الجزء ٣: الأصحاحات ١٠:‏٤٦ - ‏١٦:‏٢٠
اكتمال رسالة الرب
القسم (١) -١٠:‏٤٦-‏ ١٣:‏٣٧

الجزء ٣ – الأصحاح ١٠:‏٤٦-‏٥٢

الملك المرفوض

"وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!» فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيراً: «يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي». فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ. قُمْ. هُوَذَا يُنَادِيكَ». فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: «يَا سَيِّدِي أَنْ أُبْصِرَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ﭐذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ" (١٠: ٤٦- ٥٢).

"كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي". بالنسبة لهذا المتسول البائس الفاقد البصر، كان مجيء الرب يسوع في ذلك اليوم ليعني انفتاح عينيه جسدياً وروحياً. "ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!»". لم ينتظر أن يدعوه يسوع أولاً، بل "لَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ"، صرخ في الحال طالباً المعونة التي كان في أمسّ الحاجة إليها. ولا بد أن هكذا إيمان قد راق لقلب الرب.

حاول كثيرون من الذين كانوا في الحشد الذي تبع يسوع وهو يجتاز المدينة أن يُسكتوا المتسول الأعمى، ولكن إيمانه كان أكبر من أن يثنيه اعتراضهم، واستمر يصرخ: "«يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي»". إذ كان على يقين في نفسه أن يسوع كان في الحقيقة المسيا المُتنبّأ عنه، الذي هو من نسل داود، فقد عرف أن يسوع كان يستطيع أن يفتح عينيه إن أمكنه أن يسترعي انتباهه.

إن إيماناً مثل ذاك الذي لبَارْتِيمَاوُس لا يمكن أن يخيب لدى السؤال. لقد وقف يسوع وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى المتسول. ولا بد أن فرحة كبيرة قد غمرت قلب ذلك البائس عندما قالوا له: "«ثِقْ. قُمْ. هُوَذَا يُنَادِيكَ»".

وإذ طَرَحَ رِدَاءَهُ الخارجي عنه، َقَامَ على عجل وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ، مُقاداً بشخص لطيف ما في الحشد.

فسأل الرب بحنو: "«مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟»" لقد كان يعرف تماماً رغبة قلب بَارْتِيمَاوُس، ولكنه رغب منه أن يبدي اعترافاً علنياً بحاجته. فقال بَارْتِيمَاوُس: "«يَا سَيِّدِي أَنْ أُبْصِرَ»".

"فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ". لقد كُوفِئَ إيمانُه في الحال. لقد منحه يسوع سؤله وأعطاه يقيناً إضافياً قائلاً: "إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ". في غمرة حماسته وامتنانه تبعَ بَارْتِيمَاوُس يسوع في الطريق، رغم أنه ما من دليل على أنه قد دُعِيَ ليكرّس كل وقته للشهادة للمسيح.

يا لها من شهادة كان ليقدمها عن الحنو والقوة الشافية لذاك الذي هتف له بابن داود.