الأصحاح ٢٢
رؤيا ختامية (الآيات ١- ٥ وشهادات (الآيات ٦- ٢١)
نهر وشجرة الحياة:
١، ٢- "وَأَرَاني نَهْراً صَافياً منْ مَاء حَيَاةٍ لاَمعاً كَبَلُّورٍ خَارجاً منْ عَرْش الله وَالْخَرُوف. في وَسَط سُوقهَا وَعَلَى النَّهْر منْ هُنَا وَمنْ هُنَاكَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَة لشفَاء الأُمَم". العرش هو الموضوع البارز في هذه الرؤيا الختامية. إنه حكم الله الألفي العلني، الذي يتكلم عنه كل المقطع (الآيات ١- ٥)، والذي نجد رمزاً له في العرش. الجزء السابق (٢١: ٩- ٢٧)، كانت بدايته مشابهة لهذا الذي أمامنا؛ كان هناك عروس (الآية ٩)؛ وهنا نهر الحياة. وهكذا فالجزء بأكمله، من الآية ٩ في الأصحاح السابق حتى الآية ٥ من أصحاحنا، يتألف من رؤيتين متمايزتين ولكن مترابطتين؛ قارن بين بداية المقطعين: "هَلُمَّ فَأُريَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوف" و"أَرَاني نَهْراً صَافياً منْ مَاء حَيَاةٍ".
إذ نرى كيف أن الله يضع ختمه وطابعه وتوقيعه على الإعلان الأسبق، ويُثْبت صحةَ العهدين وأنهما نفس الشيء، فمن الشيّق أن نلاحظ أن الإشارة في الكلمات الافتتاحية للأصحاح السابق إلى "السَّمَاءَ الأُولَى" و"الأَرْضَ الأُولَى" مرتبط بالضرورة بالأصحاح الأول من سفر التكوين؛ إذ نجد أن افتتاحية الأصحاح السابق من الرؤيا والتي تتناول نهر وشجرة الحياة ترتبط بالأصحاح ٢ من سفر التكوين. وهكذا يربط موسى ويوحنا الفراغ بين ١٦ قرناً، ويؤديان شهادة على وحدة الكتاب المقدس.
١- "نَهْراً صَافياً منْ مَاءِ حَيَاةٍ" ما يدل على ملء الحياة والبركة (مز ٣٦: ٨). "إنه رمز جميل عن الحياة بما فيها من سرور ونقاء ونشاط وامتلاء". ليس نهراً موحلاً أو عكراً، بل شفافاً ساطعاً (كما حال كل شيء في المدينة المقدسة) وصافٍ كالكريستال النقي. نهر السعادة يتدفق إلى الأبد عبر المدينة السماوية. فرح العروس لا انتهاء له ولا تناقُص فيه؛ بل إنه يغزر ويزداد مع تدفق النهر وازدياد عمقه خلال المسير. الإشارة إلى تكوين ٢ أمر لاشك فيه. "وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ" (تكوين ٢: ١٠). ولكن النهر في المدينة السماوية لا يتفرع إلى "أرْبَعَةَ رُؤُوسٍ"، كما في نهر عدن؛ ولا إلى الشرق والغرب، كما المياه الحية في زكريا (١٤: ٨). إنه نهر واحد يتدفق عبر المدينة في كل أرجاءها؛ سعادة واحدة مشتركة للجميع، كما أنه ليس هناك سوى شجرة حياة واحدة، وليس شجرتين كما في الفردوس الأرضي (تك ٢: ٩). يذكر موسى أولاً شجرة الحياة. ويشير يوحنا أولاً إلى نهر الحياة.
١- "خَارجاً منْ عَرْش الله وَالْخَرُوف". نجد الله والخروف هنا مشتركين في حكم العالم. الأول القدير وذو الجلال، مع نعمة وحلم الآخر، يضمنان حكماً ذا طابع تبتهج به الكنيسة، وفي ظله تسكن الأمم في سلام. إنه عرش واحد. الله سامٍ متعالٍ، والخروف يدير قوة وسلطة العرش. فهذا هو إذاً المصدر الذي يتدفق منه نهر النعمة.
أورشليم الأرضية هي نسخة عن أورشليم العلوية. كلاهما موطئ عرش الحكم. وكلاهما تحويان مياهاً حية وأشجار ثمار وشفاء. في أورشليم الأرضية الألفية يخرج الماء الحيّ من تحت الهيكل (حز ٤٧: ١)؛ بينما في المدينة السماوية يتدفق النهر من العرش.
