الخطاب ٥٩
أَيْنَ هم التِّسْعَةُ؟
"١١وَفِي ذَهَابِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ اجْتَازَ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ وَالْجَلِيلِ. ١٢وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ ١٣وَرَفَعُوا صَوْتَاً قَائِلِين: «يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ ارْحَمْنَا». ١٤فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «ﭐذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا. ١٥فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ ١٦وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِراً لَهُ. وَكَانَ سَامِرِيّاً. ١٧فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟ ١٨أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْداً لِلَّهِ غَيْرُ هَذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟» ١٩ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ. إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ»" (لوقا ١٧: ١١- ١٩).
هذه إحدى الحوادث التي تتعلق بحياة ربنا المدونة فقط في هذا الإنجيل. هناك بضعة أمثال يعطينا إياها لوقا لوحده، وهناك عدد من المعجزات الواردة في إنجيله لا يخبرنا أي إنجيلي آخر عنه. هذا مثال بارز. كان يسوع قد غادر الأقسام العليا من الجليل وكان الآن في طريقه لأورشليم لآخر مرة. كان قد ذهب إلى هناك في مناسبتين أخريتين ليحفظ عيد الفصح، وفي إحدى المناسبات ليحفظ عيداً شتوياً. وعن قريب سيتشارك مع تلاميذه في عيد الفصح لآخر مرة، ثم يموت لأنه الذي لم يكن حمل الفصح سوى رمز له. فانطلق من الشاطئ الغربي لبحر الجليل، ماراً بمقاطعة الجليل إلى السامرة، ومن هناك إلى الأردن نزولاً عبر بيرية إلى أن جاء إلى مخاضة الأردن، مقابل مدينة أريحا، وهكذا وصولاً إلى أورشليم.
"وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ". لا نعرف اسمها ولكن من الواضح أنها كانت قريبة من حدود الجليل والسامرة. بينما كان يقترب من القرية، "اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ". بحسب ناموس موسى عندما يوجد إنسان أبرصاً عليه أن يترك بيته وأصدقاءه وأن يسكن بعيداً عنهم في البرية. وإن اقترب إليه أحد كان عليه أن يصرخ قائلاً: "نجس! نجس!" هناك حادثة سابقة عن أبرص جاء عند قدمي ربنا وتوسل إليه لكي يشفيه، فلمسه الرب وتطهر الأبرص في الحال. ولكن هؤلاء العشرة، وحفاظاً على الناموس، شعروا بأنهم لم يجرؤوا على الاقتراب أكثر؛ "فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ وَرَفَعُوا صَوْتَاً قَائِلِين: «يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ ارْحَمْنَا»". هذا يذكرني بفئة معينة من الخطأة- أناس يشعرون بأن خطاياهم تثقل عليهم جداً حتى أنهم ليس لديهم يقين بأنهم قادرون على أن يتحرروا وأن يدنوا من المسيح. ولكن الحقيقة هي أن المسيح يدعو الخطأة من كل نوع ليقتربوا إليه. وكان دائماً يرحب بهم، مهما كانت درجة نجاستهم أو دنسهم. ولكن هؤلاء الرجال كانوا تحت الناموس وتصرفوا وفقه عندما نادوه من بعيد. لقد كانوا جديين بشكل هائل. المشكلة الكبيرة عن الكثيرين اليوم هي أنهم في حين يعترفون بحاجتهم إلى مخلّص ويقرون بأنهم خطاة، لا يكونون جديين عملياً في محاولتهم إيجاد الخلاص. إذا تكلمت إليهم وحدثتهم عن أهمية المجيء إلى المسيح، يقولون لك: "أعلم أن علي أن أكون مسيحياً، ويوماً ما أنوي أن أومن بالمسيح". ولكنهم لا يأتون إلى نقطة تسوية المسألة الآن. الجحيم مليء بأناس توقعوا أن يأتوا يوماً ما إلى يسوع لأجل الخلاص. لا أفترض أن هناك نفس هالكة في الحفرة في الأسفل ممن نووا فعلاً أن يكونوا هناك؛ الجميع فكر بأنه يوماً ما ستتغير الأمور، وأنهم يشعرون بأنهم سيلبون دعوة الإنجيل. كانوا يرجون، مثل فِيلِكْسَ، مجيء يوم ملائم أكثر. ولكن الموسم الملائم أكثر لم يأتِ أبداً، وعبروا، وهم غير مخلّصين وغير مغفور لهم وغير مطهرين، من الزمان إلى الأبدية. إن كان أحد منكم لا يزال بعيداً عن المسيح، فإني أناشدكم أن تفعلوا مثل هؤلاء البرص العشر النجسين، فتسعوا جادين وراء تحرركم وخلاصكم. لقد كان البرص تواقين إلى الشفاء، وراغبين جداً بأن يتطهروا، لدرجة أنه حتى وإن لم يجدوا الجرأة للاقتراب من يسوع، رفعوا أصواتهم وصرخوا إليه من بعيد أن "يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ ارْحَمْنَا". ما من أحد صرخ هكذا إليه طالباً الخلاص ورُدّ خائباً. يجب ألا تخافوا أن تأتوا إليه. مكتوب في رومية ١٠: ١٣ أن "كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ".
"نَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «ﭐذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ»". وأتخيل الآن أن تلك كانت خيبة لهؤلاء الرجال. كانوا قد سمعوا أن الرب يسوع قد شفى على الفور أناساً آخرين من كل أنواع الأمراض. لقد طهر الكثير من البرص بكلمة أو بلمسة. كان قد قال لأحدهم: "أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!"، فتطهر الأبرص في الحال. ولكن الرب لا يتعامل مع الجميع بنفس الطريقة. تجاوباً مع توسل هؤلاء البرص يطلب منهم أن يذهبوا ويظهروا أنفسهم إلى الكاهن. في سفر اللاويين (الأصحاح ١٤) نقرأ أن الإنسان إذا ما شُفي من البرص عليه أن يذهب ويُظهر نفسه إلى الكاهن، وعندها سيتوجب على الكاهن أن يقدم ذبائح معينة عنه لكي يتطهر رسمياً ويُستعاد إلى مكانه في جماعة الرب. ولذلك قال المخلّص لهؤلاء الرجال: "ﭐذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ"، ما يدل ضمناً على أنهم سيتطهرون قبل أن يصلوا إلى الكاهن. سوف لن يكون هناك فائدة من إظهار أنفسهم إلى كاهن إن كانوا لا يزالون في حالة البرص، إذ في تلك الحالة لا يستطيع أن يصنع أي شيء لهم. وربما ذهب جميعهم، ما عدا السامري، إلى الكاهن قبل زمن، وكان قد أعلن أنهم برص وأخبرهم أن عليهم أن يعيشوا في مكان ناءٍ منعزل. ربما كانوا ليترددوا ويقولوا: "حسنٌ، يا سيد، انظر إلى هاتين اليدين؛ انظر إلى هذه اللطخ التي على وجوهنا؛ إن البرص يغطينا. لماذا سنذهب إلى الكاهن؟" ولكنهم لم يترددوا. لقد كانوا يعرفون معنى كلماته: سوف يتطهرون. ولذلك فقد استداروا ليذهبوا كما أمرهم. كانوا يتصرفون في إطاعة لكلمة ربنا، وجاء التطهير. والحال ينطبق اليوم علينا عندما يتصرف الرجال والنساء وفق الكلمة، حيث أن ربنا يحررهم. أعتقد أني أستطيع أن أرى هؤلاء الرجال وقد ذهبوا في الطريق محاولين أن يبهج ويشجع أحدهم الآخر ما أمكنه ذلك. لا بد أن وجوههم كانت فظيعة المنظر، وأجسادهم في حالة مريعة؛ ولكنهم تابعوا سيرهم إلى أورشليم. وفجأة يلتفت أحدهم إلى أحد آخر ويقول له: "آهٍ، لقد شفيتَ!" فيقول الآخر: "فكّرت أني شعرتُ بتغير ما يحدث. هل اختفت كل تلك اللطخ عن وجهي؟ ولماذا لا أرى أياً منها على وجهك؟” وراح كل واحد ينظر إلى الآخر ويجد أنه قد شُفي، ويدرك الجميع أن الشفاء قد صنعه الرب. كم كانت فرحتهم كبيرة وبهجتهم عظيمة!
