الفصل ٢

مغزى الأرقام في بناء
وخدمة خيمة الاجتماع

مغزى الرقم (٣)

الرقم ٣ : هو عدد الأشخاص الواجب توافرهم في الشهادة المقبولة الوافية : "خُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَة" (متى ١٨ : ١٦). هناك ثلاثة أشخاص نجد تمثيلاً لهم في الخيمة :—

  1. الله : حضوره يملأ قدس الأقداس، وهو يسكن متربعاً على كرسي الرحمة حيث يستطيع باستحقاق أن يلاقي أردأ الخطأة بدون أن يُنتَقَص مقدار ذرة من الاعتراف بقداسته.
  2. المسيح : المرموز إلى لاهوته، وناسوته، وموته الكفاري بتابوت العهد وعرش الرحمة.
  3. الروح القدس : المرموز إليه بالنور في منارة الذهب، وفي زيت المسحة .

وهناك ثلاثة شقق تؤلف خيمة الاجتماع :—

  1. قدس الأقداس
  2. المقدس
  3. ساحة (أو فناء) الخيمة (دار المسكن)

وهناك ثلاثة معادن تدخل في تشييد الخيمة :—

  1. الذهب : الذي يرمز إلى لاهوت ربنا يسوع المسيح، وأيضاً البر الإلهي كما نراه في عرش الرحمة.
  2. الفضة : ترمز إلى الفداء كما نراه في نصف الشاقل من الفضة الذي يُدعى "فضة الكفارة".
  3. النحاس : ويرمز إلى موت المسيح الذي استوجبته مسؤولية الإنسان نحو الله. وهذا نراه في المذبح النحاسي، المدخل الوحيد الأوحد إلى الله.

كانت هناك ثلاثة سوائل تُستخدم في خدمة خيمة الاجتماع :—

وهذه هي الدم، والماء، والزيت، وهؤلاء هم الشهود الثلاثة الذين يُشار إليهم في (١ يوحنا ٥ : ٨) : "وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ : الرُّوحُ (المرموز له بالزيت)، وَالْمَاءُ (كلمة الله)، وَالدَّمُ (الكفارة). وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ".

  1. الدم : يشهد على موت المسيح، الذي كان كفارة عن خطايا البشر.
  2. الماء : يشهد على موت المسيح، رداً على موضوع "الحالة" – "مولودون من الماء والروح" (يوحنا ٣ : ٥).
  3. الزيت : يرمز إلى الروح القدس، الوكيل الإلهي الذي به يمكن للإنسان أن يُولد من جديد، هذا الأمر الذي يؤكد يوحنا في (٣ : ٥) على ضرورته، إذا ما شئنا أن تكون لنا علاقة مع الله.

سوف يتم شرح هذه بتفصيل أكثر فيما بعد.

وكانت هناك ثلاثة أشياء في قدس الأقداس :—

  1. تابوت العهد
  2. عرش الرحمة
  3. الكروبين : اللذان "يُصنعان من قطعة واحدة" من الذهب (خروج ٣٧ : ٧).

وكانت هناك أشياء ثلاثة في المقدس :—

  1. مائدة خبز الوجوه : ترمز إلى المسيح، غذاء شعبه.
  2. منارة الذهب : المسيح النور لشعبه.
  3. المذبح الذهبي : مكان العبادة والشفاعة.

وفي فناء دار الخيمة كانت هناك ثلاثة أشياء :—

  1. باب الدار : رمز المسيح الذي قال "أنا هو الطريق" (يوحنا ١٤ : ٦).
  2. المذبح النحاسي : ويرمز إلى ضرورة الذبيحة القربانية إذا ما أراد الخطاة أن ينالوا البركة.
  3. المرحضة (المغسلة) النحاسية، المملوءة بالماء : وترمز إلى صفة التطهير المميزة لكلمة الله التي تنطبق على المتعبّد، وهي تؤكد على أن القداسة ضرورية لأولئك الذين يودون أن يدنوا إلى الله لأجل خدمة التقديس.

