الأصحاح ٢١
الحالة الأبدية (الآيات ١- ٨)
والعروس فيما يتعلق بالحكومات والأبّهة الألفية (الآيات ٩- ٢٧)
تمهيد:
الأزمنة والأحداث في الفترة بعد الألفية أو الأبدية وغيرها نجدها بمزيد من التفصيل في الآيات الثماني الأولى من أصحاحنا أكثر من أي قسم من كلمة الله الموحى بها. امتداد المقطع من الأصحاح السابق هو دليل بحد ذاته. هناك كان لدينا ختام تاريخ البشر على الأرض. الأموات غير الأتقياء يُقامون، وهذا آخر حدث في الزمن، يتبعه أول عمل مدون الأبدية- دينونة الأموات الأشرار. ما يلي ذلك هو رؤيا جديدة، والتي فيها تتكشف لنا بعض الميزات الرئيسية للحالة الأبدية العظيمة (الآيات ١- ٨). الدهور الأبدية لراحة الله (عب ٣: ٤) هي النتيجة، والقوة أو الطاقة التي تدل على ماهية الله في طبيعته كنور ومحبة. الحكم الألفي لابن الإنسان وتحقيق النبوءة عندما يكون القديسون السماويون جميعاً كجسد واحد يملكون مع المسيح على الأرض. الملكوت في طابعه القائم بالوساطة يُظهر ملك البر بشكل لم يشهد أحد مثله على الأرض، ولكن ذلك يفترض بالضرورة عناصر مخالفة. الملك الألفي ليس حالة مثالية كاملة. بالتأكيد هو تقدم هائل على أي حالة سابقة أخرى، ولا حد للبركات التي يتمتع بها ساكنوه. ولكن الكمال يتم الوصول إليه فقط عندما يسكن البر، عندما ينتهي عمل القمع. الحالة الأبدية هي تحقيق، ذروة الإرادة الإلهية المقدسة، هدف الرجاء بأكمل معنى له.
الآيات الثمانية الأولى من أصحاحنا تُشكل الخاتمة الطبيعية والملائمة، ليس فقط للأصحاح ٢٠، بل للقسم بمجمله، الذي يجمع بعض الأحداث الأكثر تشويقاً والمرتبة بمستقبل الإنسان ومصيره النهائي (الأصحاحات ١٩- ٢١: ٨). الإشارات المباشرة إلى الحالة الأبدية قليلة في عددها، المقاطع الرئيسية التي تتحدث عن الموضوع نجدها في ١ كور ١٥: ٢٤- ٢٨؛ أف ٣: ٢١؛ ٢ بط ٣: ١٣. كلمة "راحته" (عب ٣ و٤) في أكمل تطبيق لها تشير إلى الحالة الأبدية.
هناك اختلاط كبير في ترتيب الأصحاحات. الآية الثامنة من الأصحاح ٢١ يجب أن تُشتمل في الأصحاح ٢٠. ثم الآية ٩ من الأصحاح ٢١ كان يجب أن تبدأ ذلك الأصحاح وتُختتم بالآية ٥ من الأصحاح ٢٢. الآيات الست عشر الباقية من الرؤيا يمكن أن تشكل أصحاحاً ختامياً. لو أن هذا الترتيب قد رُعي فإن المواضيع المقدمة ستكون بحسب الترتيب والمنهج. تسلسل الأحداث للفترة التي تدوم أكثر من ألف سنة يُروى في هذا القسم، والذي هو لا مثيل له في أهميته، وأقصد بذلك الأصحاحات ١٩- ٢١: ٨.
فليمنحنا الله التوقير ورصانة الفكر والخشية المقدسة في الرأي حول هذا الموضوع العظيم- الحالة الأبدية. لقد أصاب الدكتور شارلمرز حين قال معلقاً: "بينما يجب ألا نحاول أن نتجاوز بحكمتنا فوق ما هو مكتوب، علينا أن نحاول، وبجدية وتأنٍ، أن نرتقي بحكمتنا إلى مستوى ما هو مكتوب".
سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً:
١- يروي الرائي رؤيا جديدة: "رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً". كلتاهما تُصنعان من جديد، ويتم تكييفهما إلى مستوى التبدلات المادية المعنوية والعظيمة التي تتطلبها الحالة الأبدية. "السماء الجديدة" هي للقائمين والقديسين المتحولين؛ و"الأرض الجديدة" تشكّل مسكناً لأولئك الذين يكونون لا يزالون أحياء على الأرض خلال الملك الألفي- تلك الجماعات توصف في الأصحاحات ٧؛ ١٤: ١؛ الخ. وهكذا، حتى في الأبدية، التمييز الأبدي يبقى بين شعب الله السماوي وشعبه الأرض. ولكن مهما كان الاتصال قريباً سوف لن يكون هناك اتحاد أو دمج لكليهما في جسم واحد (انظر أف ٣: ١٥).
"السماء الجديدة" في نصنا يجب ألا نخلط بينها وبين سماء السماوات، مسكن الله. هذه الأخيرة توجد في كمال معنوي ومادي، ولا تخضع لأي تحول أو تبدل.
كل شيء جديد. كل شيء بحسب الله في طبيعته. كل شيء راسخ. ما من تغيرات مادية الآن. نحن ندخل إلى راحة الله الأبدية، إلى حالة الله التي لا تتبدل، الحالة من الكمال المطلق. ليس لدينا هنا الحمل وتحقيق المشورة والنبوءة، ولا الملكوت القائم بالوساطة وملك البر، بل الملكوت مؤسساً، والله هو الكل في الكل (١ كور ١٥: ٢٤- ٢٨). التمايزات في الزمن، والحدود الجغرافية، والقيود كما هي حالياً ستتلاشى كلياً في الحالة الأبدية العظيمة، والتي تُظهر، سواء في السماء أو على الأرض، قدرة الله نفسه "السماء الجديدة" و"الأرض الجديدة" هي العوالم التي يقيم فيها جميع المخلّصين، وسوف تأتي إلى تناغم مبارك مع ماهية الله. هذه الحالة التي تشير إليها أش ٦٦: ٢٢، و٢ بط ٣: ١٣، حالة سيسكن فيها البر، وليس الملك كما في الأزمنة الألفية. ما من عدو أو شرير سيغزو أياً من هذين العالمين حيث المفديين سيسكنون إلى الأبد. كل شخص وكل شيء سيردد تلك اللازمة من الترنيمة التي تقول: الله نور والله محبة.
١- "لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا". هذه بلا شك إشارة إلى القول الذي ورد في الأصحاح السابق: "الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ" (الآية ١١). هذا الانحلال، وليس الإبطال، يتأثر بالنار (٢ بط ٣: ١٠). لا يتكلم الكتاب المقدس عن أي عمل مستقبلي بخلق ماجي بمعنى حرفي، وأيضاً يلزم الصمت على نفس المنوال بخصوص ما يتجادل به البعض بحماقة، أي إلغاء الكيان أو الاندثار الكلي للكيان. لا يقول الكتاب المقدس شيئاً عن هذه النظرية التي لا أساس لها. ما من ذرة من المادة أو ورقة من العشب، وبالتأكيد ما من عاقل في الكون الواسع ينال المصير المشؤوم بالاندثار. كوكبنا سيوضع في البوتقة، ويتبدل، ويتغير، ويجدد، ليبقى إلى الأبد. سوف لن تكون هناك خطيئة، ولن يكون هناك فساد، الأرض الجديدة أبدية. عبارات "السماء الأولى" و"الأرض الأولى" هي في تضاد مع "السماء الجديدة" و"الأرض الجديدة".
لا بحر من بعد:
١- "الْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ". استمرار الأرض، في نفس القوام بعد المطر الغامر وبعد تدميرها بالنار، يبدو واضحاً. إنها توجد، ولكن وكأنه أعيدت صناعتها ١ . "الْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ". هذا العنصر الكبير، العنيف، المدمر، والمستقل بذاته من الطبيعة سيتوقف عن الوجود. البحر، والذي هو الآن أساسي لحياة الحيوان والنبات على الأرض، لا يعود هناك في حاجة إليه في أبدية الله. فالله ليس فقط مصدر الحياة كما كان، بل سيكون عندئذ المؤازر المباشر لها. البحر يوجد في الدهر الألفي. وهناك نقرأ عن الأمم، والبحار، والأنهار ٢ ، ولكن في الحالة الأبدية هذه لا تعود موجودة. بل الله والبشر، وأرض لا بحر فيها، وهذه جميعها تأتي إلى خضوع منتظم. شروط الحياة تكون مختلفة جداً في الحالة الأبدية حتى أن ظروف الزمان للحياة والسعادة لا يعود هناك حاجة إليها. ما من وبحر في الأرض الجديدة والأبدية، وهذا ما يعطي، بالطبع، سطحاً يابساً واسع الامتداد بشكل هائل، يفوق بشكل هائل ما هو موجود حالياً. المخلّصون الذين لا عدد لهم من اليهود والأمميين الذين يكونون على الأرض خلال الحكم الألفي سوف لن يكونوا في الأرض الجديدة، ولن يكونوا شعباً متميزاً بل سيكونون أناساً مؤمنين في علاقة مباشرة مع الله.
