الرِّسَـالة ٥٢
هل يَسُوعُ المَسيحُ هُوَ الطريقُ الوَحيدُ إلى الله؟
كلف نيتيل
Is Jesus Christ the only way to God?
حلقة جديدة مِنْ سلسلة : سُؤالٌّ حَيّرنِى وجَوَابٌ أقنعنِى.
وسؤال هذه الحلقة : هل يَسُوعُ المَسيحُ هُوَ الطريقُ الوَحيدُ إلى الله؟
يُجيبنا على هذا السؤال Cliffe Knechtle١
فى كتابهِ : Give me an answer that satisfies my heart and my mind.
وقد حصلنا على تصريح كتابىّ مِنَ الناشر بالترجمةِ إلى اللغةِ العربيّة.
فى مدينة Massachusetts وجّه أحَدُهُم إلى هَذا السؤال مُعترضاً: أوَليس قصَرُ نَظر وضيقُ أفق أنْ تقولَ: إنّ يَسُوع المَسيح هو الطريقُ الأوْحَدُ إلى الله؟!. ثمّ قالَ: إنّ يَسُوعَ المَسيح ومُحمداً وكريشنَا رُمُوز تشيرُ إلى الله ولا يَجوزُ لكَ أن تحَدّد مَعرفة الله بيسوع المَسيح وحده.. ألا تعلم أنَ أديان العَالم الكبرى جَميعُها تشيرُ إلى نفس الإله؟. إنّ جَميعَها تؤدى إلى نفس الهدف.. أوَليسَ كذلك؟!
إنّ إجابتى على هذا السؤال تنحصرُ فيما يلى: إذا كانتْ جميعُ الأديَان تشيرُ إلى الله عزّ وجلّ فمِنَ المنطقىِّ أنْ تقولَ جميعُ الأديان قولاً واحداً أساسيّاً عن الله.. ولوَجَبَ أنْ يكونَ على الأقلّ جَوهرٌ واحدٌ للتعليم عن الله عند الجَميع!. وأنْ يكونَ ذلك الجَوهرُ الواحدُ فى أصُول ومبَادئ كلّ دين مِنَ الأديان.. ولكنْ فى الواقع لو قمنا بفحْص دقيق فى أصُول ومبادئ كلّ دين على حِدَة.. لوجدناها تختلفُ اختلافاً جوهريّاً فى المبَادئ الأساسيّة.
وإن أخذنا الهندوسية على سَبيل المِثال وفحَصْنا كتبَها: Bhagavad-Gita and Upanishad The المَعروفة وغيرها مِنَ المؤلفات الصوفيّة فى الشرق.. لوَجدنا الغمُوضَ المُحيّر فيمَا تحتويهِ مِنْ مَبادِئ وتعَاليم عن الله والمفهُوم الغريب عنْ وَحْدانية الله.. بمَعنى أنّ كلّ مَا يَخطر ببالكَ مِنْ كائنات هى عِندَهم بجُملتها الله عند بعضهم!. واستغفرُ الله فيما يقولون!. ففى عُرفهم أنّ الشخصَ الذى تتحدثُ إليهِ أو تسمعُ لهُ هوَ الله. والشَجرَة عندَهم الله. والتراب الذى تحتَ الاقدَام أيضاً. وكذلك الحَشرة التى تدبٌ على الأرض فى اعتقادِهم هى الله!. والصلاحُ هو الله والشرّ هو الله. والعياذ بالله!. كمَا أنهم يُعلِمُون فى كتبهمْ أنّ اللهَ ليسَ شخصاً بل شيئاً كائناً.
أما اليَهوديّة والمَسيحيّة والإسلام فهذهِ الأديانُ الثلاث. تعلمُ أنّ اللهَ هو الخالقُ٢. ونحنُ لسْنا جُزءاً مِنْهُ بل هوَ جابلنا. كمَا تعلمُ أيضاً هذِهِ الأديانُ الثلاث أنّ اللهَ قدّوسٌ٣. وعَادلٌ٤. كمَا أنهَا تحدّد الفرقَ بين مَا هوَ صَالحٌ وما هوَ طالحٌ. وكذلك تعلمُ هذِهِ الأديانُ الثلاث وحدها أنّ اللهَ لهُ كيانهُ الشخصىّ وفى نفس الوقت لله عَلاقة شخصيّة مَعَ الإنسان الذى خلقهُ وصَوّرهُ عزّ وجلّ.. ولكن يوجَد فرقٌ أساسىّ بينَ المَسيحيّة وسائر الأديان الأخرَى.