٢- بعد ذلك، وفي منتصف الشارع، على طريق عام عريض، يتدفق النهر، وعلى كل جانب منه شجرة الحياة. ما من إنسان، سواء كان بريئاً أم آثماً، كان ليأكل من شجرة الحياة في عدن، ولا نقول الفردوس. الشيروبيم والسيف الملتهب وقفا حائلين دون الوصول إلى شجرة الحياة في عدن (تكوين ٣: ٢٤)، وحسن ما حدث، لأنه إن أكل إنسانٌ خاطئ من ثمرها لكان سيعيش إلى الأبد حياةً بائسة في هذا العالم. ولكن في مدينة الذهب والمجد، "طريق الحياة مفتوح"، وليس من يعيقه لا شيروبيم ولا السيف. الشجرتان الرمزيتان في عدن كانتا شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر. الأولى هي أول وآخر ما يُذكر في الكتابات المقدسة. الحياة في الأولى والمسؤولية في الثانية هي مبدأ ومغزى كل من الشجرتين.
٢- "تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً". هوذا آخر مثال عن استخدام العدد ١٢ للإشارة إلى الحكم والإدارة. القديسون في المدينة السماوية يأكلون من ثمارها- وهي غزيرة الإنتاج ووافرة لدرجة أنها تعطي الثمر شهرياً- بينما الأوراق تفيد في الشفاء والبركة للأمم. الأمم الألفية تعتمد على المدينة فوق لأجل النور والحكم والشفاء. وكل هذا له نظير له في الأصحاح (حزقيال ٤٧: ١٢) اللافت: "وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ". المشهد في الأعلى (رؤيا ٢٢) والمشهد في الأسفل (حزقيال ٤٧) كلاهما ألفيان، وهما متزامنان متواقتان، ولكن بركة الأول تفوق بلا حدود الأخير. شجرة الحياة تمد بأسباب الحياة؛ ونهر الحياة يمنح السعادة.
إعلانات عظيمة مهيبة:
٣- ٥- "وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا في مَا بَعْدُ. وَعَرْشُ الله وَالْخَرُوفُ يَكُونُ فيهَا، وَعَبيدُهُ يَخْدمُونَهُ. وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جبَاههمْ. وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إلَى سرَاجٍ أَوْ نُور شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإلَهَ يُنيرُ عَلَيْهمْ، وَهُمْ سَيَمْلكُونَ إلَى أَبَد الآبدين".
عند دخول الخطيئة إلى العالم، لُعِنت الحية، مصدر الخطيئة (تكوين ٣: ١٤)، والأرض أيضاً (الآية ١٧). وقايين، الذي أضاف إلى خطيئة أبيه، وأكملها، إن صح القول، لُعِنَ أيضاً (تكوين ٤: ١١). كل من هم تحت أعمال الناموس هم تحت اللعنة (غلاطية ٣: ١٠). ولكن في أورشليم السماوية لا تعود هناك لعنة مع الموكب المرافق لها من الأمراض والتعاسة. لا يمكن للخطيئة ولا لتأثيراتها التعيسة أن تدخل إلى مدينة الله المقدسة التي يحيط بها مجده ١.
من جديد نجد إعلانوحدة الله والخروف- وحدة تُمارَس في الحكم وفي الفعل- "عَرْشُ الله وَالْخَرُوفُ"، تتكرر مرتين (الآيات ١، ٣). ولكنها في وسط الكنيسة نفسها، إذ نقرأ أن العرش "يَكُونُ فيهَا". وهكذا فإن العرش هو قوة وحافظ المدينة.
٣- "وَعَبيدُهُ يَخْدمُونَهُ". الله والخروف متحدان جداً في الفكر والفعل لدرجة أننا نجد استخدام الضمير الشخصي هنا. فالله يعتلن في الخروف؛ وسنخدمه. وخدمتنا ستكون بلا توقف وبلا تعب أو ضجر أو طاقة ذاوية. سنخدمه بفرح وحرية ومحبة نقية لا عيب فيها ولا فكر ناموسي. فكم تختلف طبيعة الخدمة. وكم من فرح يناله من يدخل الحياة الأبدية في خدمته.
٤- "وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ". ذلك الوجه الذي بصقوا عليه يوماً يشع الآن بمجد الله. أفضل خمر للملكوت يصب. سوف نرى وجهه.
٤- "وَاسْمُهُ عَلَى جبَاههمْ".هذا يعني أننا سنكون من خاصته علانية وصراحة، وعلى مقدار ما يمثل الاسم الشخص سنكون كشبهه معنوياً ونعبر للجميع عمّن هو وعمّا هو ٢.