أورشليم الجديدة:
٢- "ورَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا". "السماء الجديدة" و"الأرض الجديدة" يراهما الرائي ولكن لا توصفان. لا نستطيع أن نقول شيئاً عن شكلهما، وحجمهما، ومظهرهما. تكيفهما للاستخدام الأبدي، بدون تبدل، أو تلاشي، أو موت يمكن أن نتنبأ به بشكل مؤكد، ولكن ليس أكثر من ذلك. لا شك أنها ستكون مناطق يعم فيها ازدهار وجمال أبديين.
ولكن الآن تتبدى لعين الرائي رؤيا جديدة. فهو لا يرى فقط المنابر المادية التي ستعرض عليها أمجاد الأبدية، بل "رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ". عبارة "الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ" ترد ثلاث مرات في الرؤيا (انظر ١١: ٢؛ ٢١: ٢؛ ٢٢: ١٩). أول مرة يرد ذكرها هو للإشارة إلى أورشليم حرفية في زمن الضيقة الآتية؛ والإشارتان الأخريتان تشيران إلى الطباع المقدسة للمدينة الممجدة. "المدينة المحبوبة" (٢٠: ٩) هي صفة لأورشليم الألفية، المدينة الحقيقية التي تحمل ذلك الاسم. الكنيسة، العروس وامرأة الحمل، مقدسة في طابعها وطرقها، سواء كانت في الملك (الآية ١٠) أو في الحالة الأبدية (الآية ٢).
ولكن الكنيسة تسمى أيضاً "أورشليم الجديدة" (انظر أيضاً ٣: ١٢). هناك ثلاث مدن تسمى أورشليم- السماوية (عب ١٢: ٢٢)، الأرضية (رؤ ١١: ٢)، والملغزة (٢١: ٢، ١٠). الصفة "أورشليم الجديدة" هي في تضاد مع المدينة القديمة والحرفية التي لعبت دوراً هاماً في تاريخ العالم. إن كلمة "جديدة" تُستخدم ثلاث مرات، السماء الجديدة، والأرض الجديدة، وأورشليم الجديدة. لو كان اليهود في الحالة الأبدية مندمجين في التسمية المتعلقة بالناس، لكانت عندها أورشليم المدينة الأرضية، كرسياً متميزاً ومركزاً للحكم قد تلاشى. المدن والأمم مرتبطة بالزمن، وليس بالأبدية، ولأنها هكذا فليس لها مكان في دهور الله الأبدية حيث الراحة والبركة التي لا تنقطع، وحيث يوجد المفديين فقط. الكلمتان الوصفيتان "المدينة المقدسة" و"أورشليم الجديدة" تُستخدمان كلاهما لتشيران إلى الكنيسة إذ تدخل في حالتها الأبدية من البركة، حالة أكثر عمقاً واستقراراً وثباتاً من أي حالة ألفية شاركت فيها في المجد حقوق وكرامات الحمل. ما يلي الملك العلني للألف سنة له طابع مميز بحد ذاته؛ ففيه الله هو الكل في الكل.
نَازِلَةً:
٢- "نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ". تتكرر هذه العبارة لفظياً في الآية ١٠. السماء هي الموطن الملائم للكنيسة، والله مصدر كينونتها وسعادتها. لا يُقال أن أورشليم الجديدة نازلة من السماء بل تنزل خارجة من السماء. فقد كانت تسكن في السماء. لم تكن على معرفة عرضية في السماء، بل تعرفها جيداً وبشكل لصيق حميمي، وهي في ديارها تماماً في نفس مكان سكنى الله. الكنيسة تخرج منها (من السماء) وتتمتع بالمحبة والمجد الملازمين لسكنى الله. إنها عبارة مذهلة. إن تلك الـ "نازلة" في الآية ٢ هي بعد ألف سنة من تلك الـ "نازلة" في الآية ١٠. الأولى في الأبدية؛ والأخيرة في بدء الدهر الألفي. في الأولى تنزل الكنيسة إلى الأرض الأبدية؛ وفي الأخيرة تستقر على الأرض الألفية.
العروس مهيأة ومزينة:
٢- "مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا ". العروس تُهيأ في السماء قبل ظهورها العلني في الملكوت (الآية ٩)، لدى نزولها من الأرض (الآية ٣). العرس احتُفل به في السماء لألف سنة قبل أن تُعطى لنا رؤياه هنا. هذه الحقيقة يصرح عنها في ١٩: ٧، ٨ بشكل واضح وصريح. فهناك تزينت بثياب ناصعة البياض؛ وهنا لا تزال تُشاهد في ملابس عرسها. ألف سنة من المحبة، والبركة والعشرة مع رجلها وحبيبها هي فترة موجزة قصيرة. إنها متحدة إلى الأبد مع ذاك الذي مات لأجلها، وهي الآن على وشك أن تدخل على بركة ذات طابع أكثر عمقاً وذلك في راحة لا تتبدل وأفراح أبدية. تُرى وهي لا تزال مرتدية ثياب عرسها. ما من تراب أو لطخة، وما من شيء يفسد طهارتها، وما من تبدل في مشاعرها كعروس. كلمة "عريس" تدل على علاقة راسخة، عن عاطفة قوية. "مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ" (يو ٣: ٢٩).
أورشليم الجديدة وأورشليم السماوية:
٢- نرجو من القارئ الكريم أن ينتبه جيداً إلى الفارق بين أورشليم الجديدة، التي هي الكنيسة الممجدة، وأورشليم السماوية، التي يتكلم عنها بولس (عب ١٢: ٢٢). هذه الأخيرة، خلافاً للسابقة، لا تشير إلى الناس، بل هي مدينة الله الحي، مدينة حقيقية، وفيها مسكن كل القديسين السماويين. إنها نفسها التي يُشار إليها في الأصحاح السابق، والتي تطلع إليها القديسون والآباء (عب ١١: ١٠- ١٦)، مدينة مادية، بناها وأعدها الله نفسه، وهي كبيرة وواسعة بما يفوق الوصف. المدينة التي تيكلم عنها بولس مدينة مادية؛ أما مدينة يوحنا فهي روحية.
مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ:
٢- "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا ". تقول إحدى الترجمات "العرش"، ولكن المحررين الآخرين جميعهم يرفضون ذلك. "إن الشهادات الخارجية على القراءتين تتعادلان تقريباً". إن كان "الصوت العظيم" يُسمع من العرش، فهو ولا بد صوت الله الجالس على العرش. ولكن أن يُسمع الصوت من "السماء"، كما في الإعلانات السابقة (١١: ١٥؛ ١٢: ١٠؛ ١٤: ٢؛ ١٩: ١، ٦)، فقد يكون ذلك صوت القديسين. الصوت العظيم هو صوت مبهج ويعلن عن حقيقة تسمو على بركة الأبدية- الله مع الناس- عمانوئيل (مت ١: ٢٣)، ليس الآن مع اليهود، بل بمعنى بعيد وشامل.