وكانت هناك ثلاثة مداخل للخيمة :—

  1. باب الفناء : وهو مدخل الخطأة.
  2. الستارة المعلقة على باب الخيمة : وهي مدخل المقدس التي يعبر منها الكاهن.
  3. الحجاب : الذي كان يشكل المدخل من المقدس إلى قدس الأقداس، والذي كان يدخل منه رئيس الكهنة في يوم الكفارة العظيم.

كانت تقدم فيها ثلاثة أنواع من الأضاحي :—

  1. من القطيع : ثور مخصي.
  2. من المواشي : خروف، أو معزاة.
  3. من الدواجن : زوجي يمام أو فرخي حمام.

وكان للاوي ثلاثة أولاد : كانوا يؤدون من خلال سلالتهم الخدمة اللاوية لخيمة الاجتماع :—

  1. ابن ميراري (٣٢٠٠) : حمل الألواح، والقضبان، والأعمدة، والأوقاب، والمسامير والأوتاد، الخ.
  2. أبناء جيرشون (٢٦٣٠) : حملوا الستائر، وستارة الدار، الخ.
  3. أبناء قهات (٢٧٥٠) : حملوا الآنية المقدسة (انظر سفر العدد ٤).

واستُخدِمت ثلاثة ألوان في الستائر :—

  1. الأزرق : اللون السماوي، ويرمز إلى المسيح الإنسان السماوي.
  2. الأرجواني : هو لون الأباطرة، ويرمز إلى المسيح ملك الملوك ورب الأرباب الذي سيحكم العالم كله.
  3. القرمزي : اللون الملوكي، ويرمز إلى المسيح ملك إسرائيل.

وكان الشعب مكوناً من ثلاث طبقات من الناس :—

  1. "بني إسرائيل" : وهم "عامة الناس" أو "الشعب".
  2. اللاويين.
  3. الكهنة.

كان "عامة الشعب" (لاويين ٤ : ٢٧) يقفون مقابل المقدس أو الطبقات المنزوية، اللاويين والكهنة. ومع ذلك فإن علاقتهم بالله (يهوه) ١ كانت تتطلب قداسة السلوك في حضرته.

وكان اللاويون يقومون بفك الخيمة، ونصبها، وحملها خلال نقلها من مكان إلى آخر.

وكان الكهنة يقومون بخدمة الذبائح، والمنارة الذهبية، ومائدة خبز الوجوه، ومذبح البخور الذهبي، الخ.

يجب أن نفهم بشكل واضح أن المؤمنين في هذا الدهر يمثلون كل هذه الطبقات الثلاث. وفي حياتنا المنزلية، والعملية، واليومية نحن "عامة الناس"، ومع ذلك فإننا نخص عائلة الله الذي يطلب منا القداسة في السلوك. وفي خدمتنا للرب فإننا ننجز بعضاً من الخدمة التي كان اللاويون يقومون بها. وأخيراً، فإن المؤمنين جميعهم كهنة. ولقد خاطب الرسول بطرس المؤمنين كاتباً لهم : "كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، بَيْتاً رُوحِيّاً، كَهَنُوتاً مُقَدَّساً، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (١ بطرس ٢ : ٥). ونجد أيضاً الرسول يوحنا يخبرنا أن الله "َجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً (وحرفياً : مملكة كهنة) لِلَّهِ أَبِيهِ" (رؤيا ١ : ٦). وإن كل المؤمنين هم كهنة لله، ولديهم " ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ" (عبرانيين ١٠ : ١٩).

مغزى العدد (٤)

العدد (٤) هو العدد الذي يرمز إلى ما هو عالمي أو متعلق بكل أرجاء الدنيا. ومن هنا نتحدث عن "الرياح الأربع" (حزقيال ٣٧ : ٩)؛ وعن "أربعة أطراف الأرض" (أشعياء ١١ : ١٢).

