الفصل ١٥

الذبائح

(اقرأ لاويين ١- ٦)

عند الكتابة عن الذبائح يحسن بنا أن نقدم بعض الملاحظات التمهيدية. فمسحاً عاماً شاملاً قد يساعد على إدراك التفاصيل.

إن الذبائح الأساسية التي كانت تقدم كانت إحدى الأنواع الخمسة التالية:—

  1. ذبيحة المحرقة.
  2. قربان التقدمة.
  3. ذبيحة السلامة.
  4. ذبيحة الخطية.
  5. ذبيحة الإثم.

وهذه بدورها يمكن تقسيمها إلى نوعين أو ثلاثة.

فمحرقات الوقود رَائِحَةِ سُرُورٍ كانت تُوقد على نار المذبح النحاسي. وأول ثلاثة أنواع من الذبائح التي ذكرناها يندرج تحت هذه الفئة.

وذبائح التقدمة كانت تُحرق "خارج المحلة". وآخر نوعين من الذبائح التي ذكرناها هما في هذه الزمرة.

لقد كانت محرقات الوقود رَائِحَةِ سُرُورٍ تدل على سرور الله من إذعان الرب بملء إرادته ليقوم بالكفارة على الصليب.

كانت محرقات الوقود رَائِحَةِ سُرُورٍ ترمز إلى القضاء الرهيب الذي كان سيوقعه الله على الخطيئة عندما وُضِعَ حِمْلُ الخطية على ربنا المتألم القدوس.

سنلقي الضوء فيما يلي على فحوى القرابين والذبائح المقدمة لنظهر الفروقات فيما بينها مع بعض التفصيل.

ذبيحة المحرقة

مِنَ الْبَقَرِ: ذَكَراً صَحِيحاً.

مِنَ الْغَنَمِ (الضَّانِ أوِ الْمَعْزِ): ذَكَراً صَحِيحاً.

مِنَ الطَّيْرِ: مِنَ الْيَمَامِ أوْ مِنْ أفْرَاخِ الْحَمَامِ.

قربان التقدمة

دقيق، أو زيت، أو لُبان، أو أقْرَاص مِنْ دَقِيقٍ فَطِير مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ. أو تكون دَقِيقاً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ فَطِيراً. أو فَفَرِيكاً مَشْوِيّاً بِالنَّارِ، جَرِيشا سَوِيقاً، وقد جُعِلَُ عَلَيْهَا زَيْتاً وَوُضَِعُ عَلَيْهَا لُبَانٌ.

ذبيحة السلامة

هي مِنَ الْبَقَرِ ذَكَراً أوْ أنْثَى يكون َصَحِيحاً ، أو مِنَ الْغَنَمِ ذَكَراً أوْ أنْثَى يكون َصَحِيحاً.

ذبيحة الخطية

هي عن الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ.

تكون ثَوْراً ابْنَ بَقَرٍ صَحِيحاً.

عن كُل الجَمَاعَةِ.

ثَوْراً صَحِيحاً.

عن الحاكم أو الرئيس.

تَيْساً مِنَ الْمَعْزِ ذَكَراً صَحِيحاً.

عن أحَدٍ مِنْ عَامَّةِ الأرْضِ.

عَنْزاً مِنَ الْمَعْزِ أنْثَى صَحِيحَةً.

مِنَ الضَّانِ أنْثَى صَحِيحَةً.

ذبيحة الإثم

أنْثَى مِنَ الأغْنَامِ نَعْجَةً أوْ عَنْزاً مِنَ الْمَعْزِ أو يَمَامَتَيْنِ أوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. أو عُشْرَ اللايفَةِ مِنْ دَقِيقٍ.

فِي أقْدَاسِ الرَّبِّ .

كَبْشاً صَحِيحاً مِنَ الْغَنَمِ، وتعويضاً، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ.

عَملُ وَاحِدَة مِنْ مَنَاهِي الرَّبِّ.

كَبْشاً صَحِيحاً مِنَ الْغَنَمِ، وتعويضاً، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ.

ستلاحظون أن الثور يأتي في مرتبة أعلى من الثور الفتي في الذبائح، وأن الذكر أعلى مقاماً من الأنثى، وأن أدنى ما يمكن أن يُقدَّمَ كذبيحة هي زوجي يَمَام أوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، أو حتى دقيقاً مطحوناً. ونلاحظ أنه كلما كان الشخص أرفع مقاماً عند الله، كانت امتيازاته أكبر، وكانت خطاياه تُعتبر أفظع في نظر الله. وهذا ما تعبّر عنه الآية: "كُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيراً يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيراً يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ" (لوقا ١٢: ٤٨).

نلاحظ أن هناك ترتيب أو هرمية واضحة. فيبدأ الله بذبيحة المحرقة، التي هي أسمى أنواع الذبائح. والخاطئ بخبرته يبدأ ذبيحة الإثم. وكما بدأ الله بتابوت العهد، وقدس الأقداس، كما رأينا للتو، فإنه بدأ من أعلى قمة مجده، وليس من حاجة الخاطئ، رغم أن مجده يشتمل ضمناً على سد حاجة الخاطئ، فهكذا هنا أيضاً نجد أن الله يبدأ بذبيحة المحرقة، وهي أرفع جانب في موت المسيح، الذي كان موتاً كفارياً حتى من هذا الجانب.

كما أن الموشور ينشر الضوء إلى ألوانه السبعة المذهلة، التي تشكل مزيجاً يعطي الكمال من الأضواء الصافية، هكذا الحال أيضاً في موت المسيح في جوانبه المتعددة، المجتمعة معاً في ذهننا، فتجعلنا نفهم بشكل أكمل وأعمق معنى موت المسيح.

إن الكتاب المقدس لا يفسح مجالاً لمذهب التوحيد المنكر للتثليث، وللنقد النصي، وللحركة العصرية الرامية إلى تكييف العقائد المسيحية على ضوء العلم والفلسفة، للتنكر لأساسيات الإيمان المسيحي. إن الذبائح، ونضح الدم، وموت الأضحية، والحرق، والرماد- كلها تؤكد وبقوة على أن موت المسيح كان كفارياً، بدلياً، تعويضياً. إن جرّدناه من هذه المعاني أو انتقصنا منها، فإننا بذلك نجعل من موت المسيح أمراً لا معنى أو قيمة له. وإن صورنا موت المسيح على أنه استشهاد، أو كمثال أعلى عن الجنس البشري، فإننا بذلك إنما نغش نسلاً ساقطاً تحت الخطيئة ومحكوماً عليه بالموت وذلك بخداع لا يقل عن انخداع المسافر بالسراب في الصحراء، فيموت عطشاً ويأساً. إن ادّعينا أن الجانب الكفاري من موت المسيح غير موجود في الكتاب المقدس، فهذا خداع ماكرٌ، كأن تقول عن الأبيض أسود، والأسود أبيض، وبذلك تخدع الجهلاء فقط.