"هُوَذَا" تلفت انتباهنا إلى حقيقة مذهلة، "مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ". لقد سار الله في عدن وتكلم إلى آدم، وظهر للآباء في إسرائيل، وسكن في الظلمة في الجزء الداخلي وغير المنظور من خيمة الاجتماع في القديم، وكان الله في المسيح في أيام وجوده في الجسد، والله يسكن في الكنيسة بروح قدسه، ولكن سكنى الله الفعلي مع مخلوقاته المفديين وعلى الأرض ينتظر الحالة الأبدية المقدسة والراسخة. البركة التي تفوق كل وصف تتجاوز كثيراً الملك الألفي. في ٧: ١٥ نقرأ: "الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ". ولكن كم هو مختلف حرف الجر هنا، إذ أن الله "هُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ". المسكن هو جسد كل القديسين السماويين. المسكن ينزل من "السماء"، الموطن الطبيعي للقديسين، ولكن الله نفسه ينزل معهم، ويأخذ مكانه في وسطهم، ويسكن معهم. لماذا تم استخدام كلمة مسكن/خيمة الاجتماع وليس كلمة هيكل في هذا التواصل؟ من الطبيعي أن نعتبر أن الكلمة الأخيرة ستكون هي الأنسب، لأن خيمة الاجتماع في القديم كانت تُنصب في البرية، وكانت مرتبطة برحلات وتجارب ومشقات الشعب. كانت خيمة الاجتماع هي التعبير عن حالة مؤقتة للأمور، بينما البناء الحجري الأكثر صلابة، الهيكل، كان بناء دائماً شُيد في الأرض. كانت خيمة الاجتماع بناء متنقلاً؛ والهيكل كان راسخاً ثابتاً. نستنتج من ذلك أن سكن الله مع الناس يشير إلى أن كل القديسين لن يستقروا بشكل دائم في الأرض الجديدة بل يتنقلون جيئة وذهاباً، ويزورون أقسام أخرى من خليقة الله- ميراثه وميراثنا (أف ١: ١٠، ١١).
اللهِ مَعَ النَّاسِ:
٢- "سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ ". هذه العبارة التأكيدية متقدمة على السابقة. فهناك نقرأ "مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ"؛ والآن "سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ". في الحالة الأولى لدينا خيمة الاجتماع؛ وفي الأخرى لدينا الله نفسه. يا لها من حقيقة رائعة مذهلة أن الله، الله نفسه، خالق السماء والأرض وساندهما، سيسكن فعلياً وحقاً مع الناس على الأرض. ليست هذه استعارة أو مجاز، بل حقيقة رائعة آتية، عمقها يحيّر الفهم البشري.
٣- "هم يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا"، أي، أن الله سيلائم سكان الأبدية على الأرض الجديدة لنفسه. إسرائيل القديم كان شعب الرب. والآن اللقب "له شعباً" يفترض توسعاً وعمقاً في البركة لا نعرفهما أبداً على الإطلاق في أزمنة العهد القديم.
٣- "وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ". في هذا الإعلان المذهل، الله، إذا صح القول، يخرج من مسكنه ويكون شخصياً مع شعبه- الله نفسه. هنا ليس من ذكر لأي شيء عن المسكن أو خيمة الاجتماع أو أي شيء آخر يتدخل بين الله وشعبه. إنه "معهم" بمعزل عن أي غطاء أو وسيلة تواصل خارجية وعندها تتحقق كلمة الرب: "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ" (مت ٥: ٨). أفلا نعطي مدى أوسع لكلمات الرسول بولس التي اقتبسها من العهد القديم، "قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً"؟ (٢ كور ٦: ١٦).
٣- أسمى درجة من البركة يتم الوصول إليها في الكلمات الختامية لهذا المقطع الرائع "إلهاً لهم". هل من شيء يكمن أن يكون أرفع وأعلى من هذا؟ هل من سمة لبركة يمكن أن يتخيلها إنسان أعلى معنوياً من تلك المذكورة هنا! الله هو العظمة، والمد، والامتياز الأخلاقي المعنوي في كينونته! الله في لا تناهيه هو لأجل شعبه آنذاك على الأرض! كل ذلك كامن في الاسم الخلقي العظيم الذي وراء البحث العميق في الذهن الذي يفهم ويدرك. المصدر، المطلق والمستقل، لكل شيء يأتي إلى القلب والذهن مخزنه هو في الله. كينونة الله وماهيته وما لديه هي النصيب الأبدي والأكيد للناس، لكل الناس الذين يكونون آنذاك على الأرض. الحمل لا يُذكر اسمه، ولا يُذكر أي تدبير أو أي تغيير يشير إليه. الله، ومسكنه، والبشر، هم الذين يتم الحديث عنهم. الله هو الكل في الكل، ولا مثيل له. طول حياته يقيس مدة "السماء الجديدة" و"الأرض الجديدة"؛ حياة الله نفسه هي مقياس الحياة والفرح للساكنين في هذه المناطق الأبدية. ونوجد قائلين (١) مسكن الله مع البشر؛ (٢) مسكنه معهم؛ (٣) هم يكونون له شعبا؛ (٤) الله نفسه يكون معهم؛ (٥) الله، يكون إلهاً لهم. في الحالة الأبدية كل شيء راسخ على أساس دائم أبدي متين، ولكن المقاييس والسمات المميزة للبركة هناك، ليست مثل الآنية التي لا تكون جميعها بنفس القدرة على الاستيعاب، إذ أن الجميع سيمتلئون بالبركة. في هذه الأقوال الخمس لدينا تدرج في البركة يتصاعد نحو الله نفسه.
آلام الأرض وقد زالت:
٤- "وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ ". في الحالة الأبدية فقط تُزال آثار الخطيئة، جسدية مادية كانت أم معنوية أخلاقية، وذلك بشكل كامل. الفترة الألفية، كما رأينا، ليست حالة مثالية كاملة، ومن هنا ورغم الحكم الخير السعيد للرب فإن الدموع ستُذرف على الأرض. الكلمات "سَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ"، تتكرر حرفياً في ٧: ١٧. إلا أن هناك مشهد ألفي؛ وهنا حالة أبدية. مسح الدموع ليس عملاً يُنسب إلى الحمل لا هنا ولا في المشهد الذي سبق. الله هو الذي يفعل ذلك. إن كان الله سيمسح كل دمعة، فإنه سيزيل عندها كل سبب أو فرصة للحزن والألم. ولن تترقرق العيون بالدموع من بعد. يُقال أن العين هي "نبع الحزن"، ولكن الله سيجفّفه.
الموت سيتوقف. الموت الجسدي للمتمردين المحمومين الذين تجمعوا تحت قيادة إبليس غطوا الأرض القديمة، على الأقل قرب أورشليم، والسكان الأبديين للأرض الجديدة قد شهدوا المنظر المريع (٢٠: ٧- ٩). ولكنه لا يعود موجوداً أبداً.
"لاَ يَكُونُ حُزْنٌ"، الكلمة نفسها نجدها في ١٨: ١٥، "يَبْكُونَ"، أو ينوحون، التعبير الخارجي عن الحزن القلبي العميق.
"لاَ صُرَاخٌ"، وهو صوت التعاسة واليأس (أش ٦٥: ١٩).
"لاَ وَجَعٌ"، أو ألم في الداخل، ولا انزعاج قلبي أو قلق، لا ألم داخلي أو خارجي. هذه الأمور التي تمثّل تعاسة البشرية سوف لن توجد من بعد، ولا تلك التي سببتها- الخطيئة. كل شيء يكون قد زال. "الأُمُورَ الأُولَى"، والتي تشكّل هذه التي ذكرناها جزءاً منها، "قَدْ مَضَتْ ".
الله الجالس على عرشه يتكلم:
٥- ٧- "وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ». ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا". إنه لأمر لافت كثرة ترداد اسم الله أو الضمير الذي يشير إليه على أنه مصدر كل بركة وعمل وفعل في الحالة الأبدية. الحمل هناك كعريس ورفيق أبدي للكنيسة، وبما أنه هكذا فهو لا يظهر في الآيات أمامنا، ما عدا في إشارة عرضية (٢١: ٢). الملكوت سُلّم إلى الله، وهذا لا يعني أن المسيح يكف عن أن يكون ملكاً، ولا أنه لن يعود إنساناً من بعد، ولكن ملك البر في هزيمته لكل سلطة معارضة وحكمه قد تحقق وأُكمل فنشهد انتصارات جديدة من طابع آخر. الله في قوة طبيعته يصنع عالماً بحسب ماهيته. ليس الموضوع مسألة إخضاع الأعداء، بل أن الله يُسر بتشكل شعب وأشياء بحسب ذاته. الله نفسه هو الممثل في هذا المشهد من الشد والتشويق.
٥- قَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: "هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا". الله على عرش القدرة الكلية، والسيادة المطلقة، يعلن إرادته- كل شيء صار جديداً. الأشياء القديمة زالت، ولم تتحول بأي حال إلى الحالة الأبدية، لأن تلك الحالة تتطلب المحافظة على الأشياء فيها؛ والله هو المقياس والمعيار ومصدر كل الحالة الأبدية، سواء كانت تشمل أشخاصاً أم أشياء. لا شيء يبقيه الله على حاله؛ ولذلك يقول: "أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا".
