الخطاب ٦١

الصلاة المُلِحّة

"١وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ قَائِلاً: ٢«كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَاناً. ٣وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي. ٤وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَاناً ٥فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي أُنْصِفُهَا لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِماً فَتَقْمَعَنِي». ٦وَقَالَ الرَّبُّ: «ﭐسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. ٧أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ ٨أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعاً! وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟” ٩وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هَذَا الْمَثَلَ: ١٠«إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. ١١أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هَكَذَا: اَللَّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ وَلاَ مِثْلَ هَذَا الْعَشَّارِ. ١٢أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. ١٣وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ. ١٤أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هَذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ». ١٥فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ الأَطْفَالَ أَيْضاً لِيَلْمِسَهُمْ فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلاَمِيذُ انْتَهَرُوهُمْ. ١٦أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. ١٧اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ»" (لوقا ١٨: ١- ١٧).

من الواضح أن المثل الأول له وجه تدبيري محدد. الله نفسه ليس قاضي ظلم ولكن يوضعان في تضاد مع بعضهما البعض. والأرملة لا تمثل كنيسة الله، لأن كنيسة الله ليست أرملة. الكنيسة عذراء مقترنة بالمسيح؛ وليمة العرس ستقام بعد أن نُخططف لملاقاة الرب في الهواء. المرأة هنا تمثل إسرائيل بلا شك. لقد دُعي إسرائيل امرأة يهوة، ولكن بسبب خطاياه وعدم إيمانه، والزنى الروحي لديه، فُصلت عن زوجها الشرعي، وصارت تحيا في العالم كأرملة. عانى إسرائيل الكثير من الألم خلال القرون؛ وخلال هذه السنوات الطويلة صعد صراخه إلى السماء، طالباً الانتقام من أعدائه القساة. وهنا يبدو أن الله لا مبالٍ تماماً كما قاضي الظلم. يبدو الله وكأنه لا يعير آلام إسرائيل اعتباراً أو خبراته المؤلمة اهتماماً. "كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَاناً. وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي". صراخ الأرملة لم يؤثر به في البداية؛ لم يكن مهتماً بقضيتها. ولكن فيما بعد، ملّ وضجر من مناشدتها المتواصلة طلباً للعون، فقال: "وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَاناً فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي أُنْصِفُهَا لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِماً فَتَقْمَعَنِي". لا يخبرنا الرب الآن أن هذا هو موقف الله، بل يوضح أن ذلك كان موقف قاضٍ ظالم لم يكن لديه مخافة الله. كم كان الله سيسمع أكثر أولاده، لأنه مهتم بهم بعمق في كل تجاربهم ومحنهم. لا يمكنه أن يعير أذناً صماء إلى صرخات المبتلين، بل في الوقت الملائم سيحقق مبتغى من انتقاهم. كان هؤلاء النخبة من بني إسرائيل، وليس من الكنيسة. صرخات شعب الله كانت تتصاعد إليه نهاراً وليلاً، وكان سيأتي يوم يستجيب فيه لصرخاتهم. قال يسوع: "أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعاً! وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟” هذا سؤال لافت. إنه يوحي أنه بدلاً من أن يصير العالم بمجمله مهتدياً، أن الأغلبية من الجنس البشري سيوجدون في حالة معارضة لله عندما يرجع المسيح. هذا يتوافق مع ما أُعلن لنا في أماكن أخرى. لدى مجيء ابن الإنسان ثانية لتأسيس ملكوت بره، سينتقم من أولئك الذين اضطهدوا شعبه.

