الخطاب ٢٨

هل من فرصة ثانية للخلاص بعد الموت؟

"قَالَ لَهمْ يَسوع أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلبونَنِي وَتَموتونَ فِي خَطِيَّتِكمْ. حَيْث أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرونَ أَنْتمْ أَنْ تَأْتوا» فَقَالَ الْيَهود: «أَلَعَلَّه يَقْتل نَفْسَه حَتَّى يَقول: حَيْث أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرونَ أَنْتمْ أَنْ تَأْتوا؟» فَقَالَ لَهمْ: «أَنْتمْ مِنْ أَسْفَل أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْق. أَنْتمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْت مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. فَقلْت لَكمْ إِنَّكمْ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ لأَنَّكمْ إِنْ لَمْ تؤْمِنوا أَنِّي أَنَا هوَ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ». فَقَالوا لَه: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهمْ يَسوع: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أكَلِّمكمْ أَيْضاً بِهِ. إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّم وَأَحْكم بِهَا مِنْ نَحْوِكمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْته مِنْه فَهَذَا أَقوله لِلْعَالَمِ». وَلَمْ يَفْهَموا أَنَّه كَانَ يَقول لَهمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهمْ يَسوع: «مَتَى رَفَعْتم ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمونَ أَنِّي أَنَا هوَ وَلَسْت أَفْعَل شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّم بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَﭐلَّذِي أَرْسَلَنِي هوَ مَعِي وَلَمْ يَتْركْنِي الآب وَحْدِي لأَنِّي فِي كلِّ حِينٍ أَفْعَل مَا يرْضِيهِ». وَبَيْنَمَا هوَ يَتَكَلَّم بِهَذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرونَ. فَقَالَ يَسوع لِلْيَهودِ الَّذِينَ آمَنوا بِهِ: «إِنَّكمْ إِنْ ثَبَتّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكونونَ تلاَمِيذِي وَتَعْرِفونَ الْحَقَّ وَالْحَقّ يحَرِّركمْ»" (يوحنا ٨: ٢١- ٣٢).

إن السؤال: "هل هناك فرصة ثانية للخلاص بعد الموت؟" هو سؤال في غاية الجدية. إنه يُطرح أحياناً حتى من قِبَلِ المسيحيين الحقيقيين عندما يغلق الموت عيني أحبائهم بدون أن يُظهروا أي دليلٍ على التوبة أو على الإيمان الشخصي الذي يخلّص في الرب يسوع. مهما كان المرء مستقيم الرأي ومهما كان ضليعاً وعارفاً بعجز حالة الإنسان الميت غير المخلَّص، فإن هذا السؤال لا بد أن يُطرح. الناس الذين لم يفكروا فيه أبداً من قبل، يفكرون به بجدية عندما يُمضي أحد الذين يخصونهم إلى الأبدية وهو في حالته اليائسة التي لا أمل فيها. وقلوبهم تصرخ قائلةً: "لعلّه ليس صحيحاً في نهاية الأمر، عندما يحيا الناس ويموتون بعيدين عن المسيح، أنّه توجد طريقة ما يستطيع بها الله أن يُخلِّص البشر في الشاطئ الآخر بعد أن يكون الله قد أخفق في الوصول إليهم على شاطئ هذه الحياة؟" الطريقة الوحيدة التي نستطيع أن نحصل بها على إجابة صحيحة على هذا السؤال هو بأن نعكف على كلمة الله نفسها. وهنا لدينا شهادة ربنا يسوع المسيح، وإنها شهادة جليلة وجدية. قَالَ لَهمْ يَسوع أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلبونَنِي وَتَموتونَ فِي خَطِيَّتِكمْ. حَيْث أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرونَ أَنْتمْ أَنْ تَأْتوا»".