ثم يُطلب من الرائي أن يكتب ما ورد في ١٩: ٩. الأمر السابق وحده يعطيه إياه ملاك؛ وهنا الله نفسه يصدر الأوامر. تواصلات خاصة ذات أهمية وعمق توجهه ليكتب (لو ١٠: ٢٠؛ يو ٢٠: ٣١؛ عب ٢: ٢؛ رؤ ٣: ١٢؛ ١٤: ١٣، الخ). ما هي الكلمات التي أُمر الرائي بأن يكتبها؟ تلك هي التي تلفظ الله بها وهو يتربع على عرشه: "هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا".
في هذه الجملة تترسخ طبيعة الحالة الأبدية؛ إنها كلمات عظيمة بالفعل، وتستحق أن تدون! الله، أيضا، يثبت صحة وأصالة إعلانه الجلي، بأن يضيف: "فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ". إنه يسترعي انتباهنا، ويعلن تأكيد ما قاله: "هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا". "اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ". هذا ليس وعداً، بل هو التوكيد الإلهي على تلك الحقيقة عندما ستأتي لحظة تحقيقها.
٦- "ثُمَّ قَالَ لِي: قَدْ تَمَّ". لاحظ التغيير في زمن الفعل. في الآيات ٥ و٦ ترد كلمة "قال" ثلاث مرات، ولكن في القسم الثاني تأتي الكلمة "يقول". الإعلانان التوكيديان- كلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا, وقَدْ تَمَّ- هما ما يتوقعه المرء بالضبط. الأول هو قرار الله؛ والثاني هو تحقيقه.
"قَدْ تَمَّ". تتكرر حرفياً في ١٦: ١٧. ولكن التواصل مختلف. في الإشارة الأولى غضب الله مكتمل؛ وفي نصّنا إن الاستقرار الدائم للحالة الأبدية هو موضوع الحديث؛ في السابق، أيضاً، ملاك هو الذي يتكلم؛ وهنا صوت الله هو الذي يُسمع.
عظمة المتكلّم:
٦- "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ". الحرفان الأول والأخير من الأبجدية اليونانية، يليهما العبارة "الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ"، يشير ذلك إلى أن كل الشهادة على الأرض مصدرها في الله، كما أن غايتها هو مجده. الخلق، والتدبير، والعناية، الوعد، والتاريخ، والتنبؤ، والنبوءة، والشهادة، والمحبة، والنعمة لكل منها مصدره في الله وفيه غايتها. ما من شيء حقاً عند الله ينتهي بالفشل. الله يُرى منتصراً في النهاية. إدارة هذه الأمور على الأرض تُظهر، كما كان القصد الإلهي، ضعف ونقص المخلوق؛ ولكن ما من شيء يعيق أو يعرقل المقصد النهائي لله. إظهار نفسه في مجد معنوي هو الغاية أو النهاية.
أَنَا أُعْطِي:
٦- إننا نعشق كثيراً الجملة التالية: "أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا". هذا حاضر؛ وليس مستقبلي. ما من غضب ولا عطش سيشعر به أحد في "السماء الجديدة" و"الأرض الجديدة". انتفاء الأشياء السلبية (الآية ٤) يمنع فكرة وجود عطاش في الحياة الأبدية إلا في بحيرة النار. قلب الله يفيض بالشفقة والحنو نحو أبناء وبنات البشر المحتاجين وغير السعداء. "الينبوع"، مصدر الحياة نفسها، يوعد به العطاش. إنها عطية الله، وهي تُعطى مجاناً، كما كل عطاياه (أش ٥٥: ١).
الغالبون:
٧- ثم لدينا كلمة تشجيع وابتهاج رائعة للتلميذ المتعب والمنهك، "مُعْيِينَ وَمُطَارِدِينَ". الوعود للغالب في الجزء الأول من السفر (الأصحاحان ٢ و٣) تراعي الظروف الخاصة، وستكون هناك مكافآت خاصة. ولكن التشجيع هنا على المثابرة إلى النهاية في المعركة العامة للحياة هو أكبر كما أن المكافآت أكمل من تلك المذكورة في النصيب الأرضي. "مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ"، ويقصد بذلك كل من ورد اسمهم. ولكن لا تزال هناك بركة أعمق وأغنى مخزنة للمنتصر، وهي من النوع الشخصي، "أَكُونُ لَهُ إِلهًا". إنه يعطي نفسه للغالب على أحزان الحياة. في محاكمتنا هذا قول لافت حقاً حتى أنه يتقدم على كلمات بولس المنتصرة: "ابن اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي" (غل ٢: ٢٠). كل عبارة في الكتابات المقدسة كاملة وتأتي في مكانها، ولكن البعض منها فيه عمق راسخاً أكثر من غيره، وهكذا هو الحال في نصنا. إلا أن قصة النعمة لا تنتهي، إذ نقرأ، "يَكُونُ لِيَ ابْنًا". لذلك فإن البنوة هي علاقة أبدية. الغالب لديه الله، والله لديه الغالب كابن. وهكذا فإن التلميذ المتعب يتشدد إذ أن النهاية قريبة؛ الوعود كاملة بما فيه الكفاية لتسعفك في كل محنة وتجربة وصعوبة.
ثماني فئات من الخطأة:
٨- "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي". الله هنا، كما في الأقوال السابقة، هو المتكلم. وكما قال أحدهم: "علينا أن نلاحظ كيف أن هذه الآيات الثمانية مركبة من أقوال مباشرة يقولها الله". في الإعلانات السابقة يتكلم الله كمحبة، ولكن في القول الأخير للأبدية يتكلم كنور. الله لا يتناسى أبداً شخصه كديان للشر. بحيرة النار هي مكان حقيقي وأبدي للعقاب. ولكن لا نعرف في أي مكان في العالم موجودة هي. النكران الحالي للعقاب الأبدي لا يجد ما يؤيده، ولكن الدينونة المطلقة في المقطع الجديد أمامنا هو أمر واضح أكيد. الآية الثامنة تتعلق بالأبدية بشكل متمايز كما الحال مع الأولى أو الثانية. لا نجد في هذه الآيات الثمانية مقاييس أو حدود. بل نجد فيها أبدية الله وأبدية الإنسان، سواء في السماء، أو الأرض، أو بحيرة النار. هناك ثماني فئات مصنفة هنا:
- الْخَائِفُونَ، أو الجبناء، تشير إلى أولئك الذين كانوا يخافون الاعتراف بالمسيح أو أن يطابقوا أنفسهم مع الإنجيل.
- غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وهؤلاء الأكثر عدداً بين الفئات، يوجدون وسط كل الجماعات ورتب البشر.
- الرَّجِسُونَ، نفهم منها هنا بالمعنى الأوسع أنهم أولئك النجسون أخلاقياً ودينياً وجسدياً (١٧: ٤، ٥؛ ٢١: ٢٧؛ تي ١: ١٦).
- الْقَاتِلُونَ، هم في ازدياد مستمر. إنه لأمر جليل أن تتدخل في ما يخص الله شخصياً- الحياة البشرية.
- الزُّنَاةُ، تشير إلى الخطيئة المتفشية بشكل فظيع. وهي إتلاف فضيلة العفة باعتبارها أمراً سخيفاً، في حين أن الزناة يُقبلون في المجتمع رغم معرفة حقيقتهم، بينما الضحايا الأبرياء يُنبذون من المجتمع. ولكن الله يقلب هنا الدينونة على الإنسان، ويدّخر للزناة مصيراً يستحقونه ألا وهو بحيرة النار.
- السَّحَرَةُ، وهم أولئك الذين يتواصلون مع الأرواح الشريرة. كان الموت هو العقوبة التي حددها الناموس لأولئك الذين يمارسون تحضير الأرواح في تلك الأيام (تث ١٨: ١٠- ١٢). إن بحيرة النار هي المصير المشؤوم الذي حدده الله لكل من يمارسون السحر والشعوذة وتحضير الأرواح وعبادة الشيطان وبقية أشكال السحر.
- عَبَدَةُ الأَوْثَانِ، هم كل من يعبدون الآلهة الأخرى. ملايين لا تُحصى من الوثنيين في الماضي، والحاضر، والمستقبل، حيث رفض الناس الله وأسلموا ذاتهم لعبادة الأوثان، سيلاقون الدينونة الأبدية.