رغم أن هذا التعليم التدبيري، إلا أنه واضح من الآية الأولى أن الرب يسوع أراد لنا أن نستفيد أكثر من هذا التعليم لأجل بركة أنفسنا، إذ نقرأ: "وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ". هذه رسالة إلى كل واحد منا. في معظم الأحوال عندما نصرخ إلى الله ونحن في ضيقة أو محنة يبدو لنا أنه ليس من استجابة؛ ولكن مع ذلك فإن قلبه طوال الوقت مهتم بعمق بنا، وعلينا ألا نتوقف عن الصلاة؛ ويجب ألا نستسلم إلى اليأس إن لم نحصل على استجابة لصلاتنا مباشرة وفوراً. علينا أن نتذكر أن الله يصنع مشورات بما يختص بمخططه العظيم الذي يسير عبر كل العصور، والذي يتطلب انقضاء بعض الوقت قبل أن تُستجاب صلواتنا فعلياً. نجد مثلاً واضحاً للغاية عن هذا في الفصل العاشر من دانيال. نقرأ أن النبي صلّى بخصوص أمر معين لثلاثة أسابيع كاملة، إحدى وعشرين يوماً، وخلال هذه الأسابيع الثلاثة لم يأكل خبزاً ولا لحماً، ولا شرب خمراً. يمكن للمرء أن يتخيل ما كنا لنشعر به خلال الساعات التي طالت إلى أيام، والأيام التي طالت إلى أسابيع، والأسابيع التي امتدت إلى شهور ثلاثة انقضت. ثم في نهاية فترة الإحدى وعشرين يوماً، يخبرنا النبي أنه ظهر له ملاك أُرسل مباشرة من العلي في عرش السماء. قال له الملاك: "مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلِإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلَهِكَ سُمِعَ كَلاَمُكَ وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِداً وَعِشْرِينَ يَوْماً". إنه أمر لافت للغاية- ما كنت لأصدقه لو لم يرد في كتابي المقدس- أن الله سمع حقاً صلاة دانيال من اليوم الذي بدأ يتضرع فيه إليه، وأرسل ملاكاً ليخبره أن صلاته قد سُمعت، ولكن الملاك بقي إحدى وعشرين يوماً يشق طريقه بقوة مقاتلاً المعاندين المقاومين في الجو الأعلى محاولاً النزول إلى دانيال ليأتيه بالجواب. "رَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ" لم يكن هو الحاكم الأرضي الجالس على عرش فارس، بل ملاك شرير كان يسعى للسيطرة على قلب الملك وحرف مخطط الله. في العهد الجديد يُدعى إبليس "رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ". نعلم من الكتاب المقدس أن: "مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ". وهكذا فقد كان هذا الملاك المُرسل من السماء في صراع دام إحدى وعشرين يوماً مع قوى الشر قبل أن يستطيع الوصول إلى دانيال. ثم قال له: "عندما أتركك سيتوجب عليّ أن أذهب وأن أواجه رئيس اليونان". وكان هذا روح شريرة أخرى تسعى للسيطرة على قلب اليونانيين. هذا أمر عجيب، ويعطينا فكرة عما يجري في العالم غير المنظور ويفسر إلى مقياس كبير سبب تأخر الكثير من صلواتنا على ما يبدو. ربما نصلّي من أجل الأم، أو ابنة، أو زوج، أو أحد آخر محبوب لا يزال غير مخلّص ونتعجب من أن الله سمح بانقضاء كل ذلك الوقت قبل أن يستجيب لطلبنا، ولكن هناك صراع يجري في العالم غير المنظور. لا تستسلموا وتتركوا الصلاة. بصلواتكم الملحّة تقتربون أكثر من جانب الله في هذا الصراع، وسيسمع صوت المأثورين لديه في الوقت الملائم، الذين يصرخون إليه نهاراً وليلاً.