٥- "لاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ". هذه العبارة تتكرر شفهياً في ٢١: ٢٥ ولكن بشكل ثانوي، ولعل هذا هو السبب في أن بوابات المدينة السماوية مفتوحة دائماً. ولكن العبارة هنا لا تستند إلى أي شيء بل هي إعلان مستقل بحد ذاته. لن يكون هناك ليل أو ظلمة. إنه يوم أبدي. لا حاجة إلى أي مصباح صنعي أو مصدر إضاءة مخلوق كالشمس. المدينة لا تعتمد على إنارة هذا العالم. وليست في حاجة إليها لأَنَّ "الرَّبَّ الإلَهَ يُنيرُ عَلَيْهمْ". سيتنعم القديسون في المجد بنور ودفء نور الله المباشر نفسه.
٥- "وَهُمْ سَيَمْلكُونَ إلَى أَبَد الآبدينَ". هذا يشمل العهد الألفي والأبدي. القديسون فوق لن يكفوا عن الحكم. طالما أن المسيح على العرش ويضع التاج على رأسه، فهذا يحدد فترة حكم القديسين، إذ أننا "سَنمْلِكُ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية ٥: ١٧). هذه السمة للحكم أبدية بالضرورة، وهي مستقلة تماماً عن أي تغير اقتصادي أو غيره. الملكوت الذي هو في يد الله (١ كور ١٥: ٢٤) مؤسس على الأرض لفترة محددة، ولإظهار منجزات مشورات الله. فترة الحكم الألفي تأتي بين تاريخ العالم كما هو موجود حالياً والحالة الأبدية. إنه الملكوت في تلك الفترة التي يستريح فيها الرب، ولكن حكمه على كل المخلوقات لا يتوقف؛ طالما أن هناك ملائكة وأناس- مخلوقات الله- تكون الحاجة ماسة إلى حكومة. العرش أبدي، وعروش وتيجان القديسين أيضاً أبدية. ومن هنا نفهم العبارة "سَيَمْلكُونَ إلَى أَبَد الآبدينَ" بما يشير إلى الحكم الأبدي للقديسين السماويين. خدمتنا وسيادتنا هي إلى أبد الآبدين، أو إلى الأبد.
يا لها من خاتمة ظافرة مجيدة لهذا القسم من السفر! يا لها من إعلانات كاملة عظيمة ومهيبة، وكم هي حقيقية! ستتحول سريعاً إلى واقع خلال خبرتنا السعيدة.
ليهبنا الله النعمة لنسلك بما يليق به، وبهذه الحقائق والأمجاد النبوية لكيما تتحقق عاجلاً.
شهادات ختامية
الملاك يصادق على النبوة:
٦، ٧- "ثُمَّ قَالَ لي: «هَذه الأَقْوَالُ أَمينَةٌ وَصَادقَةٌ. وَالرَّبُّ إلَهُ الأَنْبيَاء الْقدّيسينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ ليُريَ عَبيدَهُ مَا يَنْبَغي أَنْ يَكُونَ سَريعاً». «هَا أَنَا آتي سَريعاً. طُوبَى لمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّة هَذَا الْكتَاب»". لدينا عدة تأكيدات جليلة تتعلق بأمانة وصدق الله في أقواله وطرقه: بالقديسين (١٥: ٣؛ ١٦: ٢)؛ وبالمذبح (١٦: ٧)؛ وبالله نفسه (٢١: ٥)؛ وهنا عن طريق ملاك ٣. هذه الرؤى النبوية تتطلب منا أن ننظر إليها فرادى وجماعةً باعتبار شديد، ليس بسبب تأثيرها علينا، بل بسبب مجد معلّمنا وبركة العالم التي تدل عليها مصداقية وحقيقة هذه المكاشفات الإلهية المتعلقة بالمستقبل (انظر دانيال ٨: ٢٦).
الرب إلهنا، هو "إلَهُ الأَنْبيَاء". مشاعر وآمال وخبرات أنبياء العهد القديم المتنوعة كان يوجهها ويتحكم بها الله الرب. لقد كان معهم، كما هو معنا. وهذه الوحدة في الفعل المعنوي تربطنا مع أنبياء القديم في مسيرة وإدراك للآمال المنكشفة لهم آنذاك ولنا الآن. ثم في الكلمات التي تلي ذلك نقرأ: "أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ، لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ" (رؤيا ١: ١) وهذا مرتبط مع نهاية السفر. لقد أبدى الكاتب الإلهي للسفر أقصى عناية لكي تصل هذه الإعلانات، التي ستكون عن قريب، إلى الخدام والعبيد. إنه يعتمد على اهتمامهم. إن يقين مجيء الرب السريع وقرب حدوث هذه الأحداث العديدة التي يتم التنبؤ عنها، سيقود بالتأكيد إلى دراسة متأنية حصيفة حافلة بالصلاة لهذا السفر، الوحيد الموجه بشكل خاص إلى خدام الله.