أربع ستائر، أو أغطية لخيمة الاجتماع : وهذه تعبر عن علاقة المسيح الكونية مع البشر :—

  1. ستائر البوص المجدول، والصباغ الأزرق (الإسمانجوني) والأرجواني والقرمزي مع الكروبين البارع الصنع الذي يمثل الأمجاد الأربعة لابن الله :—
    • فالصباغ الأزرق : يرمز للمسيح الوحيد الذي من السماء؛
    • والصباغ الأرجواني : يرمز إلى مجده كملك الملوك ورب الأرباب، وابن الإنسان؛
    • واللون القرمزي : يرمز إلى مجده كملك إسرائيل؛
    • والكروبين المشغول في الستائر يمثل المسيح بشخصه كديّان في علاقته بالسماء والأرض سواء كانت فيها نعمة أم إدانة.
  2. الستائر المصنوعة من شعر المعزى : ترمز إلى المسيح في منصبه النبوي، كما رأينا.
  3. جلود كباش محمرة : ترمز إلى أن طاعته قد قادته إلى الموت بحد ذاته.
  4. جلود نُخَس : الذي كان يرمز من الخارج إلى ما كان عليه المسيح في نظر الإنسان الطبيعي، إذ لا جمال فيه يشده إليه. وبالمقابل، فإن الستائر الجميلة في الداخل كانت أمام ناظري الكهنة وهم يخدمون في المقدس.

المذبح النحاسي كان مربع الشكل : وهذا يرمز إلى أن ذبيحة موت المسيح الكفارية لم تكن فقط لأجل القلة، المختارين، بل أن "المسيح ..... بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ" (ا تيموثاوس ٢ : ٦). إذ "هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا ٣ : ١٦). إن المذبح المربع الشكل يدعو الناس إليه من أطراف الأرض الأربعة. وما من خاطئ إلا ويكون موضع ترحيب إلى نعمة الله التي تغفر الذنوب.

وكان على المذبح أربعة قرون : وهذه تقوّي ما سبق ذكره، لأن القرون ترمز إلى كامل قوة المذبح.

وكان مذبح البخور الذهبي رباعي الأضلاع : وكان عدد القرون (٤). وهذا يدل على أن كل الذين يخلصون مؤهلون لأن يكون عباداً لله. ولكن، وللأسف، الجميع لا يأتون إلى المذبح النحاسي. ومن هنا نجد أنه بينما كان حجم المذبح النحاسي كبيراً وارتفاعه إلى خمسة أذرع طولاً وخمسة عرضاً (مربع الشكل)، وارتفاعه ثلاثة أذرع، فإن مذبح البخور الذهبي (رمز العبادة والشفاعة) لا يزيد على ذراع واحد طولاً، وذراع واحد عرضاً ("مربعاً يكون") (خروج ٣٠ : ٢)، وارتفاعه ذراعان، وهذا يدل على حقيقة أنه رغم أن الدعوة هي للجميع، إلا أنه ليس الجميع يستجيبون.

أربعة أعمدة ترفع الستارة عند مدخل الخيمة : وهذه ترمز إلى التمثيل الكوني لإنجيل نعمة الله. لقد كان هذا المدخل الوحيد إلى الحرم المقدس، ويذكرنا ذلك بالقول : "اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس ١٦ : ١٥).

كان الرقم (٤) هو عدد "أفخر الأطياب" (خروج ٣٠ : ٢٣)، والتي كان الزيت في قوامها : "دهناً مقدساً للمسحة". إن المسح في خيمة الاجتماع، للأواني المقدسة فيها، وللكهنة ولرؤساء الكهنة، يعلّمنا أن الله يظهر لنا صورةً عن نفسه على أنه مستعد لمباركة كل الناس وكل الكون، وذلك على أساس ما كان المسيح بالنسبة إليه بكل طيبة، لكونه الممسوح، إذ أن هذا هو معنى كلمة "مسيّا" في العبرية، والمرادف لها "المسيح" في اليونانية.

أول هذه الأطياب المذكورة كان المرّ. لكي تحصل على شذاه الحلو كان لابد من أن يُسحق، كمثل المسيح الذي "سُحِقَ لأجل آثامنا" (أشعياء ٥٣ : ٥)، وجُعِلَ كفارة عن خطيئتنا. كم كان عطراً طيّب العِرْف في حياته وفي مماته بالنسبة للآب الذي أرسله. ومن هنا فإن الروح القدس (المرموز له بالزيت) يمكن أن يقدمه لله ببهجة لا تُوصَف تفيض في قلب الله.