المثل الثاني قُصد به أن يعلمنا بالموقف الحقيقي الذي يجب أن نتخذه أمام الله عندما نأتي إليه بالصلاة. "وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هَذَا الْمَثَلَ". لا نستطيع أن نأتي إلى الله على أساس برنا الذاتي؛ ليس لنا حق بأن ندنو إليه على ذلك النحو. كل برّنا هو كخرق عدة في عينيه. نستطيع أن نأتي إلى الله فقط كخطأة معترفين، مدركين أن كل ما يصنعه لأجلنا هو على أساس النعمة. هذان الرجلان ذهبا إلى الهيكل الذي كان أمر الله بأن يكون بيتاً للصلاة لكل الناس. أحدهما كان فريسياً، رجلاً ذا بر ذاتي، يعطي لنفسه امتيازاً بأهلية استثنائية. ونقرأ: "وَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ". أي أن صلاته لم تصعد إلى الله على الإطلاق؛ لم ترتفع أعلى من مستوى السقف، لأنه كان يتكلم ببساطة عن صلاحه. ومع ذلك فقد كانت صلاة شكر. أليس ملائماً أن نأتي إلى الله شاكرين؟ يعلّمنا الإنجيل مراراً وتكراراً بأن تلك هي الطريقة التي يجب أن ندنو بها من الله. ولكن لاحظوا أن هذا الرجل لم يكن يشكر الله على النعمة التي منحها له؛ لقد كان يشكر الله لما فعله هو نفسه، وهذا هو الموقف الخطأ. عندما أدنو إلى الله يجب أن يكون قلبي ممتلئاً بالشكران لأجل ما صنعه لي، معترفاً بأن كل ما لدي يأتي من نعمته الإلهية. ولكن هذا الرجل قال: "اَللَّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ". قد لا تستخدمون نفس اللغة، ولكن هل تدنون إلى الله بنفس ذلك الموقف؟ "اَللَّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ". ثم نظر الفريسي فرأى العشار يقف هناك، وقال: "وَلاَ مِثْلَ هَذَا الْعَشَّارِ. أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ". بالتأكيد كل هذه الأمور حسنة، ولكن ما من إنسان له الحق بأن يجعل صلاحه سبباً يفرض على الله أن يستجيب لصلاته. وفعلياً، كانت معظم صلاته مجرد إدعاء، زاعماً امتلاكه لبرّ ليس موجوداً لديه.

وَقَفَ الْعَشَّارُ مِنْ بَعِيدٍ، وهو يعي عدم استحقاقه، "لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ". يمكن ترجمة العبارة حرفياً: "اللهم تعطّف عليّ أنا الخاطئ". صليب الجلجلة كان الجواب على تلك الصلاة عندما صار الرب يسوع كفّارة أو ذبيحة استرضائية عن خطايانا. هذا الرجل، وإذ يدرك الحاجة إلى الكفّارة، صرخ إلى الله طالباً ما كان يعرف أنه لا يستحقه، ولكن كانت له الثقة بالنعمة بأنه سيناله. وقال يسوع: "إِنَّ هَذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ".

من أي جماعة تجد نفسك؟ هل أنت واقف مع الفريسي، محاولاً أن تبرر نفسك؟ أم أنك مع العشار، تعترف بأنك خاطئ، وأن رجاءك الوحيد هو في الكفارة التي قدمها الله؟

في الآيات التالية لدينا مشهد جميل. رأينا صورة الموقف السليم للنفس التي تسرّ الله. "فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ الأَطْفَالَ أَيْضاً لِيَلْمِسَهُمْ فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلاَمِيذُ انْتَهَرُوهُمْ". لقد شعر التلاميذ أن الآباء كانوا يزعجون يسوع وحسب، وما استطاعوا أن يتحملوا أن يضيعوا وقت الرب بالأطفال، ولكن التلاميذ لم يعرفوا قلب يسوع. لقد كان مهتماً بالجميع؛ لذلك وبخ تلاميذه، ودعا الآباء إليه وقال: "دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ". الأطفال، ببساطة، يصدقون ما تخبرهم به عن الرب، هؤلاء هم الأعضاء المثاليين للملكوت، الذين يأخذون بكلمة الرب بكل بساطة. "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ". كانت هذه الحقيقة تزعجني عادة. رغم أني كنت أعرف أني خلصت، مع ذلك فعندما كنت آتي إلى هذه الآية ومثيلتها في متى، اعتدت أن أتساءل إن كنت مؤهلاً على هذا الشكل: أنا لست كطفل؟ لست بريئاً كالطفل الصغير؛ ليس لدي نفس الموقف المتفائل نحو الحياة كما الأطفال الصغار. كيف أستطيع، أنا الخاطئ بالممارسة، أن أعود إلى الطهارة والصلاح النسبيين للأطفال الصغار؟ بعدئذٍ لاحظتُ أن "يَسُوعُ دَعَا إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ وَقَالَ: اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ....". لقد نادى فجاء الولد إليه. هذا ما يعنيه يسوع عندما يقول: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ".

عندما ننتبه إلى دعوته المباركة ونأتي إليه بإيمان لا ريبة فيه عندها ندخل الملكوت. هذا وحده هو الذي يضعنا على أساس صلاة ويعطينا الحق بأن نعبر له عن كل مشاكلنا وانزعاجاتنا والأشياء المربكة والمحيرة، وهو وعدنا بأن يتولى العناية بالأمور من أجلنا.