الأصحاح ١٥

"وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «أََنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَ وَقَاَلَ لَهُ: «أَنْتَ تَقُولُ». وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قَائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ!» فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً مَنْ طَلَبُوهُ" (١٥: ١- ٦).

في وقت باكر من الصباح دعا رئيسُ الكهنة السنهدريمَ إلى الاجتماع، وبموافقتهم أُوثِقَ يسوع واقتيد كمجرم خطير، وحالما صار بيلاطس مستعداً لعقد محكمة أسلموه له لكي يُحاكَم بحسب القانون الروماني ويُعدَم كزعيم عصيان مسلح، لأنهم عرفوا أن تهمة التجديف الملفقة لن يكون لها معنى أو أهمية بالنسبة للوالي الحاكم الذي يتصرف بالنيابة عن الحكومة الإمبراطورية.

ماكراً، أنانياً، قاسياً بوحشية عادمة الشفقة، كان بيلاطس سياسياً محنكاً لم يكن ليأخذ بالاعتبار حقوق أي إنسان إن كان ذلك سيشكل إحراجاً له. إذ كان مقتنعاً كلياً براءة يسوع والكراهية وراء الاتهام الذي وجهه له رؤساء إسرائيل، جبن بيلاطس أمام التهديد المتمثل في قولهم له: "إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ" (يوحنا ١٩: ١٢). وإذ خشي أن يقدّم أعداؤه السياسيون صورةً سيئة عنه أمام الإمبراطور، اختار أن يضحّي بالرب يسوع، الذي كان في نظره مجرد حِرَفيّ جليلي بسيط، قد صار معلّماً، وذلك لكي يُبقي على الحظوة التي له في روما. وبنتيجة ذلك، غرق اسمُه في وحل العار عبر القرون والأجيال، كما تمثل في كلمات دستور الإيمان: "تألم على عهد بيلاطس البنطي".

إذ أعلن الرؤساء أن يسوع قد قال أنه الملك الشرعي لليهود وأنه جمع حوله زمرة من الساخطين بهدفٍ معلنٍ صراحةً هو تحرير بني إسرائيل من نير الرومان، طرح بيلاطس السؤال مباشرة على السجين: "«أََنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟»" فأجاب يسوع: "«أَنْتَ تَقُولُ»"، أي كأنه يقول: "أنت قلت ما هو عين الصواب". فمن ناحية القول أنه ملك اليهود، فقد كان حقاً كذلك، رغم أن الوقت لم يكن قد أتى بعد ليعتلي عرش داود.

باتقاد وحماس أطلق رؤساء الكهنة الاتهام تلو الآخر ضد يسوع، وهو لم يَرُدّ على أي منها.

متعجباً من هدوء وسكون هذا الإنسان المتواضع الذي وقف بخنوع وصبر أمامه، سأله بيلاطس: "أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟" ثم أضاف قائلاً: "انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ!". ولكن يسوع، وكما سبق أشعياء وتنبّأ، "لم يفتح فاه".

احتار بيلاطس في أمره. لقد أدرك القلق أو الاهتمام المزعوم المرائي عند الكهنة والكتبة على كرامة وشرف الإمبراطورية، وأدرك أنهم إنما كانت تحركهم روح الحسد من هذا الإنسان الذي أسر مخيلة كثيرين من عامة الشعب. في الواقع، ما من شك في أن بيلاطس كان قد سمع من الأقاويل والأخبار عن معجزات يسوع. فعملاؤه كانوا في كل مكان في كل أرجاء الأرض. وكان يعرف جيداً سبب كراهية رؤساء إسرائيل للناصري.

إذ بحث عن طريقة ليحرر يسوع دون إغضاب هؤلاء الكهنة المتعجرفين، تذكّر بيلاطس أنه منذ بعض الوقت، أعطتْه روما صلاحية إطلاق سراح أحد السجناء السياسيين في عيد الفصح، لكي يسترضي اليهود، تاركاً الخيار لهم. ففكر في متمرّد حقيقي كان يتبعُه البعضُ قبل فترة، ولكنه كان الآن ينتظر عقوبة الإعدام، فقرر بيلاطس أن يعرض على الشعب أن يختاروا بين هذا المجرم ويسوع.

"وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِماً يَفْعَلُ لَهُمْ. فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ قَائِلاً: «أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟». لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ" (١٥: ٧- ١١).

الاسم "بَارَابَاسَ" يعني "ابن الآب". وبعض المخطوطات القديمة تسمّيه يسوع بَارَابَاسَ. ولقد أصبح رمزاً لضد المسيح. لقد كان معروفاً جيداً كقائد لثورة ضد الحكم الروماني على فلسطين وكان قد شارك في عصيان مسلح وفيه أُدين بالقتل. من الواضح أنه كان بطلاً في نظر عامة الناس، لأنهم بدأوا في الحال يصرخون راجين بيلاطس أن يتبع العادة المتبعة المشار إليها قبل قليل وأن يعطيهم حرية إعتاق من يشاؤون من السجناء أو الأسرى.

ووافق بيلاطس على ذلك، ولكن على أمل أن يجنّبه هذا أي مسؤولية تجاه يسوع. ولذلك سأل: "أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟" لقد استخدم هذا اللقب بتهكم ساخر، وكأنه يرى في يسوع متمرداً على روما، إذ كان يعرف في قلبه السبب الحقيقي وراء بغضهم ليسوع.

"فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ" الذين كانوا سهلي الانقياد في مشهد من الاهتياج، وحرضوهم على المطالبة ببراباس، وهذا ما فعلوه.

"فَأَجَابَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: «فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟» فَصَرَخُوا أَيْضاً: «ﭐصْلِبْهُ!» فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَازْدَادُوا جِدّاً صُرَاخاً: «ﭐصْلِبْهُ!» فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ بَعْدَ مَا جَلَدَهُ لِيُصْلَبَ" (١٥: ١٢- ١٥).

"فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟" كما أشرنا قبل قليل، كان بيلاطس مقتنعاً بأن الحسد وحسب عند رؤساء الكهنة هو الذي قادهم إلى اتهام الرب يسوع أمامه. وعبثاً حاول أن يتجنب أي مسؤولية في هذه المسألة، بل طرح السؤال عليهم بطريقة يجعلهم يشعرون بها أن القرار النهائي يعود إليهم.

"فَصَرَخُوا أَيْضاً: «ﭐصْلِبْهُ!»". بسبب كشفه لنفاقهم وريائهم، طالب رؤساء الدين الخسيسين بموتٍ قاسٍ لذاك الذي طالما كان يوبّخهم.

"«وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟»" لقد كان القاضي الروماني هذا يعرف أن يسوع لم يخالف أي قانون من قوانين الإمبراطورية ولذلك لم يكن ليستحق الموت، ولكن بيلاطس كان أيضاً خائفاً من اليهود خشية أن يأخذوا موقفاً سلبياً منه. طالب الغوغاءُ، بتحريض من الكهنة، بصلب ذاك الذي لم يستطيعوا أن يثبتوا أي شر عنده.

"أَطْلَقَ (بيلاطس) لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ بَعْدَ مَا جَلَدَهُ لِيُصْلَبَ". ذاك الشخص الذي كان يفترض فيه حفظ حق البريء كان مهتماً أكثر باسترضاء اليهود أكثر من حماية المسيح. ولذلك، فبيلاطس الذي كان قبل هنيهة قد أعلن أن يسوع إنسان بار (متى ٢٧: ٢٤) أصدر الحكم عليه بأن يموت صلباً.

لو كان بيلاطس قاضياً ذا ضمير لكان رفض أن يقر بالتهم التي لا دليل عليها التي ادّعاها خصوم المسيح، وكان ليطلق سراحه، ولكن الله هو المتحكّم بالأمور وقد استخدمه أداة ليحقق بها كلمته بخصوص الطريقة التي سيموت بها المسيح.

"فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ وَﭐبْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «ﭐلسَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ" (١٥: ١٦- ٢١).

          بعد سلوك بيلاطس الرعديد في إذعانه وخنوعه لرؤساء الكهنة وإدانة يسوع، اقتيد الرب من ساحة المحكمة إلى الفناء الخارجي الذي يُدعى دار الولاية، حيث أخضعوا المتألم الصابر إلى فصلٍ من السخرية الوقحة الفظة والتعذيب.