إنّ الغالبية العُظمى مِنَ الأديان العَالميّة تعَلِمُ أنّ على الانسان فرائضَ مِنَ المُحتم أنْ يؤدّيها. فيجبُ عليهِ عند بعضهم أنْ يُصلىَ خمسَ مَرّاتٍ يوميّاً مَثلاً. وعليهِ أنْ يدفعَ الزكاةَ ويَصومَ شهراً مُعيناً ويؤدىَ فريضَة الحج إلى مكان مُعيّن. والامتناعُ عنْ أطعمَة مُعينة وحِفظ يومَ السَبت مَثلاً عند بعضهم فلا يُؤدِى فيهِ عَمَلا مَا. والذِهابُ إلى مَكان العبَادَةِ بانتظام. وارتداء غطاء خاصّ للرأس عند السيخ مثلاً.. ومُمَارسَة حياة الزهْدِ والتقشف وغير ذلك كثيرٌ مِمّا لا يُعَدّ وَلا يُحْصَى مِنَ الطقوس والتقاليد.. وفى ذلكَ يختلفُ دينٌ عنْ آخر فى طقوسِهِ وتقاليدِهِ.. وإنْ أنتَ أديتَ بَعضَ هذِهِ الفرائضَ والطقوسَ الموضوعة.. مَهدْتَ لنفسِكَ طريقاً إلى Nirvana أو إلى السماء أو إلى الله.. كلّ دين حَسَبَ مَا يُعَلمُ فى فرائضِهِ وطقوسِهِ الموضوعة.
المَسيحيّة تختلفُ عنْ سائر الأديان.. إذ إنّ جوهرّ المَسيحيّة هو أن الله أعلن فى الكتاب المقدّس أنّه ليس بفروض أو طقوس نؤديها يرضَى الله علينا أو يُسَرّ بنا٥.. فبالمزمور الحادى والخمسين يقول داود النبىّ: "لأنك لا تسَرّ بذبيحة وإلا فكنْتّ أقدّمُها بمُحرَقةٍ لا ترضَى.. ذبائحُ الله هىَ رُوحٌ مُنكسِرَة.. القلبُ المُنكسِرُ والمُنْسَحِقُ يا اللهُ لا تحْتقرُه".. ولسْنا بأعمال حسَنة نستحق دخولَ السماء لأن أعمَالنا السيّئة تحُول دونَ ذلك.. ولكن مَا دبّره الله بحكمتِهِ كانَ أعظمَ دليل على مَحبته للبشر.. وليسَ بغيره خلاصُنا وتبريرُنا نحنُ الخطاة.. وهذا واضحٌ مَنَ المكتوب بإنجيل يوحنا الأصحاح الثالث: "لانّه هكذا احبّ الله العالم حتى بذلَ ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل مَنْ يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.. لانّه لمْ يرسل الله ابنه الى العالم ليدينَ العالم بل ليخلِصَ به العالم.. الذى يؤمن به لا يُدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد".٦
الحياة الأبديّة المذكورة بالآية السابقة تعنى مكانَ الراحة والسعادة الأبديّة والتواجُد بالقرب مِنَ الله أى فى السماء ويتمتع بذلك الامتياز أولاد الله الذين لهم أسماءٌ مكتوبة بسفر الحياة.. وبسفر رؤيا يوحنا اللاهوتى يُسجل الوحى بالأصحاح الحادى والعشرين هذه الكلمات: "وسمعتُ صوتاً عظيماً مِنَ السماء قائلا: هوذا مَسكن الله مع الناس وهو سيسكنُ معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلها لهم. وسيمسحُ الله كل دمعة مِنْ عيونهم والموتُ لا يكونُ فيمَا بعد ولا يكونُ حزنٌ ولا صراخ ولا وَجَعٌ فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مَضَتْ. وقالَ الجالسُ على العَرش ها أنا أصنعُ كلّ شىء جديداً. وقالَ لى اكتب فإن هذه الأقوال صَادقة وأمينة".
