الأصحاح ٢٥
الملك يكشف المستقبل
(الجزء الثاني)
لدينا هنا متابعة للخطبة نفسها كما لاحظنا في الأصحاح السابق. هناك ثلاثة أمثال، كل منها يتناول جانباً خاصاً من جوانب الحقيقة المتعلقة بالمجيء الثاني للمسيح.
إن مثل العذارى العَشر كان مثار جدل كبير. وطُرِحت أسئلة مشوشة ومتناقضة بخصوص تطبيقه الدقيق. يبدو أنه يجب تطبيقه على كل الفترة التي يكون فيها شعب الله المُعترف منتظراً تحقيق عودة العريس الموعودة. إنه بالتأكيد مثلٌ عن ملكوت السموات وفي شكله الأسراري، كما في كل أمثال الملكوت من الأصحاح ١٣ وما تلا؛ ولذلك، سيكون من الخطأ أن ننقل تطبيقه فنحصره في فترة الضيقة، وأن نسعى لنجعل العذارى يُمثّلنَ فقط اليهودية التائبة وليس الكنيسة من أجل المحاسبة والمسؤولية، كما يوحي العدد ١٠.
"حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتاً وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتاً فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولَئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلات: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْس ِ وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيراً جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضاً قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ يَا سَيِّدُ افْتَحْ لَنَا. فَأَجَابَ وَقَال: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ" (الآيات ١- ١٣).
حسنٌ أن نتذكر أن الكلمة "عذراء" تعني أيضاً البِكر. ليس هناك ثِقل كثير على الاستخدام الأول من ناحية المعنى. إن العذارى العَشر ليس بالضرورة أن يُمثّلن الناس المولودين من جديد، بل أولئك الذين باعترافهم هم في مكانة الشهادة على الأرض وإلى هذا ترمز المصابيح. خمسُ أبكارٍ حكيمات وخمسٌ جاهلات. الحكيمات لديهنَّ زيت النعمة ليملأوا مصابيحهنَّ من جديد؛ والحمقاوات الجاهلات لديهنَّ مصابيح ولكن ليس لديهنَّ زيت. كلهنَّ يذهبنَ للقاء العريس، وبينما هو يتوانى ينعسن وينمن. هذا يتجاوب بشكل كامل مع ما حدث في العالم المسيحي، عندمافقدَ الناس، في الأزمنة المظلمة، الرجاءَ بعودة الرب، وكل كنيسة معترفة نامت إلى أن أيقظها صوت البوق، عندما ازدادت العتمة ظلمة، "هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ".
منذ الإصلاح هذه الصرخة لا تزال تصدح ولكنها تصبح أكثر وضوحاً مع اقتراب النهاية. ومعها جاءت يقظة عظيمة. الحكيمات هيَّأن مصابيحهن للخلاص: شهادتهن أصبحت أسطع. ولكن أولئك اللواتي كنَّ غير صادقات في إيمانهن وجدن أنهن بلا زيتٍ ليُعيدوا ملأ مصابيحهن. لم تكن الحكيمات قادرات على أن ينقلن الزيت إليهن ولكنهن وجهنهن إلى مصدر يمكنهن أن يحصلوا منه على الزيت؛ ويخبرنا المثل أن العريس جاء بينما كن ذاهبات ليشترين. أولئك اللواتي كن مستعدات دخلن إلى العرس، أما الباقيات فقد تُرِكن خارجاً. وهؤلاء رُحنَ يقرعن طالبات الدخول فيما بعد ولكن وجدن أن الأوان قد فات. فمن الداخل خرج صوت العريس يقول: "إني لا أعرفكن". لقد أُغلِق عليهن كلياً في الخارج وإلى الأبد. إن التحذير الذي يأتي بعد ذلك هو ببساطة أن "اسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ". إن الكلمات "الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ" لا توجد في أفضل المخطوطات. وبالتالي فليس الحديث هو عن مجيء ابن الإنسان هنا بل عن عودة العريس.