كانوا قد سمعوا التهمة الموجّهة إلى يسوع بأنه أعلن نفسه ملكاً؛ ولذلك، وبمرح رديء راحوا يتظاهرون بالاعتراف به هكذا، فألبسوه رداء أرجوانياً كعلامة على الاعتراف الظاهر به ملكاً. وجعلوا على جبينه المقدس إكليلاً صُنِع من الشوك البري الذي كان منتشراً جداً في البراري والريف. وكانوا يحيّونه، منحنين أمامه في إذلال ساخر هازئ، قائلين: "«ﭐلسَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!»". بالنسبة لهؤلاء الجنود، كان ذلك نوعاً من الدعابة أو المزاح المضحك. ورغم الأعمال الوحشية التي أغدقوها على يسوع، إلا أنهم لا يحملون ولو نصف وزر شعبه خاصته الذين طالبوا بصلبه.

إذ أرضوا رغبتهم السادية ابتغاء للمتعة في آلام الأسير (يسوع)، نزعوا عنه الرداء، ووضعوا ثوبه عليه، وراحوا يدفعونه خارجاً إلى مكان الصلب.

ووُضِعَ صليبٌ ثقيل على كتفه ليحمله إلى الجلجثة، أو الجمجمة. يقول التقليد أنه قد وقع تحت وطأة ثقل الصليب، ولكن لا يقول الكتاب المقدس شيئاً عن ذلك، نعلم فقط أن سمعان، الْقَيْرَوَانِيُّ، وهو فلاح عابر سبيل، تم التعريف به هنا على أنه أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، وفي موضع آخر يُدعى باسمه فقط، سمعان الْقَيْرَوَانِيُّ، قد أُجبرَ على أن يحمل الصليب ليريح المُدان المحكوم عليه. قال المسيحيون الأوائل أن هذا القيرواني وأبناءه قد صاروا من الأتباع المخلصين ليسوع فيما تلا من الأيام. والبعض يطابق بين أحد هؤلاء الأبناء مع روفس الوارد ذكره في (رومية ١٦: ١٣).

الجزء التالي من الأصحاح يأتي بنا إلى تل الجمجمة. الجمجمة، الجلجثة، أي موضع الجمجمة- يا للذكريات المقدسة التي تتحلق حول هذه الكلمات! لم تكن هذه الكلمات تعني شيئاً قبل صلب ربنا سوى إشارة إلى مكان خارج أسوار أورشليم يتم فيه إعدام المجرمين- الجناة الذين ينتهكون قوانين روما العظيمة. ولكن، ولأكثر من تسعة عشر قرناً من رفع ابن الإنسان (على الصليب)، صار الاسم "الجلجثة"، أو مترادفاته في اللغات الأخرى، يحرّك قلب الملايين لأنه رمز حب أقوى من الموت، لم تقوَ أنهار الدينونة الكثيرة أن تُطفئه.

من اللحظة التي انحدر فيها من لدن الآب إلى الزريبة في بيت لحم، كان الصليب نصب عيني ربنا المبارك. فلقد صار إنساناً لكي يغدو ذبيحة استرضائية عن خطايانا (١ يوحنا ٢: ٢). ولقد أحسن أحد كُتاب الترانيم حين قال:

"طريقُه، الذي كان خلواً من أية راحة في الدنيا،
قاده إلى الصليب وحسب".

فهناك تمت تسوية مسألة الخطيئة إلى الأبد، عندما جُعِلَ، ذاك لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خطيئةً (أي صار تقدمةً عن الخطيئة) وذلك "لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (٢ كورنثوس ٥: ٢١).

نلاحظ برهبة ومهابة أن ابن الله بقي معلقاً على صليب العار ذاك لست ساعات مريعة. هذه الساعات الست تُقسم إلى مرحلتين. أولاً من الساعة الثالثة إلى السادسة- أي كما نقول من الساعة التاسعة صباحاً إلى منتصف النهار، حيث كانت الشمس لا تزال مشرقة، وأمكن للجميع أن يروا ما كان يجري. خلال هذه الساعات الثلاث كان يسوع المسيح يتألم على أيدي الناس. ما أزال الخطيئة ليس ما أنزله الناس به من عقاب أو عذاب (عبرانيين ٩: ٢٦). سيُدان الناس على كل الحقد والبغضاء ما لم تدفعهم التوبة إلى التحول إلى الخلاص بذاك الذي صلبوه (أعمال ٢: ٢٣؛ المزمور ٦٩: ٢٠- ٢٨).