لقد كان يخاطب الناس الذين رأوا أعمال قدرته، الذين سمعوا تعليمه العجيب العظيم، الذين حثّهم على اقتباله بالإيمان، وهو خبز الحياة، لكي يجدوا حياةً أبدية. والآن يقول لهم: "لستُ باقياً هنا إلى الأبد. لقد جئتُ من أجل خدمةٍ معينة، وها هي ساعة الصلب أمامي. إنّي أذهب في طريقي عائداً إلى حضرة الآب. أسير في طريقي عبر بوابات الموت إلى القيامة، وأصعد إلى المجد، وبعد أن أكون قد تركتُكم، بعد أن أكون قد ذهبت، لعلّكم عندها تبدأون بالاهتمام. ستطلبونني، وتريدون أن تُصغوا إلى رسالتي، ولكنكم لن تقدروا على إيجادي. لن تستطيعوا أن تسمعوني. ستطلبونني، ولكنكم ستموتون في خطاياكم". ويضيف قائلاً: "حَيْث أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرونَ أَنْتمْ أَنْ تَأْتوا". هنالك أمر مأساوي جداً جداً حيال ذلك. غالباً ما قلتُ، في كل مرة يُطلب مني أن أتحدث في خدمة الجناز حيث يكون الراحل قد مضى دون دليل على أنَّه قد عرَف المسيح، كنت أودُّ لو أومن أن هناك أمر ما مطهّر بخصوص الموت، أو أن يكون هناك أمرٌ رائع بخصوص الفناء، حتى أن الناس عندما يجتازون من هذه الحياة إلى تلك الحياة الأخرى تنفتح أعينُهم في الحال ويَرون كم كانوا حمقى عندما رفضوا المسيح، ثم ينظرون إلى وجه الرب ويؤمنون به. أود لو أعتقد هكذا. أود لو أومن ما من أحدٍ سيكون هالكاً. وهذا ما كان ليفعله أي إنسان عطوفٍ شفوق. يمكننا أن ندخل إلى فكر ريتشارد باكستر ونتعاطف معه هو الذي اعتاد أن يصلي قائلاً: "أطلب منك يا الله من أجل سماء ممتلئة وجحيم فارغ". إننا نود ذلك فعلاً، ولكن عندما نأتي إلى هذا السفر المبارك ونكون على استعداد لأن نضع أفكارنا قيد التمحيص على ضوء معيار "هكذا يقول الرب"، فإننا لا نجد هذه الكلمة تنشر شعاع أمل لأولئك الذين يموتون غير مخلصين. لا شيء أوضح من كلمات ربنا هنا. إنه يقول: "ستَموتونَ فِي خَطِيَّتِكمْ".

هناك طريقتان للموت. نقرأ في سفر الرؤيا: "طوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَموتونَ فِي الرَّبِّ منْذ الآنَ ..... وَأَعْمَالهمْ تَتْبَعهمْ»" (رؤيا ١٤: ١٣). إنها لبركةٌ أن يموت الإنسان في الرب. ملايين من الناس ماتوا في الرب وهم يرقدون الآن من أتعابهم وأثقالهم، وأعمالهم ستتبعهم. أعمالهم لم تخلّصهم؛ لقد خَلصوا بالرب يسوع المسيح. ولكن عندما يقفون عند كرسي الدينونة أمام المسيح فإنه سيكافئهم على أعمالهم ذاك الذي خلَّصهم. ولكن هنا التضاد المرعب. "إِنْ لَمْ تؤْمِنوا أَنِّي أَنَا هوَ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ". انظروا الآية ٢٤: "قلْت لَكمْ إِنَّكمْ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ لأَنَّكمْ إِنْ لَمْ تؤْمِنوا أَنِّي أَنَا هوَ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ". ولكل من يموتون في خطاياهم يقول يسوع: "حَيْث أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرونَ أَنْتمْ أَنْ تَأْتوا". لقد كان يتكلم عن العودة إلى السماء. إنها طريقة أخرى للقول: إن متّم في خطاياكم لن تدخلوا السماء أبداً.

لا أعتقد أنكم يمكن أن تجدوا مقطعاً أكثر وضوحاً من هذا. وهناك مقاطع أخرى مشابهة. والرب يسوع نفسه هو الذي قال: "يَمْضِي هَؤلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَار إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (متى ٢٥: ٤٦). ويسوع هو من قال: "إِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدكَ أَوْ رِجْلكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ" (متى ١٨: ٨). لقد قال يسوع ذلك، وعندما كان يستخدم لغة كهذه فلا بد أنه كان يقصد بها أن يجعلنا نفهم أن هناك احتمال للهلاك الأبدي. في الرسالة إلى العبرانيين نقرأ: "مخِيفٌ هوَ الْوقوع فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!" (عب ١٠: ٣١). اقرأوا هذا السفر بشكلٍ كامل. اقرأوه بعناية، وستجدون أنه لا يقدّم أدنى رجاء أو أمل بالبركة النهائية لذاك الذي يغادر هذا العالم غير تائبٍ أو نادمٍ.