"المحبة، التي في وادي ظلال الموت،
تنشر عطرها على المؤمنين،
وحيث بدت الخطيئة سائدة على الجميع،
أشرق مجد الفداء"

وكان عدد "الأعطار" أربعاً (خروج ٣٠ : ٣٤). وبمزجها معاً كانت تشكل عطراً نقياً ومقدساً "الْبَخُورَ الْعَطِرَ نَقِيّا صَنْعَةَ الْعَطَّارِ" (الخروج ٣٧ : ٢٩)، الذي يُدَقّ بشكل ناعم كان ليوضع أمام تابوت العهد في خيمة اجتماع الشعب. كل من هذا وزيت المسحة المقدس يذكراننا بالتصوير الرباعي الأوجه للمسيح الذي نجده في الأناجيل الأربعة : فمتى يصور المسيح في شخصه الملوكي، "جَرْو أسد يهودا"؛ ومرقس يصوره كعبد الله الطائع المرذول؛ ولوقا، كإنسان، المسيح يسوع؛ أما يوحنا فيصوره في شخصه الخاص، ابن الآب، الكلمة الأبدية، الذي صار جسداً. إن كلاً من هذه الأناجيل الأربعة تروي قصة موت ربنا. كم هو عَطِرٌ شَذِيٌّ ذاك التصوير لربنا في الحياة وفي الموت.

زيت المسحة المقدس ما كان يُصنع لكي يضعه الإنسان على جسده. وما كان العطر المقدس يُصنع للاستخدام الشخصي في تخفيف ألم الموت، وهذا يُظهر أن الرب المبارك لا مثيل له في حياته وموته، وفي نتائج ذلك الرائعة التي أتت بالبركة إلى الكون المفدّى.

مغزى العدد (٥) ومضاعفاته

إن الرقم (٥) هو العدد الذي يشير إلى مسؤولية الإنسان. ومضاعفته هي فقط لتعزيز الفكرة.

إنه العدد الذي، مع مضاعفه ١٠، قد طُبع عليه شكل الإنسان. فهناك (٥) أصابع في كل يد، وبالإجمال هي (١٠)، وهذه تدل على مسؤولية الإنسان في (العمل)؛ وخمسة أصابع في كل قدم، وبمجملها (١٠)، تدل على مسؤوليتنا في السلوك؛ ولدينا الحواس الخمس : الرؤية، والسمع، والشم، والذوق، واللمس – وهي تمثل كل مجال انفتاح البشر في مسؤوليتهم تجاه الله.

وإلى هذه يمكن أن نضيف الوصايا العشر، التي كُتِبَت على لوحي الحجارة، خمسةٌ على كل لوح، وهذه تلخّص مسؤولية الإنسان، إذا ما أراد الإنسان أن يكون مباركاً مغبوطاً.

(١٠) أذرع كان ارتفاع ألواح خيمة الاجتماع، بما يرمز إلى الإنسان في مسؤوليته أمام الله. وسنرى لاحقاً كيف كان موقف الإنسان تجاه ذلك. وكان عدد ألواح الجانب الجنوبي من خيمة الاجتماع (٢٠)؛ وفي الجانب الشمالي (٢٠) لوحاً؛ و(٤٠) حلقة من الفضة زُوِّدَ بها الجانب الجنوبي؛ و(٤٠) حلقة للجانب الشمالي؛ (١٠٠) حلقة من الفضة إجمالياً في كل الألواح، والأعمدة، وستارة الحجاب. (انظر الخروج ٣٨ : ٢٧). وكانت هناك (٥) قضبان تربط الألواح الـ (٢٠) مشكّلة بناءً واحداً متماسكاً.