آتي سَريعاً:
٧- "وهَا أَنَا آتي سَريعاً". التكرار المطرد لحرف العطف (الواو) لا يجب أن يُنظر إليه بالضرورة على أنه يربط ما سبق بالموضوع الذي يتناوله الآن. حرف العطف يأتي هذا في معظم الأمثلة ليس للربط بما قبله بل كبداية جديدة للجملة.
"وهَا أَنَا آتي سَريعاً". هوذا صوت المسيح الذي نسمعه. ليس إعلان عن حدث نبوي، بل هو قول للرب نفسه وذو سلطان. إن الرب يعلن مجيئه لثلاث مرات وفي أماكن مختلفة (الآيات ٧، ١٢، ٢٠). وفي كل حالة تأتي الكلمة "سريعاً" للدلالة على مدى قرب أو وشوك تحقيق هذا الرجاء المبارك.
" طُوبَى":
٧- "مَنْ يَحْفَظُ (يحفظ وليس يحفظون كما في ١: ٣) أَقْوَالَ نُبُوَّة هَذَا الْكتَاب" مطوبٌ ومباركٌ هو. وهكذا البركة في البداية تتكرر في النهاية، ولكنها تكون فردية هنا. نهاية السفر فيها تحقيق للبركة الموعودة. قارن "أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ" (١: ٣) مع "أَقْوَالَ نُبُوَّة هَذَا الْكتَاب ٤" (٢٢: ٧). حفظ هذه الأقوال يعني تثمينها وتقييمها والتصرف وفقها.
عبادة الملائكة محظورة. الله وحده له العبادة:
٨، ٩- "وَأَنَا يُوحَنَّا الَّذي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هَذَا. وَحينَ سَمعْتُ وَنَظَرْتُ، خَرَرْتُ لأَسْجُدَ أَمَامَ رجْلَي الْمَلاَك الَّذي كَانَ يُريني هَذَا. فَقَالَ ليَ: «انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إخْوَتكَ الأَنْبيَاء، وَالَّذينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هَذَا الْكتَاب. اسْجُدْ للَّه»". اسم يوحنا يتكرر خمس مرات (١: ١، ٤، ٩؛ ٢١: ٢؛ ٢٢: ٨)، ثلاث مرات في البداية ومرتين قرب نهاية السفر. وبين هاتان، الضمائر الشخصية تشير إلى الرائي وهي كثيرة الاستخدام. من الحماقة الشك أو التساؤل حول من يكون يوحنا كاتب سفر الرؤيا. ليس هناك سوى يوحنا واحد ٥. وغريزياً يميل قلب المسيحي إلى الاعتقاد أنه يوحنا الرسول، التلميذ الذي كان يسوع يحبه. ليس من شك في أن يوحنا هو الوحيد الذي كُشفت له هذه الرؤى. ولا شك أن يوحنا هو كاتب هذا السفر.
الكلمات الرائعة التي تُسمع والرؤى العظيمة التي تُكشف، إضافة إلى مجد ووقار المتكلم، عظمت الملاك في عيني يوحنا حتى كاد يقر له بالحق بأن يسجد له. ولكن أعظم مخلوقات الله وأسماها هم أنفسهم يعبدون الله ويسجدون له. ما من ملاك، مهما علت مكانته، يستطيع أن يرفض السجود لله. "وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ" (عب ١: ٦). سقط يوحنا على قدمي الملاك ليسجد له، ولكن الملاك صحح له الموقف لأن الملائكة غيورون على صيانة حقوق الله والمسيح. فالملاك، وحتى في أسمى الدرجات، يأخذ مكانة خادم مع يوحنا، ومع الأنبياء، ومع أولئك "الَّذينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هَذَا الْكتَاب". هذه هي ثاني مناسبة يخفق فيها أحد أكثر البشر وخدام الله تميزاً في حضرة تلك المشاهد المجيدة (١٩: ١٠). "اسْجُدْ للَّه" يقول الملاك بحزم. عبادة المخلوق هي خطيئة ضد الله، وإهانة لجلال رب الجنود.