- جَمِيعُ الْكَذَبَةِ، من كل نوع ومن كل درجة ومن كل طبيعة سينتقم منهم الله إذ سيكون لهم البؤس الأبدي المقيم لأنهم على عكس حقيقة الله.
"البحيرة متقدة". ونارها لا تنطفئ. "نار وكبريت" يرمزان إلى عذاب وألم فظيعين (أش ٣٠: ٣٣). عبارة "بحيرة النار" ترد خمس مرات في سفر الرؤيا. إنه لأمر لافت للانتباه أنه عندما يُذكر الشيطان والخطأة المريعين في نصنا تُضاف عبارة "نار وكبريت". "الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي". الموت الأول هو انفصال النفس عن الجسد، ولكن ليس التوقف عن الوجود، ولا فقدان الوعي، كما يظن كثيرون. تُظهر الآيات في لو ١٦: ١٩- ٣١، والتي ليست هي مثلاً، ورؤ ٦: ٩- ١١ وعي وفعل الروح في الحالة المنفصلة. بحيرة النار بعذابها الذي لا ينتهي هي الموت الثاني. هناك ثلاث قوائم بخطاة من المفيد أن نقارن بينهم: ١ كور ٦: ٩، ١٠؛ رؤ ٢١: ٨، ٢٢: ١٥. في القائمة الثالثة الخمسة الذين يُذكرون أخيراً يتناظرون مع آخر خمسة في المقطع الذي نتأمل فيه.
الملاحظة الأخيرة عن الأبدية هي العويل والعذاب الذي لا يتوقف في بحيرة النار.
العروس فيما يتعلق بالحكومات والأبّهة الألفية
(الآيات ٩- ٢٧)
الحالة الأبدية والحالة الألفية:
تاريخ الجنس البشري وطرق الله مع البشر تأتي إلى خاتمتها في نهاية الأمر. الآيات الثمانية الأولى من أصحاحنا تقدم بعض ميزات الحالة التي لا تتبدل، بعبارات إيجابية وسلبية معاً، والأخيرة بشكل خاص أكثر. البركة الأبدية للمخلّصين والمصير الأبدي المشؤوم للأشرار يوضعان على طرفي نقيض. في الحالة الأبدية، كل شيء راسخ. الله نفسه وضع بشكل لا يُلغى حالة كل كائن بشري ورسّخها. كتاب التاريخ يُختم. في المشهد الذي رأينا وصفه للتو ليس هناك ذكر للحمل أو مشاهدة. الله هو الكل في الكل. الله في فعالية طبيعته يحدث الإحساس بالراحة الأبدية المقدسة الهادئة والساكنة والراسخة بعمق.
البر يسكن في المناطق الأبدية التي صُنعت وصارت جديدة. ولكن في الملك الألفي المسيح كحمل الله وابن الإنسان يخطف الأبصار ويسلب القلوب. إنه إشراق مجده. إن الصولجان في يده، وتيجان عديدة على رأسه. إنها الأبهة الغامرة لملكة. إنها البركات السخية التي يودّعها بوفرة مباركة في كل أرجاء الأرض. المسيح وخلال ألف سنة أخرى وطرق متنوعة وأعمال متعددة سيجعل الحالة الألفية عظيمة على نحو عظيم فخم مهيب جداً. الرب يسوع هو الذي يأخذ خيوط التاريخ المتقطعة وينسجها معاً إلى كل كامل. لم يحفظ أي من آدم أو موسى أو سليمان أو إسرائيل أو الكنيسة الشهادة التي أُوكلت إليهم. كل خادم للنعمة، أو الناموس، أو الحكم، قد برهن أنه كان غير أمين؛ كل آنية للشهادة قد انكسرت. ولكن سيُرى في الملكوت الألفي أن المسيح، آنية مجد الله، هو الوحيد الأوحد الذي كان أميناً. إنه يتلقى الملكوت من الله، لو ١٩: ١٢، وبعد إدارته له لألف سنة يسلّمه من جديد إلى الله (١ كور ١٥: ٢٤)، ليس فقط في الكمال الذي استلمه به، بل في مجد عظيم.
الكنيسة هي نتيجة مشورة الله في الأبدية وخليقته في الزمن. الكنيسة هي بآن معاً ألفية وأبدية في مصيرها (أف ٣: ٢١)، وفي الجوهر هي ذات طبيعة سماوية. الكنيسة، إلى جانب الله والحمل، هي الهدف المتميز أكثر في كل من الحالتين الأبدية والألفية. الكنيسة هي عرش الحمل، وتتبدى هكذا عندما يأخذ المسيح عرشه وملكه. إنها تشاركه المجد والعرش. علاقتها به كعروس هي علاقة أبدية (٢١: ٢). ولكن في الحالة الأبدية علاقة الكنيسة والقديسين بالله كمسكن له هي الفكرة الهامة البارزة في الآيات الثمانية الأولى من هذا الأصحاح. ففيها يسكن الله. الحالة الأبدية هي، وبالطبع، الأكثر رسوخاً من الاثنتين.
الرؤيا الألفية للعروس:
٩، ١٠- "ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتِ الْمَمْلُوَّةِ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ». وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ". بعد تلميح عابر إلى الملك الألفي للمسيح وقديسيه السماويين (٢٠: ٤- ٦) يعيدنا الرائي من التمعن في الحالة الأبدية إلى وصف مسهب للعروس، امرأة الخروف، في علاقتها الألفية في إسرائيل وفي العالم. وفي هذه، ألا وهو القسم الأخير من هذا القسم، نرى الاتحاد الحقيقي للكنيسة والدولة. إعادتنا إلى تفاصيل الحالة العامة المشتملة في الأصحاح ٢٠: ٤- ٦ ليس ترتيباً اعتباطياً. لدينا عدة أمثلة عن طابع مماثل في مقاطع سابقة من السفر؛ إضافة إلى ذلك، لندع قراءنا يتابعون تسلسل الأحداث من سقوط بابل الذي يُحتفل به في السماوات (١٩: ١- ٣) وصولاً إلى الحالة الأبدية (٢١: ١- ٨)، ونترك القارئ يتفحص بانتباه أكثر الآيات الثمانية مقارناً إياها مع ما يُقال عن الحالة الألفية للأشياء، ويرضينا أن يرى القراء الملاءمة والتوافق الكتابي الذي تشير إليه هذه الآيات.
مكان الكنيسة في مرافقتها الألفية مع المسيح لا يتوافق فقط مع مقاصد الله (أف ١: ٢٢- ٢٦)، بل هو التجاوب مع المعاملة السيئة والراشحة بالإزراء الذي تتعرض لها على الأرض.
ليس لدينا خدمات ملائكية في مشهد الأبدية؛ وهنا يبرزون بشكل واضح جلي. إن أحد ملائكة الجامات هو الذي يُظهر العروس ليوحنا، كما كان الحال مع نفس الملاك الذي أظهر له الزانية ومصيرها المشؤوم (قارن ١٧: ١- ٣ بـ ٢١: ٩، ١٠). العروس والزانية يتم الحديث عن كل منهما بدوره كمدينة، السابقة هي أورشليم، والأخيرة هي بابل. يجب أن يبقى في ذهننا أن كلمة "مدينة" في هذا السياق ما هي سوى رمز. إن أورشليم (الأصحاح ٢١) وبابل (الأصحاح ١٧) كل منهما يمثل مجموعة متدينة من الأشخاص. فكرة المدينة تغطي فكرة النظام المنظم من الحياة الاجتماعية ونشاط الحكم، والاهتمامات المشتركة، والرضى المتبادل؛ هذا وغيره كثير تتميز به مدينة الكنيسة في الألفية والأيام الأبدية.
من الآية ٩ نستنتج أن هناك شرطان أساسيان قبل أن يكون المرء مؤهلاً لأن يرى الأشياء أو المقاصد كما يقدمها الله. كان يوحنا قد نُقل بالروح وأُجلس على "جَبَل عَظِيمٍ عَال". قدراته الطبيعية كانت قد أُبقيت في حالة إيقاف مؤقت بينما يحكمها ويُسيّرها الروح القدس. وعندها وجهة النظر لا بد أن تكون في توافق مع المشهد العظيم. وعلى نفس المنوال فإن الروح القدس، وليس الفكر الطبيعي، كان القوة والقدرة الفائقي الطبيعة التي رأى بها الرائي الزانية بحسب أفكار الله، وفي البرية، إذ بينما كانت مزينة في بهرجان العالم ومجده كانت مهجورة من قِبل الله، وبالطبع، لكل فكر روحي (قارن مع ٤: ١، ٢).
