذين هم أعظم في القوة والمقدرة؛ ولكن في القيامة سيكون المفديون معادلين للملائكة. سوف لن نبقى أقل أو أدنى منهم، لأننا سنكون أولاد الله بمعنى واضح، بل حتى أولاد القيامة. كان الصدوقيون ينكرون كل هذا، "وَأَمَّا أَنَّ الْمَوْتَى يَقُومُونَ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضاً فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. وَلَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ". ولكن أين القيامة من هذا الحديث؟ حسنٌ، إبراهيم وإسحاق ويعقوب لم يتلاشوا من الوجود؛ لم ينقرضوا من خلال الموت؛ لا يزالون أحياء. لم يقل الله لموسى أنه كان إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب عندما كانوا هنا في هذا العالم. لقد قال: "أنا إله إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب". وشرح يسوع هذا بشكل واضح. وهكذا فإن أعزاءنا في المسيح الذين تركونا ليسوا غائبين تماماً عن الوعي: إنهم يحيون لله؛ هو يعرفهم جيداً وهم يعرفونه، وإنهم يتمتعون بشركة مباركة معه. من الضروري أن تكون هناك قيامة لإبراهيم وإسحاق ويعقوب، لأن الله قطع وعداً لهم لم يتحقق. قد وعدهم بأرض كنعان، ولكنهم ماتوا قبل أن يصلوا إليها. فسكنوا في الأرض كغرباء، ولكن الله سيحقق وعده عندما يعيدهم من الموت. وهكذا أسكت الرب هؤلاء الصدوقيين. "فَأَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَقَالُوا: «يَا مُعَلِّمُ حَسَناً قُلْتَ!». وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا أَيْضاً أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ".

ثم سألهم سؤالاً ما كانوا ليستطيعون أن يجيبوا عليه ما لم يكونوا على استعداد لأن ينحنوا أمامه ويقبلونه باعتباره المسيا والمخلّص. "قَالَ لَهُمْ: كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ". لماذا يقول الكتبة أن المسيا هو ابن داود؟ تقول الكتب ذلك في أماكن عديدة. في المزمور ١١٠ (الآية ١) نقرأ: "قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجلس عن يميني فأضع أعداءك موطئ قدميك". من المسلّم به أن هذا المقطع يشير إلى المسيا، الفادي الآتي. كتب داود ذلك، وهناك يدعو داود المسيا ربّه. يقول: "«قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي». «إِذاً دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً. فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟»". لو كانوا قادرين بالإجابة على هذا السؤال بذكاء وفطنة، لتمت تسوية كل حقيقة مسيانية يسوع. الجواب هو هذا: إنه رب داود لأنه الله الأزلي الأبدي؛ وهو ابن داود لأنه صار إنساناً، واختار أن ينزل إلى هذا العالم مولوداً من ابنة من نسل داود، العذراء مريم المباركة. ولذلك فإنه بآن معاً ابن داود ورب داود.

"وَفِيمَا كَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ يَسْمَعُونَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «ﭐحْذَرُوا مِنَ الْكَتَبَةِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ وَيُحِبُّونَ التَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ»". لقد أخذوا أماكنهم كرؤساء الدين للشعب. كان الرب يعرف أن كثيرين منهم كانوا مرائين بكل معنى الكلمة: كانوا يلتهمون بيوت الأرامل، ولأجل الظهور كانوا يطيلون الصلوات. كثيرون منهم كانوا مقرضين للمال، فيرهنون بيوت الأرامل بفائدة كبيرة باهظة، وهكذا كانت النساء البائسات تجدن صعوبة كبيرة في الحفاظ على دفع أقساطهم؛ ثم عندما يتخلفون عن الدفع كان هؤلاء المراؤون يحبسون الرهن ويأخذون كل شيء م الأرامل العاجزات. ألم يكن ذلك قانونياً؟ نعم؛ لقد كان قانونياً بحسب نواميس الإنسان. ولكن أشياء كثيرة كانت قانونية بحسب ناموس الإنسان ولكن لم تكن قانونية أبداً بحسب ناموس الله، الذي كان قد منع نفس الممارسات هذه التي كان يرتكبها هؤلاء المراؤون. تخيلوا أحد هؤلاء المبتزين يحبسون الرهن على بيت أرملة ليلة الجمعة، وفي السبت يقفون في المجمع ويرفعون صلاة طويلة! لعل هذا النص يخاطبنا نحن أيضاً اليوم. أعطنا يا ألله أن نكون مستقيمين ومنسجمين مع أنفسنا، أن تكون حياتنا متناسبة مع اعترافنا، لكيما نكون صادقين أمام العامة وأمام الخاصة، وصادقين مع الله في تعاملاتنا التجارة وفي مسائل كنيسة الله. قال الرب: "هَؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ". هوذا اليوم آتٍ عندما سيتعامل الرب مع جميع المرائين. هكذا مرائين نجدهم وسط أولئك الذين يعترفون بالمسيحية، وكثيرون يجعلون هذا مبرراً لرفض المسيح. ولكنه لا يغير حقيقة أنك إذا لم تخلص في النهاية فإن عليك أن تجيب على خطاياك في يوم الدينونة. لكم هو أفضل أن نكون أبراراً ومستقيمين أمام الله الآن بدل أن ننتظر حتى ذلك اليوم الذي سيقاضي فيه الله كل إنسان حسب أعماله.