الفصل ٢٠

ذبيحة الإثم

(اقرأ لاويين ٥: ١ – ١٩؛ ٦: ١ - ٧)

ونأتي الآن إلى ذبيحة الإثم، وهذه تتعلق بشكل رئيسي بأفعال علنية محددة، بعضها تم عن جهل وبعضها الآخر عن معرفة. فإن وُضِعَ الإنسان تحت القسم، وأخفق في إظهار دليل حقيقي عما رآه أو سمعه عن ذنب شخص آخر، فإنه يكون أثيماً، وكان هذا يستوجب تقديم ذبيحة إثم. وإن لمس إنسانٌ شيئاً نجساً، ولو كان مخفياً عن نظره، فإنه كان يُعتبر نجساً ومذنباً. وإن لمس أحدهم نجاسة إنسان ما، ولو كانت محتجبة عنه، عندما علم بها، فإنه كان مذنباً. وإن أقسم إنسانٌ على أن يفعل خيراً أو شراً، ولم يره عندما علم بذلك، فإنه كان مذنباً أيضاً.

في تلك الحالة كانت هناك حاجة إلى ذبيحة الإثم. وكانت أنْثَى مِنَ الأغْنَامِ، وإذا كان المقدِّمُ فقيراً يعجز عن أن يقدم نَعْجَةً أوْ عَنْزاً مِنَ الْمَعْزِ، كان يُسْمَحُ له بأن يقدم يَمَامَتَيْنِ أوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ بدلاً من ذلك.

من اللافت للانتباه أن نلاحظ أنه عندما كان يتم تقديم عصفورين، كان يُنظر إلى الأول كذبيحة خطية، والآخر كمحرقة، وهذا يظهر أن موت المسيح بكل جوانبه هو لبركة المؤمن. وفي الحالة التي أمامنا هنا يأتي ذكر ذبيحة الخطية أولاً، ثم المحرقة، وهذا بحسب الترتيب الذي يدرك فيه الخاطئ قيمة موت المسيح. فأولاً ذبيحة الخطية ترمز إلى "التطهر"؛ ثم ذبيحة المحرقة، رمزاً إلى "القبول".

بعد ذلك يأتي وصف التدبير المؤثر للغاية والفائق العادة. فإن كان الإنسان فقيراً بحيث يعجز أن يقدم يَمَامَتَيْنِ أوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، كان يُسمح له بأن بقدم عُشْرَ اللايفَةِ مِنْ دَقِيقٍ، حفنة من ذاك الذي كان يوقده الكاهن على المذبح ليكفّر عن الخطيئة المحددة المرتكبة، والبقية تكون للكاهن كتقدمة قربانية.

هنا ذبيحة الخطية تكون بدون دم. ما رمز ذلك؟ هناك أمر أكيد. نعلم من جهة الله أن كل شيء قد وضعه الله لبركة الخاطئ يستند إلى دم المسيح الزكي، وليس إلى أي شيء آخر.

وتفسير ذلك بسيط ولكن واضح. لقد كانت مسألة فقر المقرب الشديد، رمز الشخص ذي الإحساس الضعيف والمبهم بالخطيئة، والطريقة التي يمكن بها معالجتها.

نعتقد أن نفوساً كثيرة يجتذبها الرب بمعرفة بسيطة أو حتى بدون معرفة بالمعنى الحقيقي لموت الرب، ومع ذلك فإنهم يضعون عليه رجاء إيمانهم بطريقة غامضة وطفولية وينالون البركة والسعادة، ومن هكذا رمز نتشجع على الاعتقاد بأن حالة كهذه يقابلها موت المسيح.

في زمن العهد القديم كان هناك قديسون في الله، الذين لم يعرفوا المسيح، ولا المعنى الكامل لموت المسيح الذي كان يتبدى لهم بصورة ضبابية مبهمة من خلال الذبائح، ومع ذلك فقد تباركوا بالذبيحة التي كان من المزمع أن تقام فيما بعد. ونجد تغايراً بين مؤمني العهد القديم ومؤمني هذا الدهر فيما يلي: "الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ". أي أن خطايا مؤمني العهد القديم قد غُفرت بفضل البر الذي حققه المسيح بموته الكفاري. والآن نقرأ عن مؤمني العهد الجديد: "لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ" (رومية ٣: ٢٥، ٢٦).

ونكرر نفس كلمات الكتاب المقدس مؤكدين أنه "بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!" (عبرانيين ٩: ٢٢).

الحمد لله لأجل هذا التبرير الكريم الذي جعله رمزياً لأولئك الذين لديهم فهم غامض وضعيف، أو أولئك الذين يجهلون الإنجيل الذي نعرفه، ومع ذلك فإن لديهم روحاً تتوق إلى الله وتتطلع إليه للخلاص، ويجدونه، ولو كان غير معروف بالنسبة لهم، وذلك في ذبيحة المسيح الكفارية على خشبة الصليب.

إن بقية الأمثلة في هذا الإصحاح، أي "الخطيئة في أقداس الرب"، أو مخالفة أي من وصايا الرب، ولو عن جهل، إنما تستحضر عنصراً جديداً، وهو التعويض.

كان يجب الإتيان بكبش كذبيحة إثم. والمال، المكافئ للاحتيال المرتكب، كان يُضاف إليه خمسه. وحيث كانت هناك عملية احتيال، كان التعويض اختباراً ضرورياً للتوبة، وأي محاولة للمراوغة، كانت ستجعل الكاهن غير قادر على تقديم ذبيحة الإثم، لأن الذبيحة والتعويض كانا يتماشيان معاً.

في (لاويين ٦: ١ - ٧)، حيث كانت الخطايا خرقاً واضحاً للعهود مع القريب، كان التعويض يأتي أولاً، ثم تأتي الذبيحة. في حالة خرق العهد هذه كان من الضروري والأساسي تصحيح العلاقة مع الشخص الذي ارتكبت الخطيئة تجاهه، وهذه مسألة صحيحة سليمة وملحة في عيني الله، قبل أن يتبرر المرء أمام الله نفسه.