ما رآه الرائي هو "الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ ٣ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ". يُقال مرتين عن هذه المدينة أنها "تنزل" نزولها الأول (الآية ٩) هو إلى خيمة الاجتماع في الأرض، ونزولها الثاني هو إلى الأرض الجديدة (الآيتان ٢، ٣)، بألف سنة فيما بعد. إنها تنزل من "السماء"، موطنها، و "من الله" منبع كينونتها وسعادتها.
المدينة: مجدها:
١١- "لَهَا مَجْدُ اللهِ". ما يُقدم في رو ٥: ٢ على أنه مسألة رجاء نجده هنا قد أصبح حقيقة واقعية. ما يستطيع الله أن يعطيه من مجد معنوي وخارجي يُرى مغطياً المدينة. وهي ليست فقط إناء مجد الله، بل إنها تعكسه إلى العالم. المدينة العروس هي ظلة مجيدة من النور والجمال الذي لا يذوي والإشراق في كل أرجاء العالم الألفي، وهذا سيكون أعظم مشهد يراه الإنسان على الإطلاق، وستستمر في إثارة إعجاب العالم لألف سنة. إلى درجة أقل سيعكس إسرائيل مجد الرب إلى الأمم والشعوب المحيطة (أش ٦٠). ستكون الكنيسة شاهداً مشرقاً على مجد الله والشبه الروحي به.
المدينة: لمعانها:
١١- "لَمَعَانُهَا ٤ شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ". في مجد الله تتألق المدينة، وذلك المجد هو نورها. أشرقت الزانية في مجد البشر. العروس تقف خارج مجد الله. بحد ذاتها هي خالية من الجمال، إنها تشرق فقط في مجد الله. وإشراقها، أو نورها، يقارن بـ "حَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ".
من بين الأحجار الكريمة، إن اليشب والصَّرْد متميزان بلمعانهما. هذان الحجران الكريمان الصلبان وغير القابلين للإتلاف يلائمان أن يكونا رمزين للفساد في الحالة المجيدة (١ كور ١٥: ٥٠). اللون الأزرق من ألوان قوس قزح المائجة هو اللون الأول، وأما الآخر فهو الأحمر، وكلاهما يلتمعان في جمال أخاذ. كلا الحجرين الكريمين يُمثلان مجد وجلالة الله المتربع على عرشه (٤: ٣). اليشب صلب، وشفاف، ومتألق مشرق كالكريستال، والذي هو منتج طبيعي. هناك ثلاثة قوائم بالأحجار الكريمة التي تمثل على التوالي مجد الله القابل للنقل: في الخليقة (حز ٢٨: ١٣)، والذي فيها اليشب يُذكر سادساً في القائمة؛ في النعمة (خر ٢٨: ١٧- ٢٠)، واليشب يُ١كر آخراً؛ وفي الحكم (رؤ ٢١: ١٩، ٢٠)،حيث اليشب يُذكر أولاً. اليشب يُذكر أيضاً ثلاث مرات في الوصف المفصل للمدينة السماوية؛ أولاً، في نورها (الآية ١١)؛ والثانية كأمان لها (الآية ١٨)؛ والثالثة، على أنه الأساس الأول للسور (الآية ١٩). وهكذا فإن مجد الله هو النور، والأمان، وأساس الكنيسة الممجدة.
المدينة: سورها:
١٢- "كَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال". السور هو بناء عظيم صلب جسيم مثير للإعجاب. إنه مصنوع من اليشب (الآية ١٨). ولذلك لا يمكن أن يُكسر، ولا أن يُخدش، وتبلغ أبعاده ١٤٤ ذراعاً، أو ٢١٦ قدماً (الآية ١٦). يحيط السور بالمدينة، مطوقاً إياها من كل الجهات، ما يشير إلى مدى الأمان فيها (أش ٢٦: ١؛ زك ٢: ٥). إنه يحرس مجد الله ويفصله؛ يحرس المدينة ويفصلها عن الخارج. الله نفسه هو المدافع وضامن الأمان والسلامة لكنيسته. إنه يقف حائلاً بينها وبين كل قوة معادية، معنوية كانت أم مادية.
السور المجيد الذي يعكس أبهة المدينة من الداخل، يدل على الحماية الإلهية والأمان المطلق، مستنداً على اثني عشر أساساً (الآيات ١٩، ٢٠)، كل أساس هو حجر، صلب، وهائل، وكريم. كل حجر أساس هو ذو قيمة نادرة، وثمن لا يُقدر، وجمال لا يُقارن، وبريق لا يذوي؛ الاثني عشر معاً تشكل شكلاً رائعاً في المظهر واللون. ما من بناء على الأرض في تلك اللحظة يمكن أن يضاهيه في الوزن، والحجم، والأبهة. "بانيه وصانعه الله". السور العظيم والمرتفع لا ينم فقط على أمان أولئك الذين في داخل المدينة، بل يحرس المدينة من أي تدخل خارجي (الآية ٢٧).
المدينة: أبوابها:
١٢- "كَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَابًا". العدد الذي يدل على الإدارة اثْنَا عَشَر يُستخدم كثيراً في هذا الوصف. ولذلك نجد هناك اثْنَا عَشَر باباً، واثْنَا عَشَر ملاكاً، واثْنَا عَشَر اسماً لإسرائيل، واثْنَا عَشَر اسماً للرسل، واثْنَا عَشَر أساساً، واثْنَا عَشَر لؤلؤة، بينما مقاييس السور والمدينة هي من مضاعفات العدد ١٢. أورشليم الألفية على الأرض لها اثْنَا عَشَر باباً (حز ٤٨: ٣١- ٣٤). واثْنَا عَشَر ترمز إلى كمال الحكم على الأرض أو نحو الأرض. ما من رمز أو عدد آخر يُستخدم للدلالة على الحالة البداية، لأن الحكم الأرضي، يكون آنذاك قد انتهي وزال. البر يسكن، وليس يملك. على الأبواب نُقشت أسماء الأسباط الاثني عَشَر، وعند الأبواب يقف الملائكة الاثْنَا عَشَر (الآية ١٢). إدارة شعب إسرائيل تبدأ من المدينة السماوية، وهذه ستكون بيد رسل الرب الاثني عشر- وفي هذا تحقيق لما جاء في مت ١٩: ٢٨: "تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيّاً تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ". هذا ما سيفعلونه من كرسيهم ومكانهم في العلاء. القديسون عموماً سيدينون العالم والملائكة (١ كور ٦: ٢، ٣)، ولكن دينونة إسرائيل تبدو خاصة ورسولية. الملائكة عند الأبواب، وليس في الداخل، هم خدام في حالة انتظار. كمال مكانة الملائكة هو في أن يخدموا. في التدبير القديم كان الملائكة هم المدراء؛ وأما هنا فالقديسون الممجدون (عب ٢: ٥). يقف الملائكة على الأبواب لكي ينفذوا الأوامر الصادرة من المدينة. كان الباب مكان تجمع العامة. وبالنسبة إلى الأبواب، شرقاً وشمالاً وجنوباً وغرباً (الآية ١٣)، الشرق يُذكر أولاً في تعداد الأسباط المحيطة بخيمة الاجتماع؛ بينما في حز ٤٨، في الترتيب الألفي للأسباط، الشمال يُذكر أولاً. دان، الذي كان يُعتقد أن ضد المسيح سيبزغ منه، يُحذف من الختم للأسباط في الحفظ الألفي (رؤ ٧)، وهو أول اسم يُذكر بين الأسباط عندما تُقسم الأرض (حز ٤٨١، ٢)؛ ولكن بينما يتم تذكر دان الوثني في النعمة، مع ذلك فإنه يكون بعيداً جداً عن الهيكل الألفي. الترتيب الذي يُستعاد فيه نسل إسرائيل هو الشرق، الغرب، الشمال، والجنوب (أش ٤٣: ٥، ٦). المواصفات في أصحاحنا لا تتوافق مع أي مما كان في السابق. لا شك أن هناك أسباب إلهية لهذا التنوع في الأماكن الجغرافية في المقاطع المختلفة.