إذ نتأمل في المثل الثاني علينا أن نكون منتبهين إلى التمييز بين المكافأة على الخدمة والخلاص بالنعمة. كل الذين يثقون بالرب يسوع يخلصون، وهذا منفصل تماماً عن الاستحقاق البشري. ولكن كل من يعترف بأنه يؤمن به مسؤول عن أن يخدمه وأن يستخدم ما أُعطي من موهبة أو مقدرة أو وسيلة لمجده وليعزز صلاحه وتأثيره وخيره على كل العالم. هناك من يعترفون بأنهم خدامٌ ولكنهم لم يُولدوا من الروح. ولكن الله يعتبر الناس مسؤولين عما يعرفونه ويعترفون به. إنه لزامٌ على الجميع الذين يؤمنون بكلمته أن يخدموا من كل قلبهم واضعين نصب أعينهم ذلك اليوم حيث كل واحد منا سيقدِّم حساباً عما فعله. ففي تلك الساعة الرهيبة ما من أحدٍ من الذين سيندمون يكون قد اهتم كثيراً بالعيش لأجله، بل إن كثيرين سيندمون ويأسفون على الساعات التي قضوها في أنانية وفي حماقة والتي كانت في مقدورهم أن يستخدموها لمجده، وسيندمون على الوزنات التي أضاعوها أوخبأوها، فلو كانوا قد استخدموها على ضوء الأبدية لكانوا قد سمعوا المسيح قائلاً لهم "نعمّا" إنه سيكافئ الجميع وهذا ما يتوافق مع كلمته (١كورنثوس ٣: ١٣).
عندما عاد السيد في ذلك الوقت حاسب خدامه. وعند عودة ربنا يسوع سوف يجمع خدامه ليقفوا أمام كرسي دينونته، ليس ليدينهم على خطاياهم، لأن تلك الدينونة قد مضت (يوحنا٥ : ٢٤)، بل ليقدِّموا حساباً عن خدمتهم. ستكون المكافآت لكلٍ من بني إسرائيل والكنيسة عند مجيئه. انظر أشعياء ٦٢: ١١؛ رؤيا ٢٢: ١٢.
إن الخادم الشرير والكسلان لا يمثِّل أبناء الله، لأنه يُلقى إلى الظلمة البرانية، ليس لديه ما يُكافأ عليه. بل بالأحرى المكافأة تكون لأولئك الذين تجددوا. ومكتوبٌ عنهم: "حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ" (١ كورنثوس ٤: ٥). هذا يشير، بالطبع، ليس إلى كل إنسان، بل إلى كل من يظهر عند كرسي دينونة المسيح حيث المؤمنون فقط هم الذين يقفون هناك.
إن استخدمنا أية مواهب أُعطيت لنا، مهما بدت صغيرة أو تافهة في نظرنا، وبالاتكال على الله، فإننا سنجد أن قدرتنا على الخدمة تزداد بشكل مطرد. ونعلم من الكتاب المقدس أن علينا أن نجدَّ للمواهب الحسنة (١كورنثوس ١٢: ٣١)، وأن نستخدمها في محبة.
ما من شيء يُكسَب بالمراوغة فيما يتعلق بالمكانة التدبيرية في هذا الدرس. سينطبق نفس المبدأ على الكنيسة الآن وأيضاً على البقية التائبة من بني إسرائيل بعد الاختطاف. الأمر المهم هو أن نستخدم على نحوٍ قويم ما تلقيناه من الرب.
"يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مُسَافِراً دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ فَأَعْطَى وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ وَآخَرَ وَزْنَةً - كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهَكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ رَبِحَ أَيْضاً وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِباً. فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. وَﭐلْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ" (الآيات ١٤- ٣٠).
لاحظ أنه يجب قراءة النص مباشرة بالقول: "إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ"، إذ يجب حذف الكلمات "يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ". هذا المَثَل له تطبيق واسعٌ جداً. إنه يشير إلى كل خدام المسيح خلال فترة غيابه في السماء. لقد "دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ". يجب أن يتصرفوا بالنيابة عنه كممثلين أو وكلاء في العالم إلى أن يعود.
"كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ". جميعنا لدينا وزناتٍ ما، ونحن مسؤولون عن استخدامها لمدّ عمل الرب في هذا العالم. "يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِيناً" (١ كورنثوس ٤: ٢).