و(٥) أعمدة و(٥) حلقات من النحاس عند مدخل المقدس. و(١٠) ستائر من البوص المجدول كانت تغطي خيمة الاجتماع. و(١٠٠) ذراع من الكتان مع (٢٠) عموداً كانت مستقرة في (٢٠) حلقة من النحاس، من أجل الجانب الجنوبي من فناء الخيمة؛ وعدد مماثل كان للجهة الشمالية؛ وكان هناك ستارة بعرض (٥٠) ذراعاً تدعمها (١٠) أعمدة تستقر في (١٠) حلقات من النحاس.

وكان على كل جانب من باب الفناء قد عُلِّقَت عليه ستارة بـ (٥٠) ذراعاً، وتشكل بالإجمال (٣٠) ذراعاً.

وكانت الحاجة إلى (٢٠) ذراعاً من الستائر باللون الأزرق والقرمزي والأرجواني والبوص المجدول، مشغولة بالإبرة مع (٤) أعمدة و(٤) حلقات. وهذا المدخل كان يرمز إلى المسيح لكونه الطريق الوحيد إلى الله، وأما الأعمدة الأربعة مع الحلقات فكانت ترمز إلى الجانب الكوني من صورة المسيح كمخلص وحيد لكل البشر.

وكانت هناك (٢٠) جيرة، نعرف بشكل محدد أنها كانت تعادل نصف شاقل من الفضة، كانت مطلوبة من كل الذكور البالغين من العمر عشرين وما فوق كـ"فضة كفارة". وهذه نتج عنها (١٠٠) طالن، و(١٧٠٣) وحدة و(١٥) شاقلاً من الفضة، يقدر وزنها بأربعة أطنان من الفضة. واستُخدمت (١٠٠) طالن من أجل حلقات الفضة البالغة (١٠٠). واستُخدمت البقية في الخطافات والعصابات في الأعمدة الـ (٦٠) في الفناء، حيث كان هناك (٢٠) على الجانب الجنوبي، و(٢٠) على الجانب الشمالي، و(١٠) من جهة الغرب، و(١٠) من جهة الشرق.

يكفي أن نقدم هذه البيانات هنا، وسوف يتم شرحها بمزيد من التفصيل فيما بعد. يكفي القول أن العدد (٥) ومضاعفاته قد استُخدم بطريقة مذهلة في عملية تشييد خيمة الاجتماع.

مغزى العدد (٧)

(٧) هو العدد الذي يُستخدم للإشارة إلى الكمال الإلهي. إن العدد (٦) يشير إلى قمة ما يمكن للإنسان أن يحرزه أو يصل إليه ويحققه، والذي يبقى ناقصاً يعوزه الكمال. اليوم السابع كان فيه اكتمال وإتمام عمل الله في الخلق. ونقرأ عن "الأرواح السبعة أمام عرشه" (الرؤيا ١ : ٤)، وهذه تشير إلى كمال أعمال الله، الروح القدس. و(٧) كان عدد التفرعات في المنارة الذهبية. و(٧) كان عدد الأغراض التي كانت في أثاث خيمة الاجتماع، وهي :—

  1. تابوت العهد
  2. كرسي الرحمة
  3. مائدة خبز الوجوه
  4. المنارة الذهبية
  5. المذبح النحاسي
  6. المغسلة النحاسية
  7. مذبح البخور الذهبي

إن الأغراض الخمسة الأول ترمز إلى الله وقد خرج إلى الإنسان، جاعلاً إياهم يعرفونه كإله غفور على أساس الذبيحة الكفارية لربنا على الصليب. وآخر غرضين يرمزان إلى المتعبّد الداخل نحو الله، فيمثلان عمل المسيح كرئيس كهنة لنا، مقابل الأغراض الخمسة الأولى التي ترمز إليه ككاهن اعتراف لنا. وبهذا الترتيب وردت في الكتاب المقدس.

مغزى العدد (١٢)

(١٢) هو العدد الذي يشير إلى الإدارة.

(١٢) هو عدد أشهر السنة، وهذا إشارة إلى إدارة الله في الطبيعة.

العدد (١٢) هو عدد أسباط إسرائيل، وهذا يمثل إدارة الله فيما يخص شعبه الأرضي.

(١٢) كان عدد الأرغفة على مائدة خبز الوجوه، ويرمز إلى إدارة الله في دعمه وحفظه لشعبه.