ومن الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة انتشرت العتمة في كل أرجاء الدنيا. وما أمكن لعين بشر أن ترى وسط ذلك الظلام. عندها جُعلت روح المسيا تقدمةً كفارية عن الخطية. ما أطلقت عليه إليزابيث باريت براونينغ تسمية "صرخة عمانوئيل اليتيمة"، أي تلك الصرخة: "«إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟» (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)"، عند ربطها بالمزمور ٢٢، الذي منه استُمدت،  تدل على التخلي في الروح الذي مرّ فيه الرب يسوع المسيح عندما صار حامل الخطية العظيم. فعندها تعامل معه الله، القاضي العادل البار، ككفيل يقف بديلاً عن الخاطئ. وبفضل ما احتمله هناك، جُعلت الكفارة للمعصية، والآن أمكن لله أن "يكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ" (رومية ٣: ٢٦). ألا فليجعل الله قلوبَنا حساسة رقيقة أبداً، وأرواحنا تتأثر بعمق ونحن نتأمل من جديد موت المخلص في الجلجثة.

"وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ». وَأَعْطَوْهُ خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ لِيَشْرَبَ فَلَمْ يَقْبَلْ. وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ. وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوباً «مَلِكُ الْيَهُودِ». وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ». وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ! خَلِّصْ نَفْسَكَ وَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!» وَكَذَلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَعَ الْكَتَبَةِ قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا. لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ». وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ. وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟» (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: «هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا». فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خَلاًّ وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: «ﭐتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ!». فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. وَﭐنْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هَكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ قَالَ: «حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!»" (١٥: ٢٢- ٣٩).

"مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ»". يعتقد الكثيرون اليوم أن هذه تشير إلى تلة على هيئة جمجمة تقع خارج أورشليم، قرب بوابة دمشق، التي تُعرف الآن باسم "جلجلة غوردون". ويفهم آخرون من هذه الكلمات مجرد إشارة إلى مكان تنفيذ أحكام الإعدام.

"خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ". كان هذا شراباً مخدِّراً، مُعَداً ليسكّن ألم أولئك الذين يموتون صلباً. لكن الرب يسوع أبى أن يشرب منها. إنه ما كان ليقبل أي شيء يمكن أن يمنع دخوله كليةً إلى كل ما كان يشتمل عليه الصليب.

"اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا". بهذا كانوا يحققون بدون معرفة منهم نبوءة داود، التي أُطلقت قبل أكثر من ألف سنة، والتي دونها المزمور ٢٢: ١٨. كانت ثياب المجرمين تُعتبر جزءاً من علاوة أو أجر إضافي يناله الجنود الذين يؤدون وظيفتهم عند الصلب.

"وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ". هذا يُحتسب بالنسبة إلى التوقيت الروماني، من شروق الشمس، أو ما نعتبره الساعة السادسة.

"كَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوباً «مَلِكُ الْيَهُودِ»". لقد كان من المعتاد أن يُثَبّتَ إعلانٌ فوق رأس من سيُصلب يدل على نوع الجرم أو الذنب الذي ارتكبه. من سخرية القدر أن بيلاطس لقّب يسوع بلقب ملك اليهود، كونه إنساناً يموت تمرداً على سلطة الرومان.

"صَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ". كان هذان مدانين فعلياً بجرائم ضد شريعة الأرض. لا يخبرنا مرقس عن الحوار الذي يدور بينهما وعن ذاك الذي يعترف بإثمه ويستصرخ يسوع أن يخلصه. نجد تدويناً لهذا في (لوقا ٢٣: ٣٩- ٤٣).

"«أُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ»". كان أشعياء قد كتب هذا عن (يسوع) قبل سبعة قرون. والآن تتحقق كلماتُه حرفياً (أشعياء ٥٣: ١٢).

"كَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ". بدون إشفاق على ألمه وحزنه وكربه، راح الغوغاء الساخرون يحرّفون كلماته ويرددونها في وجهه، موبّخين إياه ساخرين ومطالبين إياه بأن يُظهرَ قوتَه بأن ينزل من على الصليب إن كان فعلاً الممسوح من الله. لم يدركوا أن خطاياهم، وليست المسامير التي دُقّت في يديه وقدميه، هي التي علّقتْه على عود الصليب.

"خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا". عندما نطق رؤساء الكهنة بهذه الكلمات ساخرين كانوا يعلنون حقيقة عظيمة. إن كان سيخلّص الآخرين فلن يستطيع أن يخلّص نفسه.

"لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ". في سخرية للقدر قاسية كانوا يخاطبونه بنفس الألقاب التي كانت فعلاً ألقابه الشرعية الحقة، ولكن لم يبدر منه أي تجاوب. أن ينزل عن الصليب كان يعني الهلاك الأبدي لكل جنسنا الساقط.

"لَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ". مع حلول تلك الظلمة الفائقة الطبيعة على كل الأرض، لا بد أن إحساساً رهيباً بالخوف قد أصاب نفوس ذلك الجمع السفيه. في تلك الساعات الثلاث قُرّبَ كأسُ الدينونة إلى شفتي المخلّص وأُفرغ حتى الثّفل، لكي نشرب نحن كأس الخلاص (المزمور ١١٦: ١٣).

"«إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟»" هذه الكلمات بالآرامية، ونجدها في الآية الأولى من المزمور ٢٢. إنها تدلنا، كما لا يمكن لغيرها أن تفعل، على معنى أن يأخذ يسوع المسيح مكان الخاطئ ويحتمل في نفسه الإحساس بالتخلي الإلهي، الذي سيختبره الخطأة غير التائبين.

"«هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا»"، أي النبي إيليا. كانت هذه كلمات شخص لم يفهم اللغة الآرامية وظن أن بقوله "إِلُوِي" إنما ينادي إيليا النبي.

"فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خَلاًّ". نعلم من (يوحنا ١٩: ٢٨، ٢٩)، أن ذلك كان رداً على قول يسوع "«أَنَا عَطْشَانُ»"، وذلك مع تلاشي الظلمة. لقد تداعت إلى فكره نبوءةٌ ما كانت قد تحققت بعد (مزمور ٦٩: ٢١)، وإزاء صراخه، مُلِئت إسفنجة بخلّ وقُرِّبَتْ إلى شفاهه الظمأى.

الكأسان:

لقد رفض الرب يسوع المسيح كأس الخمر الممزوج بالمرّ، ولكنه شرب من كأس الخلّ. لقد كانت الأولى بغاية إفقاده الحس. وما كان ليرضى بذلك. أما الأخرى فكانت ترمز إلى حموضة ومرارة موقف الإنسان نحوه. وهذه قبلها دون تذمر.

"صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ". لم يَمُتْ يسوع من الإنهاك. لقد فارق الروح عندما اكتمل كل شيء (متى ٢٧: ٥٠).

"ﭐنْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ". يد الله هي التي شقت ذلك الحجاب إلى شطرين، رمزاً إلى أن الطريق إلى الأقداس قد صار مفتوحاً الآن (عبرانيين ١٠: ١٩، ٢٠). ما عاد الله بحاجة بعد لأن يبقى محتجباً في الظلام الدامس (٢ كورنثوس ٦: ١). لقد أمكنه أن يخرج إلى النور، وصار بمقدور الإنسان أن يدخل إليه بكل ثمن دم المسيح الذي يطهّر ( ١ يوحنا ١: ٧).

"«حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!»". مقتنعاً بما رأى وسمع، أعلن قائد المئة، المسؤول عن تنفيذ الصلب، إيمانه الشخصي بفوق طبيعية حامل الآلام القدوس الذي مات لتوه على ذلك الصليب.

إن صلب ربنا يسوع كان أكثر من مجرد استشهاد في سبيل الحق، مع أنه كان كذلك أيضاً. إن الشاهد شهيد. ولكن الصليب كان بغاية إظهار بغض الله للخطيئة ومحبته غير المحدودة للجنس البشري الضال. علينا ألا نفكر بالجلجثة وكأنها مجرد موضع موت إنسان بريء عن أناس آثمين. لقد كانت تشير إلى الله وقد قدّم نفسه في شخص ابنه ليتحمل الدينونة التي كان الناموس يعتبرها شرعاً قصاصاً للخطية. فهناك "المُساءُ إليه حرّرَ المسيء أو المذنب".