"تَاجَرَ بِهَا". من أخذ خمس وزنات ومن أخذ وزنتين كانا أمينين بما أُعطيا. وكلٌّ منهما ضاعفَ نقودَ سيده باستخدامه الحريص والحكيم لما ائْتُمِنَ عليه. وهذا كل ما كان يمكن أن يُتوقّع منهما.
"أَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ". هذا الرجل ظنَّ أن ما لديه قليل جداً مقارنة مع الآخرين، فلا يستحق إذاً أن يسعى ليفعل أي شيء به. لقد أخفاه في الأرض معتقداً أن ذلك هو أفضل طريقة في متناوله لئلا يبددها. لقد كان خادماً متبطلاً، بدون رؤيا أو إحساس حقيقي بالمسؤولية.
"وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ". لدى عودته دعا كلَّ واحد ليقدِّم حساباً عن استخدامه لما كان قد ائتمنه عليه. وهذا ما سيكون عليه الحال عند كرسي دينونة المسيح عندما يرجع مخلِّصنا (٢ كورنثوس ٥: ٩، ١٠).
"هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا". هذا الخادم كان قادراً على أن يعطي حساباً بفرح (عبرانيين ١٣: ١٧). لقد استخدم الوزنات التي أُعطيت له بأمانة، وكان متأكداً من مديح سيده له.
"كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ". بسبب أمانته وحكمته خلال فترة غياب سيده، كوفئ الخادم بأن نال مكانة خاصة من الثقة والائتمان عندما رجع. وهكذا ستكون الحال عند رجوع المسيح بالنسبة لأولئك الذين كانوا أمناء له في هذا الزمان من التجربة.
"ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ". كان لهذا الرجل شيئاً أقل ليتعامل معه، ولكنه كان أميناً حقاً كما زميله الخادم الذي كان لديه أكثر بكثير. إننا نعتبر مسؤولين عما نملك، وليس عما لا نملك (٢ كورنثوس ٨: ١٢).
"نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ". هذا الرجل يتلقى نفس الإطراء كما الآخر، لأنه هو أيضاً قد ضاعف ما كان قد عُهِدَ إليه به؛ ولذلك فقد مُنِحَ هو أيضاً الموثوقية في الملكوت.
"يَا سَيِّدُ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ". الرجل ذو الوزنة الواحدة يسعى ليضع اللوم على سيده في فشله وإخفاقه. لقد كان كمثل أولئك الذين يلومون الرب بسبب مواهبهم المحدودة، والذين لا يدركون أن من يُعطى قليلاً يُطلب منه القليل، وبالتالي فهو مسؤول عن استخدام ما يملك بأمانة. ومن جهة أخرى فإن ذلك الذي يأخذ كثيراً يُطالب بأكثر (لوقا ١٢: ٤٨).
"هُوَذَا الَّذِي لَكَ". لقد أخطأ كلياً في نفس الهدف الذي أُعطيت إليه الوزنة ليستخدمها لأجله، ومع ذلك فقد سعى لأن يبرر إهماله وافترض أن سيده سيكون راضياً.
"أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ". إنه شرٌ أن تكون عاصياً غير مطيع. وإنه لكسلٌ أن تخفق في أن تسلك بنشاط. هذا الخادم استحقّ أن يعاني بسبب اخفاقه في تحقيق الهدف الذي أراده له سيده وعرَّفه به.
"عِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِباً". لو أن الخادم لم يفعل سوى أن استثمر المال بالفائدة لكان بذلك أضاف شيئاً إلى ما كان قد تلقاه. إنه يمثل أولئك الذين، في نفس الوقت الذي يعترفون به بأنهم خدام للمسيح، فإنهم لا يعرفونه على الإطلاق ولا يسعون لإطاعة كلمته. إن المسائل الأبدية تتعلق بالاستخدام الصحيح لما نتلقاه من الرب.