المدينة: لآلئها:
٢١- "الاثْنَا عَشَرَ بَابًا اثْنَتَا عَشَرَةَ لُؤْلُؤَةً، كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَبْوَابِ كَانَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ". اللؤلؤة تشير إلى الوحدة، والنقاوة، والجمال، والغلاء. تلك الأبواب من اللآلئ تذكرنا بأفكار الرب عن المحبة والجمال نحو الكنيسة. تكلفة اللؤلؤة الواحدة الجملية مرتفعة جداً (مت ١٣: ٤٥، ٤٦) تفوق كل وصف. لقد باع الرب كل ما كان لديه واشتراها. ولكن اللؤلؤة يجب أن تكون لها بيئة ملائمة لها وملائمة لقيمتها، وكذا الحال الأبواب اللآلئ يحيط بها السور المصنوع من اليشب، ما يرمز إلى المجد الإلهي. إنها موضوعة على الجوانب الأربعة من السور، لكي تجتذب الأنظار إلى جمال الكنيسة من أربع جهات الأرض وتنال إعجاب العالم. "وَأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ نَهَارًا، لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ" (الآية ٢٥). الأبواب المفتوحة أبداً تدل على الحرية الكاملة المطلقة. إنه أمر اعتيادي أن تُغلق الأبواب في المدينة ليلاً لئلا يأتي عدو على حين غرة زاحفاً نحوهم. ولكن الأبواب السماوية لا تُغلق أبداً، لأن ظلال الليل لا تقع عليها.
المدينة: أساس السُور:
١٤- "سُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا". هذه تعد في الآيات ١٩ و٢٠. كل واحد من هذه الحجارة ذو حجم هائل، وصلابة مذهلة، وأبهة يتعذر وصفها. وعلى الأبواب هناك أسماء الأسباط، بينما على الأساسات نجد أسماء الرسل. هذه الحقيقة الأخيرة تعيد إلى الذهن كلمات الرسول بولس التي تقول: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ" (أف ٢: ٢٠). الأبواب والأساسات كليهما لهما رقم الإدارة ١٢. في بناء المدينة يتم ذكر اسم الرسل. ليس لإسرائيل دور في هذا. ولكن في القوة والأعمال التي تتعلق في الحكومات في المدينة يكون لإسرائيل دور في أبواب المدينة. الطرق خارج المدينة لا تسمى باسم المدينة، بل تسمى باسم الأماكن التي تؤدي إليها، وغالباً ما تسمى الأبواب بنفس الطريقة، وكذلك الحال هنا. المدينة على تواصل مع إسرائيل، وأولئك الذين يحكمون مع المسيح لا بد أن يكونوا متمايزين عن إسرائيل ولكن مبنيين على أساس يميز الكنيسة حصرياً.
الأساسات كانت مزخرفة أو مزينة بأحجار كريمة (الآية ١٩)، هذه الكلمات نفسها تُستخدم لوصف العروس التي هُيأت لأجل عريسها. أصاب بنغيل حين قال: "كل حجر كريم ليس فقط يزين الأساس، بل إنه يشكل الأساس أيضا". كل حجر من أحجار الأساس الاثني عشر تعكس جانباً معيناً من المجد الإلهي. ومعاً مندمجة تصور الله في مجد طبيعته وكينونته، إذ تشكل أساساً واحداً من قوة وفخامة لا نظير لهما. يقف المرء منذهلاً إزاء هذه الحقيقة المعنوية الرائعة التي ينقلها لنا الرائي: الله نفسه في عظمته ومجد كينونته المتنوعة، أساس الكنيسة في اليوم المبارك على وشك أن يبزغ. ليس هناك سوى حجر واحد يُستخدم في بناء السور، ألا وهو اليشب، وعلى الأرجح أنه الحجر الأعلى ثمناً والأكثر إشراقاً. اليشب هو أول حجر أساس. "الثَّانِي يَاقُوتٌ أَزْرَقُ. الثَّالِثُ عَقِيقٌ أَبْيَضُ. الرَّابِعُ زُمُرُّدٌ ذُبَابِيٌّ". لقد كان هذا مظهر قوس قزح الذي رآه يوحنا حول عرش الله. إنه رمز مناسب للسلام والسماحة في نعمة الله التي تخلّص. الْخَامِسُ جَزَعٌ عَقِيقِيٌّ. السَّادِسُ عَقِيقٌ أَحْمَرُ. السَّابِعُ زَبَرْجَدٌ. الثَّامِنُ زُمُرُّدٌ سِلْقِيٌّ. التَّاسِعُ يَاقُوتٌ أَصْفَرُ. الْعَاشِرُ عَقِيقٌ أَخْضَرُ. الْحَادِي عَشَرَ أَسْمَانْجُونِيٌّ. الثَّانِي عَشَرَ جَمَشْتٌ. هذه الحجارة الضخمة المختلفة الألوان تدعم السور. وهكذا تصور أمجاد الله المتنوعة في كل مكان.
المدينة: مقاييسها:
١٥- "وَالَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعِي كَانَ مَعَهُ قَصَبَةٌ مِنْ ذَهَبٍ لِكَيْ يَقِيسَ الْمَدِينَةَ وَأَبْوَابَهَا وَسُورَهَا". في ١١: ١، ٢ يُقاس الهيكل، والمذبح، والعابدون (كلهم على الأرض) ما يرمز إلى أنهم خاصته، وأنهم ينتمون إلى الله. ولكن هنا قياس المدينة السماوية هو من فوق. في السابق كان الرائي هو الذي يقيس؛ وأما في نصنا فإن الملاك هو الذي يقيس. قصبات القياس، أيضاً، مختلفة. أورشليم الألفية على الأرض بهيكلها، وساحاتها، الخ.، تُقاس بخيط من الكتان (حز ٤٠: ٣). مدينة الذهب تُقاس بشكل مناسب بقصبة من ذهب.
كان يجب قياس المدينة، والسور، والأبواب، ولكن النتيجة بالنسبة إلى الأخيرة لا تُذكر، بل فقط أبعاد المدينة والسور. الذهب يرمز إلى البر الإلهين كما أن اليشب يرمز إلى المجد الإلهي. الذهب بين المعادن هو الأغلى ثمناً، وكذلك الأمر اليشب هو الأغلى ثمناً بين الأحجار الكريمة. تُقاس المدينة بمقياس البر الإلهي الذي يتناسب معها. إن لها شكلاً مكعباً ما يظهر كمالها من كل الجهات، المربعة. طولها، وعرضها، وارتفاعها متساوون. من أي جهة نظرت إليها نجد الكمال. الوحدة، والكمال، والتناظر الإلهي للكنيسة في المجد مضمونة. كل جزء كامل مثالي، وكل شيء متوافق وفي انسجام تام. قال أحدهم: "إنها توصف كمكعب، وهكذا تكون مربعة من كل جهة. وبهذا نجد رمزاً إلى ذروة الكمال في تناظر بنائها". قياس المدينة، "اثنا عشر ألف فرلنغ"- ١٥٠٠ ميل- طولاً، وعرضاً، وارتفاعاً، هي أبعاد كبيرة جداً في حجمها وخصوصية البناء أكثر من أي مبنى آخر في المدن الأرضية. "إنها كبيرة وكاملة على حد سواء، وكلها يقيسها ويملكها الله". السور يُقاس بشكل منفصل، ولكن حجمه غير متكافئ مع حجم المدينة (الآية ١٧)؛ ومن هذا يمكن أن نفهم أن هذا مقياس إنسان. صور اليشب، الذي يرمز إلى المجد الإلهي كمدافع عن المدينة، ليس في حاجة إلى أن يكون ذا حجم كبير عملاق.
المدينة: ذهبها:
١٨- "الْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ". المدينة بحد ذاتها هي إظهار للبر الإلهي. لدينا بر إلهي الآن في تبريرنا الكامل؛ إنه أيضاً فاعل فينا لكي تعبر عنه الطبيعة الجديدة عملياً في مشهد من التناقض، ولكن المدينة بحد ذاتها، من مركزها إلى محيطها، كلها "ذهب نقي"، وشفافة، أيضاً، شبه "زجاج نقي". الكنيسة، وليس الملائكة، تتناسب مع الطبيعة الإلهية. وكل شيء يتوافق معه في سمة البر لديه. في الأرض الأبدية يسكن البر، ولكن الكنيسة نفسها هي ذلك التعبير الحي والممجد عن البر الإلهي. يا للمجد الذي تتزين به الكنيسة! انعكاس طبيعة الله. يا لروعة هذه الحقائق التي تنكشف لنا! "سُوقُ الْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ" (الآية ٢١). الكنيسة نفسها ليس فقط ستعكس مجد البر الإلهي، بل إن سلوكها وطرقها ستتوافق معه. البر علينا الآن (رو ٣: ٢٢)، وأيضاً مخلوق فينا (أف ٤: ٢٤)؛ ونحن إظهار له في المجد (رؤ ٢١: ١٨)، وعليه نسير (الآية ٢١). الشارع، مثل مدينة الذهب النقي، يرمز إلى كل ما في مسيرنا من قداسة وبر تميزه، وتجمّله وتعظّمه. عبارة "كزجاج شفاف" تعني أن السلوك والطرق البارّة للكنيسة ستعكس مجد حقيقتها، ليس فقط في نظر الله، بل عملياً في الإعلان والتعاليم- بر الله (٢ كور ٥: ٢١).