ختام خطاب الملاك ليوحنا:
١٠، ١١- "وَقَالَ لي: «لاَ تَخْتمْ عَلَى أَقْوَال نُبُوَّة هَذَا الْكتَاب، لأَنَّ الْوَقْتَ قَريبٌ. مَنْ يَظْلمْ فَلْيَظْلمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ»". الأمر المعطى هنا لا يشير إلى أي نبوءة معروفة، بل إلى كل النبوات المحتواة في هذا السفر. هناك تضاد متعمد مع الأمر المعطى لدانيال: "أَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ" (دانيال ١٢: ٤). ففي الرؤيا يقول: "لاَ تَخْتمْ عَلَى أَقْوَال" بينما يقول لدانيال: "اخْتِمِ السِّفْرَ". وسبب هذا الطلب لدانيال هو أن وقت النهاية بعيد. أما مع يوحنا فما كان يجب ختم الأقوال لأن الوقت قريب. عودة الرب الفورية كانت بلا شك متوقعة من قِبل المسيحيين في القرون الثلاثة الأولى. منذ إعلان الرجاء صار يُعتبر وقت النهاية وشيكاً وقريباً وكأنه في متناول اليد. نحن نعيش في وقت النهاية ولذلك فإن النبوءة تبقى مفتوحة. ما كان قد خُتم مفتوح الآن أمام ناظرينا ولأجل أن نستفيد ونتعلم.
ثم تظهر لنا الآية ١١ الحالة الدائمة وهي ثبات الحالة عند مجيء المسيح. هناك جماعتان سيئتان مقابل جماعتين جيدتين. الظالمون جماعة تتناقض مع الأبرار، والنجسون في تضاد مع المقدسين. العادات تُرسخ الشخصية، والشخصية تحدد المصير. كل واحد يسلك حسب حقيقة طبيعته؛ والجميع يتفقون على هذا الرأي. الموت، أو مجيء المسيح، يُثبت الشخصية والمصير. فالأشرار يبقون أشرار، ويستمرون في زيادة شرهم. والأبرار يبقون أبراراً ويمارسون البرّ. في الأبدية تتحد الخطيئة بالمعاناة، كما تتحد القداسة بالسعادة. وحتى في بحيرة النار الهالكون من البشر والملائكة يتصرفون بحسب طبيعتهم؛ فتستمر الخطيئة والألم دونما توقف.
المتكلم الإلهي:
١٢، ١٣- "«وَهَا أَنَا آتي سَريعاً وَأُجْرَتي مَعي لأُجَازيَ كُلَّ وَاحدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. أَنَا الأَلفُ وَالْيَاءُ، الْبدَايَةُ وَالنّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخرُ»". من جديد يعلن المتحدث الإلهي يقين وقرب عودته، ليس فقط لتشجيع القديسين الذين ينتظرونه ويترقبونه (الآية ٧)، بل مع مكافآت، متعددة ومتنوعة، يمنحها بحسب نوع ومقدار وطبيعة الخدمة المؤداة. حتى أدنى خدمة ستنال مكافأتها بما يلائم على يد الرب نفسه عندما يأتي وليس في الهواء من أجلنا (١تسا ٤: ١٧)، بل إلى الملكوت معنا. الملكوت ليس بيت الآب الذي ننتقل إليه في البداية (يوحنا ١٤: ٢، ٣)، بل هو المجال والنطاق الذي فيه تُمنح المكافآت بحسب خدمة كل شخص وأمانته.
بعد ذلك يأتي إعلان الألقاب الإلهية. فمع قرب انتهاء السفر، وكما في البداية، نجد نفس الألقاب العظيمة يتكلم المسيح عنها. ما من أحد آخر يستطيع ادعاءها سواه (قارن مع الأصحاحات ١: ٨؛ ٢١: ٦؛ ١: ١٧).