ليسَ بمقدور إنسان أن يصنعَ عَلاقة صَحيحة مَعَ الله بمَجهودَاتٍ يبذلهَا.. كمَا أننا لا نستطيعُ أنْ نصلَ بحياتنا إلى المستوى الذى يتطلبُه الله مِنّا.. ولكنْ شكراً لله فقد أخذ المُبادرة.. إذ أنه لعِظم مَحبتِهِ لنا أتى إلى الأرض كإنسان٧.. لإنقاذ الإنسان مِنْ عقاب الموت الذى يستحقه نتيجة عِصيانِهِ وصايا الله وتمرّده على الله القدّوس العَادل.. لقد جاءَ ابنُ الله مُتجسدا ومات على الصليب مُتحملا قصاص مَعاصينا وذنوبنا نيابة عن كل البشريّة٨.. لقد فعلَ يَسُوع المَسيح شيئاً مِنْ أجلنا مَا كنا نستطيع نحن القيامَ بهِ مِنْ أجل أنفسنا.. إذ أن يسوع عاشَ كاملا٩.. وهو الآن حىّ يَمدّ يَديْهِ لكلّ خاطئ مُقدّماً عَطيّة الغفران المَجانيّة والحياة الأبديّة.. فهل نقبل نعمته وخلاصِهُ أمْ نرفضها؟. الأمرُ يتوقفُ على إرادتنا.. لأنّ الله يريدُ أنّ جَميعَ الناس يَخلصون وإلى مَعرفة الحقّ يقبلون١٠.. كما هو مذكورٌ برسَالة بولس الرسول الأولى الأصحاح الثانى إلى تلميذِهِ تيموثاوس .
ليس هناك مِنْ بين الأديان دينٌ أعلنَ طوال التاريخ البشرى ولوْ للحظة القولَ أنّ هذا مَا فعلهُ الله مِنْ أجلنا.. ليس هناك مَنْ جَاءَ ليخبرَنا أنّ اللهَ أخذ المبادرة بنفسه لخلاص نفوسنا. إنّ الديانات الأخرى هى فى جوهرها مُحاولة الإنسان للوصول إلى الله.. ولكنّ المسيحيّة فى جوهرها هى التعبيرُ العملىّ عنْ المُحاولة العَظيمة الفريدة التى قام بها الله بذاتِهِ لعِظم مَحبته لنا ليصلَ هوَ إلينا وهى مُحاولة تتناسبُ مَعَ جَلال عَظمتِهِ١١.
أدعوكَ عزيزى القارئ أنْ تشترك مَعى فى تلك الصلاة: أبانا السماوى.. أعترفُ بعَجزى وتقصيرى.. إذ أنه لكثرةِ ذنوبى عجزتُ عنْ الوصُول إلى أعتابكَ يا قدّوس.. ولكنْ شكراً لكَ سيّدى فبحبك وصلتَ الىّ.. لقد عرّفتنى شخصك ووهبتنى خلاصك وعضدتنى بقوتِكَ وغمرتنى بفيض مِنْ وعودك الثمينة.. يا مَنْ برأيك تهدينى وبعد إلى مجدٍ تأخذنى.. فى اسم يسوع آتى منحنيا أمام عرشك السَنىّ يا مَنْ قلتَ: مَنْ يُقبلْ إلىّ لا أخرجْهُ خَارجاً.
أخى القارئ العزيز.. إنْ أرَدْتَ سماع تلك الرسالة أو غيرها ستجدُ ذلك فى:
وإنْ أرَدْتَ سماع تلك الرسالة بالإنجليزيّة مِنْ Cliffe Knichtle ستجدُ ذلك فى:
٢. ٢ سفر التكوين ١: ١ – ٣١ ، رسالة بولس الرسول إلى مؤمنى رومية ١: ٢٥
٣. ٣ سفر صموئيل الأول ٢: ٢ ، رسالة بطرس الرسول الأولى ١: ١٦
٤. ٤ سفر التثنية ٣٢: ٤ ، رسالة يوحنا الرسول الأولى ١: ٩
٥. ١ سفر المزامير ٥١: ١٦ – ١٧ ، رسالة بولس الرسول إلى مؤمنى رومية ٣: ١٢
٦. ٢ إنجيل يوحنا ٣: ١٦ – ١٨ ، سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى ٢١: ٣ – ٥
٧. ٣ رسالة بولس الرسول إلى مؤمنى فيلبى ٢: ٥ – ١١
٨. ٤ رسالة بولس الرسول إلى مؤمنى غلاطية ٢: ٢٠
٩. ٥ إنجيل يوحنا ٨: ٤٦
١٠. ٦ رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس ٢: ٤
١١. ٧ إنجيل يوحنا ١٥: ١٣