إن الخادم الكسلان فقد كل شيء، وحتى اعترافه قد أُخِذَ منه. إن كلمات الرب قد تبدو غريبة، ولكن يمكن فهمها بسهولة إذا ما أدركنا أن ما هو أمامنا هو ربح كنتيجة لاستخدام الوزنة بشكل صحيح. فما أساء استخدامه قد أُخِذَ منه وأُضيف إلى من لديه العشر وزنات؛ بينما عديم النفع أُلقي إلى الظلمة البرانية- وهذا تعبير مشرقي عن غضب السيد. وهناك بكى لخسارته في حين أنه كان يصرُّ بأسنانه غضباً بسبب الدينونة التي أُنـزلَت به.
من خلال هذا المقطع (الأصحاح ٢٢ إلى ٢٥)، الذي يُظهِرُ مناظرة ربنا مع الفريسيين والصدوقيين والقادة الآخرين في إسرائيل, ونبوءاته العظيمة فيما يتعلق بمجيئه الثاني ودينونة الأمم, يظهر أمر واضح كالكريستال: إن ما يهم الله ليس الولاء الخانع لالتزامات تشريعية وشعائر أو طقوس, بل حياة تسيطر عليها المحبة الإلهية. هذا هو البرهان الأعظم على الولادة الجديدة (١ يوحنا ٣: ١٤), وفي الدهر التدبيري الحالي هو البرهان المحدد على أن الشخص هو سكنى للروح القدس (رومية ٥: ٥). من المهم أن يكون لدينا فهم صحيح لهذا المقطع من إنجيل متى, وأن نراه من خلال ارتباطه مع تعامل الله بشعبه الأرضي, أي اليهود, والأمميين من ناحية موقفهم نحو بني إسرائيل. من جهة أخرى, سنخسر الكثير من الخير لنفوسنا إن جعلنا هذا مقتصراً فقط على هذا الجانب التدبيري. علينا أن نتذكر أن الحقائق الأخلاقية والروحية لا تتغير على مر العصور، والمحبة التي تُعلن هنا على أنها تحقيق لكل الناموس والأنبياء ستتجلى في حياة جميع "السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ" (رومية ٨: ٤).
ولذلك فإن المحبة, بأصدق معناها, هي المبدأ المسيطر في الحياة الجديدة. إنها تلك الشرعة الكاملة من الحرية التي تتحدث عنها رسالة يعقوب (١: ٢٥). إنها توصف هكذا لأن النفس المتجددة تسرُّ بفعل ما يُمَجِّد الله ويبارك أقرانه البشر, سواء كانوا إخوة في الإيمان أم ينتمون إلى العالم الذي يقبع فيه الشرير (١ يوحنا ٥: ١٩). إن المسيحي سَيُحِبُّ الخاطئ حتى وإن كان يبغض خطيئته. وفي هذا تتجلى الطبيعة الإلهية, لأن هذا أيضاً هو موقف الله نحو العالم.
إننا نُظهِر محبتنا للمسيح باهتمامنا بخاصته. هذا ينطبق على كل الأزمان, إذ في كل عصر تبقى الطبيعة الجديدة التي يتلقاها المؤمنون نفسها. وإن إحدى أولى صفاتها هي المحبة. بعد أن تُختَطف الكنيسة لملاقاة الرب في الهواء سيظهر شاهد جديد على الأرض. الحكماء من بني إسرائيل, وقد استناروا بالكلمة وخُتِموا كخدام لله, سيذهبون إلى كل الشعوب, ويعلنون الإنجيل الأبدي. إن موقف الأمم نحوهم سيحدد مصيرهم عندما يعود الملك ويؤسس عرش دينونته.
"«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلٍِين: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقُولُ لَهُم: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ. «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً قَائِلِين: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ قَائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»" (الآيات ٣١- ٤٦).
"مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ". إن مجيء ابن الإنسان يشير دائماً إلى المجيء الثاني لربنا, عندما سيعود إلى الأرض, في مجد مُستَعْلَن, ليؤسس الملكوت الذي تنبأ عنه الأنبياء. هذا التعبير لا يُستخدم أبداً فيما يخص مجيئه إلى الهواء من أجل كنيسته- سرٌ كان لا يزال غير مكشوف عندما أُعطِيَت هذه الخُطبة (١ كورنثوس ١٥: ٥١).
"يَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ". انعقاد مجلس الدينونة هذه يجب تمييزها عن دينونة العرش الأبيض العظيم الذي يتكلم عنها الأصحاح ٢٠ في الرؤيا, والتي لن تحدث على الأرض على الإطلاق, بل ستكون دينونة للأموات الأشرار. وهذه التي أمامنا هنا هي دينونة الشعوب الأحياء التي تسبق الحكم الألفي. والأخرى- أي دينونة العرش الأبيض العظيم- ستكون بعد أن تنتهي تلك وتتلاشى السماء والأرض بنظامها الحالي. ولكن هذه الدينونة, مثل الأخرى, هي بحسب الأعمال. إن الخراف هم أولئك الذين تتجلى فيهم الحياة الإلهية من خلال عنايتهم المُحبة بأولئك الذين ينتمون إلى المسيح. وأما الجِداء فهم المحرومون من تلك, ويرمزون إلى غير التائبين, الذين لم يتجاوبوا مع رسل المسيح.
إن "اليمين/ اليد اليمنى" هي مكان القبول: وإن "اليد اليسرى" هي مكان الرفض.
"رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ". إن الملكوت المذكور هنا هو ذلك الذي تحدث عنه دانيال وأسفار نبوية أخرى (دانيال ٧: ١٣, ١٤). يجب عدم الخلط بينه وبين الميراث السماوي, بل يجب أن يتأسس على هذه الأرض لدى مجيء ربنا ثانيةً, عندما سَيُعلَن كملك الملوك ورب الأرباب (١ تيموثاوس ٦: ١٥), وملكوته العالمي سوف يحل محل كل السلطات البشرية (دانيال ٢: ٤٤).
"لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي". علينا ألا نفترض أن الخلاص لهؤلاء الأمميين سيكون على أساس الأعمال, بل إن أعمالهم سَتُثْبِت حقيقية ومصداقية أعمالهم. إن نفس المبدأ يظهر في يوحنا ٥: ٢٨, ٢٩, حيث يتحدث ربنا عن القيامتين- الأولى, لأولئك الذين فعلوا الخير, والأخرى, لأولئك الذين صنعوا الشر. وفي كل حالة, أعمالهم تُظهِر حالة قلبهم.
"فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلٍِين: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ..... ". لاحظوا أن "الخراف" يُعرَّفون بـ "الأبرار". وهذا بحد ذاته يشير إلى الولادة الجديدة, إذ بمعزل عنها ليس هناك من بار (رومية ٣: ١٠). هؤلاء ينكرون أي اعتراف بأهليةٍ في أنفسهم. بل إنهم حتى لا يدركون أنهم قاموا بخدمة للمسيح بأي شكل من الأشكال. ومن هنا كان سؤالهم عن الخدمات التي قدموها.
"بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ". إن الرب يسوع يميز كل أمر نفعله لأجل خاصته أو لأجله (متى ١٠: ٤٢؛ مرقس ٩: ٤١), وهو أيضاً يعتبر أي أذى نسبّبه لخاصته هو كأننا نسببه له (أعمال ٩: ٤). وبالمعنى الدقيق, إن الـ "الإخوة" هنا سيكونون جزءاً من اليهودية البقية في الأيام الأخرى, الذين سيكونون شهوداً لله في الأيام المظلمة من وقت ضيقة يعقوب, والضيقة العظيمة (دانيال ١٢: ١- ٣: إرميا ٣٠: ٧). وهذا سيكون بعد اختطاف الكنيسة وقبل تأسيس الملكوت, إذ سينتهي زمن الضيقة ذاك بمجيء ابن الإنسان, كما رأينا في الأصحاح ٢٤: ٢١, ٢٣, ٢٩, ٣٠. إذ يذهب رسل الملك إلى العالم سيكون هناك بعضٌ ممن يقبلونهم ويؤمنون برسالتهم: هؤلاء هم الخراف. وآخرون سيرفضونهم ويزدرون بشهادتهم: وهؤلاء هم الجداء.