أما وقد قلنا ذلك الآن، فأريد أن أقول شيئاً لأعزّي قلوب البعض منكم الذين يقولون في قلوبهم: "حسن. قد تكون هذه الحقيقة. لا بد أنها الحقيقة إذا ما كان يسوع قد قالها، ولكن مع ذلك فإنه يؤلم قلبي أن أفكر بالذين أحببتُهم والذين صلّيتُ لأجلهم لسنوات وماتوا غير مُخَلَصين". دعوني أقول لكم ما يلي: لا تقفزوا إلى الاستنتاجات. مَن وضع في قلبكم أن تصلّوا إلى الذين تحبون؟ من ألقى عبء تلك النفس على قلبكم؟ إنه روح قدس الله المبارك، لقد كان المسيح نفسه، غالباً عندما كان الله سيقوم بعمل ما من أجلنا، كان يسوع يضع في قلبنا أن نصلّي من أجل ذلك الأمر. إنه لأمر عظيم لكل من لديه أمٌّ مصلّية أو أصدقاء مصلّين. إنها لنعمة للزوجة غير المُخلّصة أن يكون لها زوج مُصلٍ، والعكس بالعكس، "فما أدراكِ أيتها الزوجة إذا ما كنت ستخلّصين زوجكِ؟ وأنَّى لك أن تعرف أيُّها الرجل إذا ما كنت ستخلِّص زوجتك؟" إن وضَعْنا الذين نحبهم بالصلاة أمام الله فيمكننا أن نتّكل عليه ليعمل بطريقته الخاصة في قلوبهم وضمائرهم، ومع ذلك فقد لا نحصل على دليل على أنَّ صلواتنا قد استُجيبَت، فدعونا لا نستسلم، بل لنؤمن بأن الله الذي علَّمنا أن نصلّي من أجل الأعزاء على قلوبنا قد وجد طريقةً لإجابة صلواتنا. هل فكرتم يوماً في والدة ذلك اللّص التائب، ذاك الذي كان معلّقاً بجانب ربنا يسوع المسيح على الصليب؟ إنّي أتساءل إذا ما كانت أُماً رفعتْ صلاة لأجل ابنها أمام الله، وأتساءل إذا ما كانت بشكل من الأشكال وسط الحشد في ذلك اليوم عندما كان يسوع على ذلك الصليب المتوسط وابنها وآخر كانا معلّقَين على كلا جانبي المسيح. كم كانت قلقة ومضطربة تلك الأم لو كانت هناك في تلك اللحظات، وأتساءل، إن كانت موجودة، عما إذا كانت قريبة بما يكفي لكي تسمع ذلك الحديث الذي دار بين ابنها وبين ذاك الذي كان معه "مداناً في نفس الجرم". وأتساءل إذا ما كانت هناك بين الجموع تحاول جهدها لتنظر فوق رؤوس الآخرين وتقول: "ها هو ذا هناك، يا بنيَّ المسكين، يا بنيَّ الضال. لقد صلّيتُ لأجله وتوكلتُ على الله لكي يخلّصه، وهاهو ذا هناك، يموت موت المجرمين". أتساءل إذا ما كانت قريبةً كفايةً لتسمع كلا اللّصين يلومان يسوع، وتقول: "آه، ها هو ذا هناك يموت وتجديفٌ على شفتيه". ولكنه لم يمت بتلك الطريقة. إنّي أتساءل إذا ما كانت بعيدة بحيث لم تسمع ما كان يدور من حديث خلال تلك اللحظات الأخيرة. "وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمذْنِبَيْنِ الْمعَلَّقَيْنِ يجَدِّف عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!». فَانْتَهَرَه الآخَر قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَاف اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْن فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَال اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئاً لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». ثمَّ قَالَ لِيَسوعَ: «اذْكرْنِي يَا رَبّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكوتِكَ». فَقَالَ لَه يَسوع: «الْحَقَّ أَقول لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكون مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ»" (لوقا ٢٣: ٣٩- ٤٣). لكأنه قال: "لستَ مضطراً للانتظار إلى أن آتي في ملكوتي. ستكون معي في الفردوس اليوم". إني أتساءل إذا ما كانت أمُّه قد سمعت ذلك. إن لم تكن قد سمعت، فلعلّها كانت لتصرخ "آهٍ يا بنيَّ، أيُّها الهالك". لا؛ لقد خلُصَ؛ ومع ذلك لم تعرفْ شيئاً مما حدث في تلك اللحظة الأخيرة. إنَّ طرق الله تفوق قدرتنا على الاكتشاف. ولذلك أقول لكم أيها الذين يصلّون: لا تدعوا إيمانكم يتزعزع. اتكلوا على الله ليعمل بطريقته الرائعة الخاصة. ففي وقتٍ ما، وفي مكانٍ ما، سيستجيب لصلواتكم.