قال يسوع: "ﭐذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ". لماذا أرادهم أن يفعلوا ذلك؟ لأنها ستكون شهادة للكهنة. لم نسمع على مدى ألف وخمس مئة سنة بعد كتابة ناموس عن أي إسرائيلي تطهر. مريم، أخت موسى التي أُصيبت بالبرص، قد شُفيت؛ وبعد عدة سنوات شُفي نعمان السرياني، ولكنه لم يكن من بني إسرائيل، فمن الطبيعي أنه لم يكن مطلوباً منه إطاعة الناموس فيما يتعلق بذهابه إلى الكهنة. ما عدا ذلك لا نقرأ أبداً في العهد القديم أية روايات عن أبرص تطهر خلال كل تلك السنوات الألف وخمس مئة، ولا بد أن الكهنة تساءلوا ما جدوى وجود ذلك الأصحاح ١٤ في اللاويين في الكتاب المقدس. كان من الطبيعي أن يقولوا: "لقد قرأتُ الأصحاح هذا مراراً وتكراراً ولكني لم أُضطر لتطبيقه". ولكن عندما جاء يسوع كانت الأمور مختلفة. صار يُرسل أبرص تلوى الآخر إلى هيكل أورشليم ليُعلن طاهراً، وعندما كان يظهر أمام الكهنة كان يتبين أنه شُفي من برصه. يا لها من شهادة يقدمها هؤلاء إلى الكهنة في إسرائيل. لقد رأوا شهادات كثيرة جداً على قدرة الرب يسوع المسيح حتى أنه كان يُفترض أن يسهل عليهم أن يؤمنوا أنه كان ابن الله. وهكذا ولأجل حفظ الناموس ارتحل هؤلاء البرص نحو الهيكل.
ولكن كان هناك شيء أسمى بكثير من ذلك. نجد أن أحد البرص، والذي كان سامرياً، عندما رأى أنه شُفي من دائه الفظيع، وأن قروحه الشنيعة قد تلاشت عن جسده، استدار وسارع إلى عند قدمي يسوع. شعر بأنه ما كان هناك فائدة من أن يذهب إلى الكهنة. فعاد إلى ذاك الذي شفاه، "رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِراً لَهُ". عند رجلي من؟ لاحظوا ما يقول الإنجيل: "رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ". عندما يكون لدينا ضمير مثل هذا يجب أن يكون هناك اسم يسبقه. الاسم الذي يسبق هاء الغائب في كلمة "رجليه" هو "الله". لقد أدرك ذلك الأبرص أن الله كان هناك في شخص يسوع الناصري، ولذلك فقد مجد الله وخرّ عند رجلي الله المتجلي في الجسد، ليعبده ويسبحه. لقد أدرك أن الله وحده هو الذي كان يستطيع أن يطهر أبرصاً، وأن يسوع كان يستحق العبادة والتسبيح. هذا الرجل، الذي كان يُعتبر أسوأ شخص في تلك الجماعة، أظهر تبصراً روحياً أكثر من البقية، الذين كانوا من بني إسرائيل. كان اليهود يحتقرون السامريين. ونقرأ في يوحنا ٤ أن اليهود ما كانوا يخالطون السامريين. ولكن يسوع شفى هذا السامري الأبرص البائس. فامتلأ قلب هذا بالتسبيح والشكران لأجل البركة التي تلقاها. صحيح أنه كلما صنع الله أكثر للمرء كلما كان يُفترض أن يكون هذا أكثر امتناناً. يتعجب الناس أحياناً عندما يسمعون شهادات أناس خلصوا في الإرساليات التبشيرية، الذين كانوا منبوذين ولكن تحرروا من الخطيئة الفظيعة الجسيمة، والآن امتلأت قلوبهم بالتسبيح والشكران الذي يفوق ما نجده عند من كانوا مسيحيين لسنوات وعاشوا حياة محترمة. كلما كانت ازدادت الخطيئة في حياة من يُغفر له كلما أدرك ذلك الشخص أكثر كم كان رائعاً تعامل الله معه. عندما خرّ هذا الأبرص راكعاً عند قدمي يسوع وسجد له، هل استاء يسوع من ذلك؟ هل قال له: "لا. لا تسجد لي؛ بل اسجد لله. فما أنا إلا إنسان فقط؟" لا؛ لقد قبل يسوع تعبد ذلك الرجل له بسرور، لأنه كان الابن السرمدي الذي نزل من عند الله، والذي كان ماضياً إليه من جديد. إلا أن يسوع سأل سؤالاً دلّ على خيبة أمله أو حزن نفسه: "قَالَ: أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟ أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْداً لِلَّهِ غَيْرُ هَذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟" حسنٌ، لقد أخبرهم يسوع أن يذهبوا إلى الكهنة، ولكن هذا الرجل شعر أن عليه القيام أولاً بأمر آخر: شعر أن عليه أن يرجع إلى ذاك الذي شفاه وأن يخبره كم كان ممتناً له على تطهيره إياه. لو كان هناك نفس الامتنان في قلوب الآخرين لكانوا سيأتون أيضاً ويركعون عند قدمي يسوع، ثم يذهبون إلى الهيكل ليروا أنفسهم إلى الكهنة كشهادة. لقد صنعوا كما أمرهم يسوع، ولكن هذا السامري شعر بأن هناك مسؤولية أسمى، ورجع ليسجد للرب ويسبحه قبل أن يمضي إلى الكهنة في الهيكل. أليس في هذا درس لنا؟ هناك القليل جداً من العبادة الحقيقية لدى المسيحيين اليوم. حتى عندما يجتمع المؤمنون فهذا لا يكون لأجل السجود لله. هل تدركون أن الله يطلب متعبدين؟ أخشى أن يكون لدى الكثيرين فكرة أن الله يطلب عمالاً، إذ أن هناك شيئاً يجب أن يأتي قبل العمل، ألا وهو العبادة. أن تكون في حضرة الله بقلب ممتلئ بروح العبادة يعني بالنسبة إلى الله أكثر من أن ننشغل في خدمته. سوف لن يقلل من قيمة أو جدية خدمتنا إن تعبدنا لله أولاً، فهي لن تكون أقل مما لو قمنا بالخدمة كل الوقت. لا يزال الرب يسوع يقول: "أَيْنَ التِّسْعَةُ؟” إنه يقدّر أولئك الذين يأتون إلى حضرته بقلوب متعبدة، ولكنه يفتقد أولئك الذين خلصوا بنعمته ولا يرجعون ليقدموا له المجد.
ثم التفت يسوع إلى هذا الرجل وقدم له اليقين الذي لم ينله الآخرون. أن تتطهر، أن تنال الغفران، أن تنال الخلاص هو أمر؛ ولكن أن يكون لديك اليقين الكامل استناداً إلى كلمة الله أمر آخر. وهكذا التفت يسوع إلى هذا السامري وقال له: "قُمْ وَامْضِ. إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ". أرى في هذا التعبير دلالة على ما هو أكثر من اليقين بأنه كان سليماً بدنياً. أرى في ذلك أن الرب كان يقول لهذا الرجل أنه لم يُشفى من دائه فقط، بل أنه تطهر روحياً أيضاً بسبب الإيمان الذي أظهره. أرى الرجل يبتهج إذ يعود إلى بيته الذي كان تركه منذ زمن طويل عندما ابتُلي بهذا الداء الفظيع. أستطيع أن أرى أصدقاءه ينكفئون إلى الخلف إذ يرونه قادماً، وينادونه: "لا تقترب منا؛ أنت نجس!" ولكنه يجيب قائلاً: "لا حاجة لأن تخافوا، لأني شفيت، وذاك الذي طهّرني جعلني سليماً معافى كلياً". هذا أمر لا يزال يسوع يصنعه لأولئك الذين يؤمنون به إيماناً كاملاً؛ يجدون أنفسهم مطهرين كلياً من الخطيئة. وإذاً، إنها لمسرة لنا أن نأتي إلى حضرة الله لنعبده ونسبحه ونشكره على نعمته التي لا مثيل لها. يا له من وقت قليل نمضيه عادة في التعبير عن امتناننا للرب على ما صنعه من أجلنا. هذا أمر في غاية الأهمية. انظروا إلى الصلاة الصغيرة التي علّمها ربنا لتلاميذه: هل لاحظتم أن حوالي ثلثيها تتعلق بالعبادة والتبجيل وأن ثلثها فقط فيه طلبات؟ ألا فليعلّمنا الرب أكثر فأكثر بركة العبادة، والمجيء إلى حضرته مسبحين وعابدين له، ثم ننطلق بعدها لنخدم في جدّة الروح!