أساس حق البركة للمدينة:
١٤، ١٥- "طُوبَى للَّذينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَة الْحَيَاة وَيَدْخُلُوا منَ الأَبْوَاب إلَى الْمَدينَة، لأَنَّ خَارجاً الْكلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَان، وَكُلَّ مَنْ يُحبُّ وَيَصْنَعُ كَذباً". يأتي هنا القول: "طُوبَى للَّذينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ". ولكن معظم النقاد يعتبر أن الترجمة الأخرى أن "طُوبَى للَّذينَ يُطهّرون ثيابهم" لأن تطبيق الوصايا ليس بالأساس لنيل الحياة الأبدية. فهي عطية مجانية من الله لكل الذين يؤمنون (يوحنا ٥: ٢٤). انظر أيضاً رؤيا ٧: ١٤ حيث يُستخدم نفس التعبير تقريباًَ. في كلتا الحالتين ثياب المفديين يمكن تطهيرها فقط بدم الخروف. نلاحظ أن الجماعات التي يُحظّر عليها دخول المدينة قد سبقتها ال التعريف. ليس غير الأتقياء بشكل عام، بل جماعات محددة معينة من البشر هم المعنيين. ونلاحظ أن القائمة هنا هي نفسها الواردة في ٢١: ٨. فهنا نعلم أن الأشخاص الذين يُمنعون من دخول المدينة المقدسة- مدينة الذهب- هم نفس الأشخاص الذين يخبرنا الأصحاح السابق (الأصحاح ٢٢: ١٥) أنهم في بحيرة النار؛ وهذا ما يخبرنا به أيضاً (٢١: ٨). ففي كلا القائمتين نعرف أن ارتكاب خطية معينة ضد الله، وضد الآخرين، هي الصفة المميزة لهؤلاء الخطأة الذين يتم تعدادهم.
يسوع في وقار شخصه؛ يسوع في علاقته مع إسرائيل والكنيسة:
١٦، ١٧- "«أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكي لأَشْهَدَ لَكُمْ بهَذه الأُمُور عَن الْكَنَائس. أَنَا أَصْلُ وَذُرّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْح الْمُنيرُ». وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَن: «تَعَالَ». وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: «تَعَالَ». وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْت. وَمَنْ يُردْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً". يثير إعجابنا استعمال يسوع للضمير "أنا" هنا عند ختام الإعلانات العديدة المتعلقة بالنعمة والمجد والدينونة والتي يبرز فيها شخصه العظيم. ها قد انتهى الإعلان وما تبقى سوى إضافة اللمسات الختامية على هذا السفر اللافت. ومن غير يسوع، الذي بدأه، يجدر به أن ينهيه؟ وسيط التواصل بين يسوع ويوحنا هو ملاك (قارن مع ١: ١). "هَذه الأُمُور" كان يجب إعلانها في الكنائس. ما هي هذه الأمور؟ إنها كل محتويات هذا السفر؛ ولا يمكن حذف شيء منها.
"أَنَا أَصْلُ وَذُرّيَّةُ دَاوُدَ". وهذه الـ "أنا" هنا توكيدية حازمة. فهنا يؤكد على علاقته بإسرائيل كملك. لكونه إله فهو "أَصْلُ دَاوُدَ"، ولكونه إنسان فهو "ذُرّيَّةُ دَاوُدَ". إنه رب داود وابن داود. تاج إسرائيل على رأسه بفضل ماهيته وشخصه وبفضل الوعد والنبوءة. لقد وُلد ملكاً على اليهود (متى ٢: ٢). ومات ملكاً على اليهود (متى ٢٧: ٣٧). وسيحكم كملك على اليهود (زكريا ٩: ٩).
إلا أنه يضيف أن نصيبنا الخاص، الذي يربطنا بنفسه بعلاقة محببة وخاصة، هي أنه "كَوْكَبُ الصُّبْح الْمُنيرُ". قبل أن يدنو اليوم الألفي، وقبل أن تنهي الدينونات التي تسبقه العالم النبوي، وأيضاً قبل أن ترفع أمجاد الملكوت الأرض نحو السماء، يظهر يسوع ككوكب الصبح المنير لعروسه. ولكونه شمس البر فإنه يشرق على إسرائيل بروعة الظهيرة (ملاخي ٤: ٢)، ولكن هذا سيلي مجيئه من أجلنا. النجم أو الكوكب هو في الصباح الباكر، ويسبق شروق الشمس على الأقل بسبع سنوات.
إعلانه، ليس عن مجده، بل عن نفسه، ولكونه عريس العروس، يُحرك في الحال عواطف المحبة لديها. ينتعش قلبها. لقد أشعل يسوع النار في نفسها وهذه لا يمكن أن تنطفئ. فهي تسمعه قائلاً: "أنا كَوْكَبُ الصُّبْح الْمُنيرُ". إنه صوت حبيبها، ولا يلبث النداء أن يجد صداه بالتجاوب في أن "الرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَن: «تَعَالَ»". أول جملتين في الآية ١٧ هما الجواب على آخر جملة في الآية ١٦. لدينا ليس فقط تجاوب الروح، بل العروس أيضاً تنضم إلى الروح. وليس الروح في العروس، بل كلاهما يتحدان في مناداته أن "تعال". ثم يُدعى كل مستمع للانضمام إلى هذا الفرح، "تعال". هذا هو اليوم الذي تنطلق فيه صرخة منتصف الليل: "ها هو العريس"، وهو يوم النعمة، يوم رحمة الله الطويل الأناة. ولذا تنطلق الآن الدعوة إلى كل نفس عطشى. هل من متعب أو خائب؟ ها هنا كلمة تسد حاجات الجميع: "مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ". فها نجد كلمة توجه إلى كل نفس راغبة على الأرض، فما من أحد منسي: "مَنْ يُردْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً".