(١٢) كان عدد الأسماء المحفورة على كتفية رئيس الكهنة، ترمز إلى إدارة الرب ودعمه لشعبه وحفظه له.

و(١٢) كان عدد الأحجار الكريمة في غفارة رئيس الكهنة، يرمز إلى إدارة الرب في المحبة التي تبدت في تمثيله لشعبه في حضور الله. إنه يظهر "أمام وجه الله لأجلنا" (عبرانيين ٩ : ٢٤).

(١٢) كان عدد تلاميذ ربنا، وهذا يمثل رئاسته في المسيحية.

لقد أوصاهم أن يذهبوا إلى كل أرجاء العالم وأن يكرزوا بالإنجيل للجميع. وفي الكنيسة نحن "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أفسس ٢ : ٢٠).

(١٢) هو عدد يميّز بشكل خاص بناء المدينة المقدسة، التي ترمز إلى الكنيسة التي تظهر في الألفية (رؤيا ٢١). ففيها :—

  1. اثنا عشر باباً.
  2. اثنا عشر أساساً.
  3. اثنا عشر اسماً على الأساسات.
  4. اثنا عشر نوعاً من الحجارة الكريمة في الأساس.
  5. اثنا عشر بوابة.
  6. اثنا عشر لؤلؤة في البوابات.
  7. اثنا عشر ألف غلوة، مقدار عرض وطول وارتفاع المدينة.
  8. مئة ذراع وأربع وأربعين ذراعاً (١٢ × ١٢) كان قياس السور.
  9. اثنا عشر نوعاً من الثمار كانت تطرحها شجرة الحياة في الفردوس خلال أشهر السنة الاثني عشر.

مغزى العدد (٤٠)

العدد (٤٠) ناتج عن مضاعفة العدد ٤ عشر مرات.

العدد (١٠) هو المقياس الكامل لمسؤولية الإنسان نحو الله ونحو الإنسان، والعدد (٤) يمثل ما هو عالمي كوني. إنه يرمز إلى المقياس الكامل للتمحص والاختبار.

(٤٠) يوماً كانت الفترة التي استمر فيها الطوفان على الأرض، وكان هذا يعني كارثة عالمية.

(٤٠) يوماً كان الوقت الذي انتظر فيه نوح بعد الفيضان لتتناقص المياه قبل فتح نافذة الفلك، وأرسل الغراب، وكان هذا زمن الانتظار قبل بداية العالم في نظامه الجديد.

(٤٠) عاماً كان عمر موسى عندما هرب من مصر : وبعد (٤٠) سنة من ذلك فوّضه الله بأن يصبح محرراً لشعبه؛ وبعدها بأربعين سنة توفي.

(٤٠) سنة كانت مدة رحلة البرية التي قطعها بنو إسرائيل، وهذه كانت فترة امتحان وتجربة لهم.

(٤٠) سنة كانت مدة حكم شاول وداود وسليمان، وخلال هذه الفترة اختبر الله كيفية اضطلاعهم بمسؤولياتهم نحو الله والإنسان في مركز الملك الحاكم لشعب الله الأرضي.

(٤٠) يوماً كانت الفترة التي مُنِحَت لأهل نينوى كي يتوبوا، ويتفادوا دمار مدينتهم العظيمة. إن الله يعطي زماناً وفيراً لكل إنسان في العالم كي يتوب.

(٤٠) يوماً كانت مدة تجربة الرب يسوع في البرية.

وبالتأكيد فقد كان شخصاً كونياً، وعلى انتصاره على الشيطان حصلت البركة إلى كل العالم.

(٤٠) يوماً كانت المدة الفاصلة بين قيامة الرب المجيدة، وصعوده إلى السماء، وهذه كانت فترة كافية لتثبت بشكل كامل أمام شهود كثيرين أنه حقاً قام من بين الأموات منتصراً بعمله الكفاري الذي أنجزه على الصليب.

يمكننا أن نستفيض في الحديث عن هذا الموضوع الشيق، ولكن ليس هناك متسع من الوقت لذلك هنا.