المدينة: لا هيكل فيها:
٢٢- "وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا". تقيد الهيكل بالتأكيد حضور الله ويُوحي لنا بفكرة متعبدين قريبين وبعيدين. "لا هيكل فيها" يعني دخولاً كاملاً وحراً إلى الله مسموح به للجميع على حد سواء. الدخول المباشر إلى الله بدون تدخل كاهن أو وسيط مفتوح ومتاح لكل واحد. الرب هو التعبير عن العلاقة المعنوية؛ والله، القدير، اسم الخالق الذي يتمتع بالقوة والسيادة؛ القدير، كلي القدرة في كل الظروف وعلى كل السلطة المناوئة، والحمل يُضاف إلى هذه الأسماء والألقاب الإلهية، من الهيكل. إن كان الله في المدينة، والحمل الذي أظهر مجده، والذي فيه تسكن الألوهة (كول ١: ١٩)، والذي به يتم الإعلان عن الله (يو ١٧: ٢٣)، فإن النص الكتابي الذي لدينا يطرح السؤال: "ما الحاجة إلى الهيكل؟ الله في عظيمة كينونته، ولكونه الذي تصرف وحكم في القديم، يكشف نفسه الآن في المجد عن طريق الحمل. الحضور الإلهي منتشر في كل مكان وعلى حد سواء. الله والحمل يجعلان أنفسنا معروفين في كل أرجاء مدينة الذهب الكبيرة الواسعة.
المدينة: ما من ضوء مخلوق فيها:
٢٣- "وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا". ليس من حاجة إلى نور مستقل مع أنه مخلوق كالشمس أو نور مستمد كالقمر، في المدينة السماوية. الله هو مصدر نورها، والحمل الذي مات عنا هو سراج المجد الإلهي. إنه هو الذي ينشر النور في كل أرجاء المدينة. ويتمركز في الله، الذي يجعله الحمل معروفاً، تذكار لمن كانت ذبيحته أبدية.
المدينة: علاقتها بالأمم والملوك:
٢٤- "وَتَمْشِي شُعُوبُ الْمُخَلَّصِينَ بِنُورِهَا، وَمُلُوكُ الأَرْضِ يَجِيئُونَ بِمَجْدِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا". إن الحمل هو الذي يرسل أشعة النور ويعلن مجد الله في وسط الكنيسة الممجدة ولها، ولكن الكنيسة هي وسيلة نقل النور إلى العالم الخارجي. بنورها تسير الأمم. ثم الملوك والأمم يأتون إلى المدينة السماوية؛ يجلبون مجداً وكرامة لها (الآيات ٢٤- ٢٦). حكم السماوات يُعترف به. كرسي الحكم هو في وسط المدينة، والملوك والشعوب في الألفية، يتنعمون عندئذ بالنور الباهر والشمس المشرقة للمدينة المجيدة أبداً، ولها يقدّمون قلوبهم الممتنة بسرور. ولكنهم لن يدخلوا إليها. الكنيسة هي النور وهي موزع البركة للعالم، عاصمة كرسي كل حكم على وجه الأرض بالإجمال.
المدينة: لا ليل فيها:
٢٥- "لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ". ستكون المدينة جسماً كبيراً ضخماً من النور والمجد، من الداخل والخارج، نوراً سوف لن يضمحل أبداً، ومجداً سوف لن يبهت على الإطلاق. سيكون هناك نور أبدي مشرق. ما من سحابة ستعبر سماءها، ولا ظل يلقى عليها. لا ليل بعتمته، ومخاوفه، ورعبه. الليل الطويل والمظلم للكنيسة قد صار في الماضي. لقد دخلت الآن إلى يوم أبدي لن تغيب فيه الشمس أبداً.
المدينة: لا دنس فيها:
٢٧- "وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِّلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ". الخطيئة في كل مظهر وشكل تنتفي من المدينة المقدسة. ما من بقعة أو لطخة من الشر مهما كان صغر حجمها يمكن أن يحتمل وهج المجد الإلهي. أولئك الذين يدخلون في البركة السماوية ويشاركون فيها هم وحدهم الْمَكْتُوبونَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ. الكنيسة هي المنظورة في كل هذا الوصف الجميل والمكثف، أي المجموعة الكاملة من القديسين من يوم الخمسين (أع ٢) حتى الاختطاف (١ تسا ٤). أليس في هذه الكلمات الختامية دلالة على قديسين سماويين آخرين سيدخلون إلى المدينة؟ الكنيسة مشكلة وكاملة، وفي الحقيقة، يقيسها الله، وبذلك فلن تكون هناك إضافة إلى عبيدها. وحدتها وكمالها ككل مضمونة للغاية قبل أن يدخل إليها أولئك الذين تُذكر أسماؤهم في الآية ٢٧. ولذلك فإننا نستنتج أن قديسي العهد القديم وشهداء الضيقة الآتية سوف يدخلون إلى المدينة، أي بدون أن يشكلوا جزئاً منها، سيدخلون إلى البركة والمجد، ويتشاركون مع الكنيسة بالمسيح في حكمه العالمي- الجميع يشكلون مسكن الله (الآية ٣). لقد ظهرت الكنيسة ووُصفت برمز المدينة، ولكنها العروس، وامرأة الحمل، التي صُورت في الرؤيا. هذا الأصحاح العظيم، أش ٦، أروع نتاج أدبي قد خطّته يد إنسان على الإطلاق، مترابط من كل النواحي مع المدينة السماوية، أورشليم. وصف مستقبل شعب إسرائيل، بعد استعادة أورشليم وتجمعهم على جانبي الهيكل الألفي، الخ.، يشكّل مجمل اللغة المجازية المستخدمة في أصحاحنا هذا، وفي بضعة الآيات التي تختم الأصحاح الأخير.
١. - توجد الأرض بعد زوال السماء والأرض (٢٠: ١١- ١٣). ولذلك لا يمكن أن يكون هناك توقف عن الوجود، بل المعنى أن حالتها الآنية آنذاك تزول، ليس أن الشيء يصبح بائداً، بل تتوقف الظروف في وقت معين، لتفسح مجالاً لأشياء أخرى من نوع دائم. كتب عالم جيولوجيا متميز يقول: "أعترف بأني عاجز عن أن أجد أي دليل على ذلك (اندثار كوكبنا) في الطبيعة، أو العقل، أو الكتابات المقدسة".
٢. - الأمم كهذه لا يمكن أن يكون لها مكان في الحالة الأبدية، لأن هذه كانت ثمرة إدانة الحكومات (تك ١١: ١- ٩). الآيات التسع الأولى من الأصحاح ١١ في سفر التكوين تسبق تاريخياً الأصحاح ١٠، وتفسر بشكل فعلي تواجد أمم عديدة تم ذكرها في ذلك الأصحاح التاريخي الهام. ثم في التغيير العظيم الذي يشير إليه الكتاب المقدس على أنه "التجديد" (مت ١٩: ٢٨)، والذي يتم الحديث عنه علانية على أنه الألفية، نقرأ عن البحر الميت، أو بحر الشرق (حز ٤٧). البحر الكبير، أو البحر المتوسط، يُشار إليه أيضاً في نفس ذاك الأصحاح الألفي الشيق. (انظر زك ١٤: ٨؛ مز ٧٢: ٨؛ يوء ٣: ١٨، إلخ.).
٣. - "أورشليم" فقط، إذ أن صفة "الجديدة" لا تُستعمل إلا عند الحديث عن الحالة الأبدية (الآية ٢).
٤. - اللمعان، أو جسم نيّر، نجده في العهد الجديد فقط ويرمز إلى الكنيسة كحاملة للنور في هذا العالم (فيل ٢: ١٥).