وأما أنتم الذين لم تعرفوا المسيح بعد، فإني أودُّ أن أقول لكم ما يلي: لا تتكلّوا كثيراً على صبر الله القدوس. إنَّ أمراً، كمثل ارتكاب خطيئة ضدَّ رحمته وصلاحه ونعمته، يجعل الضمير يصبح قاسياً كالحديد المُقسّى. وهذا ما يحذّر يسوع منه هنا. "إِنْ لَمْ تؤْمِنوا أَنِّي أَنَا هوَ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ".

لم يفهم اليهود ما قاله لهم، وقالوا: "إلى أين سيذهب؟ أتراه سينتحر؟" فقال: "أنتم تفكرون كبشر هنا على الأرض. أما أنا فمن فوق ولست من هذا العالم. لقد قلت لكم: إِنْ لَمْ تؤْمِنوا أَنِّي أَنَا هوَ تَموتونَ فِي خَطَايَاكمْ". "قَالوا لَه: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهمْ يَسوع: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أكَلِّمكمْ أَيْضاً بِهِ". لقد كان الابن الأزلي الذي نزل إلى العالم ليكون فادياً لنا. وأضاف قائلاً: "إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّم وَأَحْكم بِهَا مِنْ نَحْوِكمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْته مِنْه فَهَذَا أَقوله لِلْعَالَمِ». وَلَمْ يَفْهَموا أَنَّه كَانَ يَقول لَهمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهمْ يَسوع: «مَتَى رَفَعْتم ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمونَ أَنِّي أَنَا هوَ وَلَسْت أَفْعَل شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّم بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي". لقد رفعوه على الصليب، حيث مات لأجل فدائنا، وكان هذا هو ما أشار إليه عندما قال لنيقوديموس: "كَمَا رَفَعَ موسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يرْفَعَ ابْن الإِنْسَانِ" (يوحنا ٣: ١٤).

"قد رفِع كي يموت،
قد تمّ، هذا ما قال؛
للسماء ارتفع الآن،
هليلويا! يا له من مخلص!"

ويختم حديثه هذا بهذه الكلمات: "وَﭐلَّذِي أَرْسَلَنِي هوَ مَعِي وَلَمْ يَتْركْنِي الآب وَحْدِي لأَنِّي فِي كلِّ حِينٍ أَفْعَل مَا يرْضِيهِ". ما من أحد سواه عاش على سطح الأرض كان يستطيع أن يتكلم بهكذا لغة. فحتى أكثر خدام الله إخلاصاً وتكرساً أخفقوا في جهة ما. إننا جميعاً خطاة بائسين نخلص بالنعمة. ولكن يسوع لم يخفق في أي أمر. وأمكنه أن يقول: "فِي كلِّ حِينٍ أَفْعَل مَا يرْضِيهِ". "وَبَيْنَمَا هوَ يَتَكَلَّم بِهَذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرونَ". ثم وضعهم يسوع أمام اختبار بقوله ما يشبه هكذا عبارات: "لا يكفي أن تؤمنوا فكرياً أو عقلانياً فقط. عليكم إثبات حقيقية إيمانكم بإطاعة كلمتي". ويقول يوحنا: "قَالَ يَسوع لِلْيَهودِ الَّذِينَ آمَنوا بِهِ: «إِنَّكمْ إِنْ ثَبَتّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكونونَ تلاَمِيذِي ٣٢وَتَعْرِفونَ الْحَقَّ وَالْحَقّ يحَرِّركمْ»". وهكذا نعرفه هو الحق، ومن شفتيه اقتبلنا الحق، ومن خلال كلمته انكشف ذلك الحق لنا، وبالروح القدس نستطيع السير في ذلك الحق.

"خطاياي انكشفت على العود،
وتحررت من الناموس؛
وابن الله السرمدي،
تلقى ضربات السياط عني".