ملاحظة

هناك أسباب كثيرة تجعل الله يلجأ إلى استخدام الأرقام والأعداد كأسلوب للوحي، فيعطي لكل عدد معنى باستخدامه له. ويشهد علماء الفلك وعلماء الطبيعة على الطريقة التي طبع فيها الله الأعداد على خليقته المادية. فمثلاً : الذرة الهندية تكون متوضعة على صفوف تكون دائمة زوجية ولا يمكن أن تكون ذات عدد مفرد. وقد حاول مزارع على سبع وعشرين سنة أن يحصل على "قولحة ذرة" ذات عدد فردي من الصفوف ولكن بدون جدوى. مثال آخر على الأعداد المطبوعة على الخليقة يمكن أن يفي بالغرض، ألا وهو فترة الحمل عند المخلوقات، فهي :—

  1. عند الفئران ٢١ يوماً (٣ × ٧).
  2. عند الأرانب البرية والجرذان ٢٨ يوماً (٤ × ٧).
  3. عند القطط ٥٦ يوماً (٨ × ٧).
  4. عند الكلاب ٦٣ يوماً (٩ × ٧).
  5. عند الأسود ٩٨ يوماً (١٤ × ٧).
  6. عند الأغنام ١٤٧ يوماً (٢١ × ٧).
  7. عند البشر ٢٨٠ يوماً (٤٠ × ٧).

لاحظ أن كل هذه الفترات هي أعداد من مضاعفات (٧). هل نستطيع القول أن هذا بمحض الصدفة، أم أنه من تصميم الله؟ الرأي الأخير هو الأكيد. إن الله هو إله الطبيعة، وإله الوحي، وقد رأى أنه حسنٌ أن يطبع الأرقام على كليهما.

في (دانيال ٨ : ١٣) : نقرأ : "فَسَمِعْتُ قُدُّوساً وَاحِداً يَتَكَلَّمُ. فَقَالَ قُدُّوسٌ وَاحِدٌ لِفُلاَنٍ الْمُتَكَلِّمِ : [إِلَى مَتَى الرُّؤْيَا مِنْ جِهَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَمَعْصِيَةِ الْخَرَابِ لِبَذْلِ الْقُدْسِ وَالْجُنْدِ مَدُوسَيْنِ؟]" وإننا نقتبس هذه الآية بشكل خاص من أجل العبارة "للقديس فلان المتكلم". هذا يدل على شخص ما معين، وفي بعض شروحات الكتاب المقدس يُوصف هذا الشخص بأن مهمته هي في الترقيم والأعداد. يبدو، في الطبيعة وفي إعلانات الله، وكأن هناك ملاكاً ما قد عيّنه الله ليدلنا على الأرقام وعلى دلالات الأرقام. ٢


١. ((يهوه)) : اسمٌ عبري عرّف به الله على نفسه في فترة معينة في العهد القديم وتعني "الكائن"، وذلك في رده على سؤال موسى له عمّن يكون. (خروج ٣ : ١٢- ١٥) : "فَقَالَ مُوسَى لِلَّهِ : «هَا أنا آتي إلى بَنِي اسْرَائِيلَ وأقول لَهُمْ : الَهُ آبَائِكُمْ أرْسَلَنِي إلَيْكُمْ. فَإذَا قَالُوا لِي : مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أقُولُ لَهُمْ؟» فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى : «اهْيَهِ الَّذِي اهْيَهْ». وَقَالَ : «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي اسْرَائِيلَ : اهْيَهْ أرْسَلَنِي إلَيْكُمْ». وَقَالَ اللهُ أيْضا لِمُوسَى : «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي اسْرَائِيلَ : يَهْوَهْ إلَهُ آبَائِكُمْ إلَهُ ابْرَاهِيمَ وَإلَهُ اسْحَاقَ وَإلَهُ يَعْقُوبَ أرْسَلَنِي إلَيْكُمْ. هَذَا اسْمِي إلى الأبد وَهَذَا ذِكْرِي إلى دَوْرٍ فَدَوْرٍ". [المترجم]

٢. هذا المقطع ترجمه المترجم بتصرف.