تحذير مهيب:
١٨، ١٩- "لأَنّي أَشْهَدُ لكُلّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّة هَذَا الْكتَاب: إنْ كَانَ أَحَدٌ يَزيدُ عَلَى هَذَا يَزيدُ اللهُ عَلَيْه الضَّرَبَات الْمَكْتُوبَةَ في هَذَا الْكتَاب. وَإنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذفُ منْ أَقْوَال كتَاب هَذه النُّبُوَّة يَحْذفُ اللهُ نَصيبَهُ منْ سفْر الْحَيَاة، وَمنَ الْمَدينَة الْمُقَدَّسَة، وَمنَ الْمَكْتُوب في هَذَا الْكتَاب". لابد من الانتباه بمهابة إلى هذا التحذير كلما قرأنا هذه الكلمات أو سمعناها. إنه تحذير جدي صارم يوجهه الرب. إنه ينبه إلى الخطيئة الفظيعة، والتبعات المهلكة التي تتعرض لها كل نفس تضيف أو تنقص من هذا السفر الموحى به شفهياً. التلاعب بكلمات النبوءة في هذا السفر يعني الوقوع تحت ضربة إلهية. الويلات في السفر، وهي عديدة ومتنوعة، ستصيب وبعدل كل من يضيف على كلماته. وكل من ينقص من كلمات النبوءة سينقص من نصيبه من شجرة الحياة ومن المدينة المقدسة. وهكذا فإن الله يصون السفر الذي يفوق كل الأسفار الأخرى في القانون المقدس والذي يتعرض أكثر من غيره للإهمال والازدراء.
رسالة الرب الأخيرة إلى الكنيسة:
٢٠- "يَقُولُ الشَّاهدُ بهَذَا: «نَعَمْ! أَنَا آتي سَريعاً». آمينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ". في المقطع السابق، يتكلم الرب بصيغة المفرد "أنا". وهنا نجد تحول إلى المفرد الغائب. ولكن في كلتا الرسالتين المسيح هو الذي يشهد. "هَذه الأُمُور" تعني كل ما هو في سفر الرؤيا. ولذا فإن كل محتويات هذا السفر يشهد لها الرب نفسه.
"نَعَمْ! أَنَا آتي سَريعاً". هذه هي الرسالة الأخيرة الموجهة إلى الكنيسة. إنها آخر كلمة من السماء إلى أن يأتي. كان العهد القديم قد اختُتم بإعلان مجيئه. والعهد الجديد يُختتم بالإشارة إلى نفس الحدث العظيم. ولكن بينما المجيء سيكون في الهواء (١ تسا ٤) كما عودته إلى جبل الزيتون (زكريا ١٤)، إلا أن الرابط مختلف تماماً. النعمة والدينونة سيميزان هذين المجيئين كل على حدا، أو بالأحرى إلى مرحلتي المجيء الواحد. العهد القديم يُختتم بلعنة. والعهد الجديد يُختتم بمنح البركة والنعمة. قارن بين آخر آيتين في السفرين.