إخوة المسيح: بينما هناك معنى في أن كل المؤمنين هم إخوة للمسيح, إلا أنه من الواضح أن العبارة هنا تُستَخدَم بمعنى خاص, لأن هناك ثلاث مجموعات من الناس أمامنا: الخراف, الجداء, وأولئك الذين يدعوهم ابن الإنسان بـ "إخوتي". وهؤلاء هم أولئك المؤمنين الذين يرتبطون بالمسيح, بحسب الجسد وأيضاً بحسب الروح, وسيكونون شهوده الموثوقين الصادقين في زمن الضيقة الآتي, عندما سيكون عصر الكنيسة قد انتهى.
"اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ". هذا الحكم بالمصير المشؤوم الأبدي سيصدر على أولئك الذين أظهروا بسلوكهم البارد واللا مبالي لخدامه أنهم لم يؤمنوا بالرسالة التي كانوا يحملونها إلى كل أرجاء العالم. ويبدو أن هذه ستكون دينونتهم النهائية, لأن الحكم يتزامن مع ذاك الذي سيصيب الأموات غير الأبرار الذين يقفون أمام العرش الأبيض العظيم بعد أن تنقضي الألف سنة (رؤيا ٢٠: ٧- ١٥).
"لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي... ". إن التهمة الموجهة ضد أولئك الضالين لا تتعلق بأي انتهاك فاضح للمبادئ الأخلاقية, بل بسبب موقفهم اللا مبالي نحو المسيح الذي يقرر نهائياً مصيرهم المشؤوم. لقد أظهروا أنه لم يكن لديهم إيمانٌ به أو برسالته وذلك بعدم اهتمامهم بمعاناة وآلام ممثليه. هذا المبدأ ينطبق أيضاً في فترة الضيقة الآتية.
"يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟". إنهم يتحدثون كأناس غير مدركين أبداً بأنهم ارتكبوا أي إثم, ولكنهم أخفقوا في أن يعرفوا ويكرِّموا ابن الإنسان في شخص إخوته, الذين أُرسِلوا لدعوتهم إلى التوبة, بالنظر إلى ملكوته الآتي.
" بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا". إن الإخفاق في إبداء الشفقة نحو أفقر وأضعف الناس المتألمين هو إخفاق في خدمة المسيح نفسه, لأنه يُطابق نفسه بهم. وإذ يتعلق هذا بالبقية التائبة من اليهود كما سبق وذكرنا, في أدق تفسير, فيمكن أيضاً أن ينطبق على جميع من ينتمون إليه.
"فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ". إن نتيجة هذه الدينونة هي للأبدية- إما للعقاب الأبدي أو للحياة التي لا تنتهي, وهذه أكثر من مجرد الوجود طويل الأجل وحسب. الأشرار سوف يهلكون ويذهبون إلى مصيرهم المرعب في الحال. والأبرار سيدخلون إلى الحياة الأبدية في الحكم الألفي ومن ثم سيكون لهم نصيب مع المسيح خلال الدهور التي لا تنتهي والتي ستلي دمار الخليقة الحالية. هؤلاء هم القديسون الوارد ذكرهم في دانيال ٧: ١٨, الذين سيتمتعون بالبركات والغبطة في فترة حكم المسيا المجيد على الأرض.
شعبان مُختاران: مما يساعدنا على فهم الخلفية التدبيرية في هذا المثل أن نلاحظ أن هناك اختياران مختلفان في العهد الجديد. في أفسس ١: ٤ نرى الكنيسة في هذا الدهر, التي تتألف من اولئك المُختارين في المسيح منذ قبل تأسيس العالم. وفي المقطع الحالي يُعطى المُخلَّصون مكانة في الملكوت "المُعد قبل تأسيس العالم" (الآية ٣٤). وهذا يتفق مع ما يرد في رؤيا ١٣: ٨, حيث نجد نفس الناس في منظور المتحدث. إن الأول هو شعب إلهي مُختار؛ والآخر شعب أرضي مُختار. أن نخلط بين هذين في تفكيرنا يجعلنا نُخفِق في أن نقطع كلمة الله باستقامة (٢ تيموثاوس ٢: ١٥).