"وَكَانَتْ أَيْضاً نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي وَسَالُومَةُ ﭐللَّوَاتِي أَيْضاً تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ إِذْ كَانَ الاِسْتِعْدَادُ - أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ - جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ مُشِيرٌ شَرِيفٌ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعاً. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. فَاشْتَرَى كَتَّاناً فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتاً فِي صَخْرَةٍ وَدَحْرَجَ حَجَراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ" (١٥: ٤٠- ٤٧).

هناك أمرٌ يثير الشفقة على نحو محزن في هذه الجماعة الصغيرة من النسوة المؤمنات اللواتي كن يحببن الرب يسوع المسيح، واللواتي رحن ينظرن إلى ما يجري مذهولات ومتحيرات، بلا شك، ولو على مبعدة، وهم يرون ذاك الذي آمنوا أنه المسيا الذي ينتظره إسرائيل، الملك الممسوح من الله، يموت على صليب الخزي.

يذكر مرقس امرأتين تحملان الاسم مريم: مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي- أي يعقوب ويهوذا، وهما اثنان من الرسل. إنه لا يذكر مريم أم ربنا. ولكننا نعلم، من إنجيل يوحنا، أنها كانت واقفة عند الصليب إلى أن أوكل ابنُها المحتضر إلى الرسول يوحنا الحبيب أمرَ العناية بها.

وكانت سالومة وبقية النسوة ضمن تلك الجماعة التي كانت قد جاءت من الجليل لكي يكونوا قربه ويسمعوا العظات والرسائل الثمينة التي كان يقولها. ما الأفكار التي كانت تراود خاطرهن وهن يرونه في الظاهر عاجزاً لا حول له ولا قوة في قبضة أعدائه؟ هل تذكّرن ما كان تلاميذه قد نسوه: بأنه كان قد وعد بأنه سيقوم من الموت في اليوم الثالث؟ يبدو أنهن لم يتذكرن ذلك، إذ نجد فيما بعد أن قيامته كانت بالنسبة لهن كما بالنسبة لكل أصدقائه أمراً عجيباً مذهلاً.

لقد كتب أشعياء قبل سبعمئة سنة أنه سيُوضع مع الأغنياء عند موته. ولذلك فعندما أسلم حياته فعلياً، يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وهو عضو في مجلس إسرائيل الأعلى، وأحد التلاميذ سراً، والذي كان ينتظر ملكوت الله، خرج الآن إلى العَلَن، مُبدياً انتماءه إلى المسيح المنبوذ بذهابه بجرأة إلى بيلاطس وطلبه جسد المخلّص المصلوب.

كان أولئك الذين يُحكم عليهم بالموت على ذلك النحو يبقون مطولاً معلقين على الصليب، ليس فقط لساعات بل حتى لأيام، إلى أن يريحهم الموت من آلامهم. ولذلك بالكاد أمكن لبيلاطس أن يصدّق أن يسوع كان قد مات. فاستدعى (بيلاطس) قائد المئة الذي كان مسؤولاً عن تنفيذ الإعدام وسأله إذا ما كان يسوع قد مات. عندما أكدوا له صحة ما سمعه أمر بإعطاء جسده إلى يوسف، الذي اشترى كتاناً وأنزل الجسد عن الصليب بوقار وإجلال، وبحسب عادات اليهود في الدفن، لفّه بالكتان ووضع الجسد الكريم في قبر جديد، وهو ضريح كان منحوتاً في صخرة قرب مكان الصلب. وبعد أن دحرج حجراً ضخماً على مدخل الضريح مضى في حال سبيله.

وقفت مريم المجدلية ومريم الأخرى على مبعدة ترقبان ما يجري، وتنظران أين وُضِعَ. لقد كانتا تفكران، كما نعلم، أن تعودا إلى القبر حالما ينقضي يوم السبت، وأن تضمخا، كما يليق، الجسد الذي كان قد وُضِعَ على عجل في القبر، ولكن ما كان لهذا أن يحدث؛ فالله كان على وشك أن يُظهر قوته ويعبّر عن تأييده للعمل الذي قام به ابنه الحبيب بإقامته له من القبر في انتصار.