"نعم" هي تأكيد، وتأكيد مطلق، على الحقيقة التي يقولها الرب، "أَنَا آتي سَريعاً". هي ذي آخر كلمة نُطق بها. ما برح صامتاً حوالي ألفي سنة حتى الآن. ولكن الحدث الذي تصلي لأجله الكنيسة وترجوه هو على وشك أن يتحقق. مجيء الرب وشيك قريب. لقد مر وقت فيه تعب وانتظار ومعاناة، ولكن مجيئه، أو حضوره، سيحول عتمة الليل إلى فرح وسعادة أبدية. ظلال الزمن تمر، ويوم الأبدية آتٍ، حيث لا دموع ولا ظلام. فاصبروا أيها المتعبون. ها إن الفرج يأتي في الصباح. إننا نترقبه هو، وليس تحقيق النبوءة. هل مجيئه حقيقة في نفوسنا؟ هل يؤثر على حياتنا، ويصوغ سلوكنا، ويمنحنا الحماس ونحن نسلك في طريق الحياة؟
صوت تجاوب الكنيسة:
٢٠- يجيب يوحنا، بصفته ممثل عن الكنيسة، على إعلان الرب. لا شك أن كلماته كانت تعبيراً عن رغبته الذاتية. فالرائي الطاعن في السن قد شاهد رؤى؛ وكان المتفرج والممثل في مشاهد جليلة مهيبة، ولكن لدى الجميع ثقة بتحقق هذه الحقيقة العظيمة: العودة الشخصية للرب. هذا أعلنه ذاك الآتي شخصياً، فابتهج قلب الرسول العجوز. وبتحريك الروح القدس الحاضر دائماً وأبداً لم يعبر عن مشاعره الذاتية فحسب بل نطق بلسان الكنيسة جمعاء قائلاً: "آمينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع". في بداية السفر استخدم يوحنا القول: "نَعَمْ آمِينَ" (١: ٧)، وهما صيغتا تأكيد باللغة اليونانية والعبرية معاً. وهنا نجد أنه يفصلهما. الرب يؤكد مجيئه الذي لا شك فيه، "نَعَمْ! أَنَا آتي". والكنيسة تبتهج بيقين كلمته وتقول: "آمينَ. تَعَالَ". هل تخفق هذه الكلمة؟ مستحيل. هل سيفي الرب وعده بالمجيء لشعبه؟ بالتأكيد. وسوف يأتي "سَريعاً". قد يبدو أنه سيأتي بعد زمن طويل. ولكن بحسب تقدير الله إن الرب ليس سوى على بعد يومين (٢ بطرس ٣: ٨). "لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ". الاضطهاد والآلام الذي سيعاني منها الشعب، والخطايا والأحزان التي ستبتلي بها الأرض، التخبط والعجز والحيرة التي ستعاني منها الكنيسة المعترفة تنادي طالبةً محرراً ومخلصاً. وسرعان ما سيأتي يسوع المسيح نفسه. وإننا ننتظر هذا الآتي باهتمام. من أجلنا مات، ومن أجلنا يحيا، ومن أجلنا يأتي. وها إن كنيسة الله تهتف باتقاد أن "آمينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ".
بركة ختامية:
٢١- "نعْمَةُ رَبّنَا يَسُوعَ الْمَسيح مَعَ جَميع القديسين". هذه هي القراءة الأفضل والتي تبناها الجميع تقريباً. وهذه تتلاءم مع قلب المسيح. فرضاه يستقر على "جَميع القديسين". الأقوياء والضعفاء، الآباء والأبناء، جميعهم متساوون في نعمته. بغض النظر عن طرق شعبه، نعمته تقع على الجميع من خلال السحب وشروق الشمس، في الليل وفي النهار، في جميع الأوقات والظروف، ونعمته الثابتة الراسخة تؤيدهم وتقويهم. إنها نعمة من البداية إلى النهاية، من العجز والانهيار إلى التجدد الكامل.
وهكذا نأتي إلى ختام التعليق على هذا السفر الرائع الذي كان مصدر بركة وفائدة شخصية. وإننا على يقين أنه عندما يأتي سيجد أناساً مستعدين لاستقباله وتحيته.
"يَقُولُ الشَّاهدُ بهَذَا: «نَعَمْ! أَنَا آتي سَريعاً». آمينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ".
١. من جديد نرى فكرة انعدام اللعنة في زكريا ١٤: ١١ ما يشير إلى زوال اللعنة من أورشليم الأرضية.
٢. "اسْمُهُ عَلَى جبَاههمْ"- وفي هذا انعكاس كامل عنه (١ يوحنا ٣: ٢؛ قارن مع ١٣: ١٦). "رموز سفر الرؤيا باختصار"- ص ٢١.
٣. شهادة الملاك ليست على عظمة ومجد الإعلانات، بل على موثوقيتها وصدقيتها. من اللافت جداً أن هذا السفر قيم جداً خاصة بسبب حقيقيته.
٤. الكتاب، أو السفر أي كل سفر الرؤيا، وهذا يتكرر سبع مرات في الجزء الأخير الختامي (انظر الآيات ٧، ٩، ١٠، ومرتين في ١٨، ومرتين في ١٩). الإعلان يكتمل من ناحيتي الوعود والتهديدات. ولا إضافة على ذلك.
٥. يقول هلنغنفيلد: "لو كان هذا اليوحنا مجهولاً، واختفى اسمه من التاريخ، ولم يبقى له أثر، لما كان باستطاعته أن يوجه أوامر باسم المسيح والروح القدس إلى السبع الكنائس".